خلافات بين موسكو وبروكسل حول خطوط أنابيب الغاز لإمداد أوروبا

ألمانيا تطالب بدمج الأنابيب الرئيسية وروسيا تعارض

TT

دخل مسؤولو طاقة روس وأوروبيون في خلافات علنية أول من أمس الأربعاء، حول الطريقة التي يمكن للاتحاد الأوروبي من خلالها تنويع إمداداته من الغاز الطبيعي، مع دفاع كل جانب عن مشاريعه الخاصة وتأكيده على أنها تمثل الطريقة الأفضل لضمان تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة في أوروبا.

وتورد روسيا نحو ربع الغاز الأوروبي، وتستأثر أوروبا بنحو 40 في المائة من إجمالي صادرات الغاز الروسية، مع اعتماد الكثير من دول أوروبا الشرقية بشكل كامل على الغاز الروسي، حسبما ذكرت المفوضية الأوروبية. وقال خبراء إن مصدّري الغاز إلى أوروبا سوف يواجهون منافسة متزايدة من مصادر أخرى للطاقة مثل الغاز الطبيعي المسال. وقد أدى هذا بدوره إلى إثارة مسائل تتعلق بالجدوى الاقتصادية لمشاريع خطوط الأنابيب المكلفة التي يتم مدها للسوق الأوروبية.

واقترح يوشكا فيشر وزير الخارجية الألماني الأسبق دمج ثلاثة خطوط أنابيب كبرى للغاز تم التخطيط لها من قبل شركات أوروبية بغرض تقليل اعتماد الجبهة على الواردات الروسية. وقال فيشر مساء أول من أمس خلال مؤتمر الغاز الأوروبي السنوي الذي عقد بمدينة فيينا: «يجب أن ندمج المشاريع الأوروبية. وسوف يتم دمج المصالح التجارية، ولكن الأهم من ذلك هو أن هذه الخطوة سوف تسمح لأوروبا بتنويع مصادر الطاقة الموجودة لديها». ويعمل فيشر كمستشار لشركة «آر دبليو إي»، وهي شركة ألمانية للطاقة لديها اهتمام بمشروع خط أنابيب «نابوكو». وسوف تعني مقترحات فيشر، إذا حظيت بالتأييد المطلوب، دمج خط أنابيب «نابوكو»، أحد أكبر مشاريع الطاقة الطموحة في الاتحاد الأوروبي، مع خط الأنابيب الذي يمر عبر الدول الواقعة على البحر الأدرياتيكي، والذي يعرف اختصارا باسم «تاب»، وخط الأنابيب الذي يربط بين تركيا واليونان وإيطاليا، أو ما يعرف اختصارا باسم «آي تي جي آي». وسوف توضع هذه المشاريع، التي يتم تمديدها بواسطة اتحادات من الشركات الأوروبية، تحت مظلة لقب «ممر الغاز الجنوبي».

ويمكن أن تزود، خطوط الأنابيب الثلاثة مجتمعة، بمجرد انتهاء العمل فيها، أوروبا بنحو 53 مليار متر مكعب، أو 1.87 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي سنويا. وقد وصل استهلاك الغاز الطبيعي في أوروبا إلى 470 مليار متر مكعب خلال عام 2010، ومن المتوقع أن يرتفع إلى أكثر من 600 مليار متر مكعب على مدار الأعوام الخمسة والعشرين التالية.

ولم يبدأ العمل بعد في مشروع «نابوكو»، وهو مشروع تصل تكلفته إلى 8 مليارات يورو، أو 10.9 مليار دولار، أو مشروع «تاب» الذي سوف يتكلف نحو 1.6 مليار يورو. ومن المتوقع أن يتكلف مشروع «آي تي جي آي» 1.1 مليار يورو. واستبعد فيشر بوضوح خط الأنابيب الجنوبي، الذي يتم تمديده تحت البحر الأسود بواسطة شركة «غازبروم»، وهي شركة حكومية روسية، من ممر الغاز الجنوبي.

وقال فيشر: «لن يزيد خط الأنابيب الجنوبي من تنويع مصادر الطاقة الموجودة لدينا. إنه مشروع روسي».

ورفض فاليري يازيف رئيس جمعية الغاز الروسية تصريحات فيشر، وأشار إلى أن خط الأنابيب الجنوبي يضم شركاء أوروبيين. وقال يازيف: «خط الأنابيب الجنوبي يمكن أن يمثل شريكا معتمدا. وسوف يسمح لأوروبا بتنويع وتحسين أمن الإمدادات الأوروبية». وأضاف أن خط الأنابيب الجنوبي سوف يسمح لروسيا بتقليل اعتمادها الخاص على دول العبور مثل أوكرانيا عبر نقل الغاز مباشرة إلى جنوب أوروبا، وهو ما قد يمنع بهذا من حدوث اضطرابات في إمدادات الطاقة لأوروبا.

ومع مطالبة الصين والهند بالحصول على المزيد من إمدادات الطاقة في ظل توسع اقتصاداتها، قال فيشر إن الدول الغنية بالطاقة في آسيا الوسطى مثل أذربيجان وتركمانستان كانت في وضعية متميزة تمكنها من تقديم إمدادات للأسواق الشرقية والغربية. ودأب الاتحاد الأوروبي على مغازلة أذربيجان وتركمانستان من أجل بيع الغاز إلى ممر الغاز الجنوبي. وزار كل من جوزيه مانويل باروسو، رئيس المفوضية الأوروبية، وغونتر أوتينغر، مفوض الطاقة الأوروبي، الدولتين منذ أسبوعين في استعراض للدعم السياسي لهاتين الدولتين.

ولكن أذربيجان وتركمانستان لم تقررا بعد كمية الطاقة التي سوف يتم شحنها، والطرق التي سوف تستخدمها كلتا الدولتين أو حتى متى سيتم اتخاذ هذه القرارات.

وقد منعت الشكوك المرتبطة بالإمدادات مستثمرين من الاستثمار في مشروع خط أنابيب «نابوكو» مع انتظارهم لرؤية ما إذا كانت ستتوافر كميات من الغاز تكفي لتشغيل خط الأنابيب، الذي من المفترض أن يعمل عند اكتماله بطاقة تشغيل سنوية تصل إلى 31 مليار متر مكعب.

وقالت جينيفر كوليدغ، المديرة التنفيذية لشركة «سي إم إكس كاسبيان آند غلف كونسالتانتس»، وهي شركة استشارية تعمل في مجال الطاقة، وتتخصص في منطقة بحر قزوين: «سوف تكون الشهور القليلة القادمة حاسمة في ما يتعلق بالقرار الذي سوف تتخذه أذربيجان».

وقد يحدد قرار أذربيجان مصير خط أنابيب «نابوكو»، حسبما ذكر جوناثان ستيرن، مدير أبحاث الغاز في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة.

خدمة: «نيويورك تايمز»