بوز آند كومباني: 5 عوامل يجب أن يتفاعل معها قطاع المقاولات الخليجي

الأزمة المالية أخرجت متغيرات جديدة في القطاع الضخم في دول المجلس

شركة بوز اند كومباني دعت شركات المقاولات إلى التفاعل مع 5 متغيرات شهدها القطاع في الخليج بعد الازمة المالية العالمية.(تصوير: خالد الخميس)
TT

حدد تقرير اقتصادي 5 عوامل تحتاجها شركات المقاولات الخليجية لفهمها، حتى تتمكن من الاستفادة في الطفرة المقبلة المبنية على الطلب الاقليمي، في خطوة وصفها التقرير بحاجة الشركات اجتياز مرحلة الانكماش، والتي صاحبت المتغيرات الاقتصادية كالتفاعل مع تداعيات الأزمة المالية بأشكالها المختلفة في كل دول مجلس التعاون الخليجي.

واشارت شركة «بوز اند كومباني» العالمية في تقريرها الحديث إلى أن الشركات التي تستخدم الخدمة تؤخّر الدفع، فيما ضغط الأسعار في مختلف الأسواق أصبح أكثر وطأة، والمشاريع التي أطلقت ثم جمّدت تشكل عبئا على ميزانيات المقاولين، في المقابل فإن المصارف تشدد معايير الإقراض للمقاولين الرئيسيين، الامر الذي يجعل المقاولين يعملون في بيئة أكثر صعوبة.

واشار احمد يوسف الشريك في شركة بوز اند كومباني أن المقاولين الذين يصمدون في وجه هذه التغيّرات الدورية عليهم التعامل مع واقع أن قطاعهم بكامله شهد تحولا أساسيا، علما أن معظم المقاولين لم يستجيبوا لذلك عبر تكييف نماذج عملهم، واضاف تحتاج الشركات التي تجتاز مرحلة الانكماش، إذا كانت تأمل في الاستفادة من الطفرة المقبلة في الطلب الإقليمي، إلى فهم خمسة عوامل والتفاعل معها.

وأكد يوسف أن تقرير «بوز اند كومباني» حدد التغيّر الأول فيما يطال حجم المشاريع وتعقيدها، حيث كانت في العقد الماضي، تتغير الأوصاف في هذا القطاع من صغيرة وبسيطة وفردية، إلى هائلة ومعقدة ومنسقة، وبدلا من المشاريع الصغيرة والمتوسطة المعتادة التي تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار، سيواجه المقاولون مشاريع بمليارات الدولارات، غالبا ما تتعلق بالأشغال العامة المعقدة، والنظم الكهربائية والميكانيكية، والبنى التحتية الحيوية الأخرى.

وتابع الشريك في شركة بوز اند كومباني «تتطلب بعض المشاريع العملاقة، مثل برج خليفة وجزيرة النخيل، منجزات غير مسبوقة في الهندسة المعمارية والمدنية. ولعل الأكثر دلالة في هذا الاتجاه، إعلان شركة المملكة القابضة في السعودية عن خطط لبناء برج يرتفع ميلا في جدة، وهو مشروع تبلغ قيمته مليارات الدولارات وسيكون بمثابة اختبار لما وصلت إليه الهندسة المدنية وعلم مواد البناء».

وأكد إلى أن نتيجة ذلك، يحمل المقاولون مجموعات مشاريع أكبر بكثير مما كانوا يفعلون قبل عشر سنوات فقط. على سبيل المثال، كانت واحدة من أكبر شركات المقاولات في دول مجلس التعاون الخليجي تدير عام 2005 مجموعة مشاريع قيمتها نحو 1.8 مليار دولار، وبحلول نهاية العقد، فاقت محفظة الشركة نفسها 5 مليارات دولار. وتتطلب المشاريع من المقاولين أن يكونوا أكثر اعتمادا على مجموعة من المقاولين الثانويين، الذين يكونون على درجة عالية من التخصص، وإلى تولي إدارة هؤلاء غالبا وفق شروط صعبة تتعلق بالمواعيد النهائية لإنجاز العمل وتوقعات تتصل بالجودة. من جهته قال شادي زين المستشار الاول في شركة بوز اند كومباني إلى أن التغير الثاني يتعلق بتوقعات الشركات التي تستخدم الخدمة، بما أن المخاطر الخاصة بالشركات التي تستخدم الخدمة ارتفعت والرساميل أصبحت أكثر ندرة، فإن هؤلاء يظهرون اهتماما أكبر بمشاريعهم وبنشاطات المقاولين.

وتابع «في حين كانت الشركات التي تستخدم الخدمة تركز أساسا على عنصرَي الوقت والميزانية، فإنها صارت الآن أكثر انخراطا في كل مرحلة من مراحل عملية تنفيذ المشروع، مهتمة بالجودة والأثر البيئي والعناصر الرئيسية الأخرى، وابتعدت عن النموذج الذي يقضي بالاعتماد كليا على المقاولين للقيام بعمليات التخطيط والتنفيذ المختلفة، مع تطبيق إشراف محدود ومراقبة الجودة عن طريق أفراد أو لجان مختصة».

وأكد أن الشركات اليوم تستخدم بشكل متزايد الاستشاريين ومكاتب إدارة البرامج بهدف الرصد وتقديم تقارير منتظمة بنوعية عمل المقاولين وأدائهم. وعلاوة على ذلك، بات لدى الشركات التي تستخدم الخدمة اطلاع أكبر على عمليات المقاولين ومحفّزات القيمة، مما يتيح لها إمكان المطالبة بشروط أكثر تنافسية في ما يخص الأسعار، والمواعيد، والجودة، ومتغيرات رئيسية أخرى.

وتابع شادي «شمل التغير الثالث المشهد التنافسي في ظل إعادة توزّع النمو في المنطقة جغرافيا وقطاعيا. وفي بعض الأسواق، اشتدت المنافسة بعدما جذب النمو الجديد اهتماما من لاعبين اقليميين ودوليين: على سبيل المثال، تتوسع «اربتك»، التي تعمل أساسا في دولة الإمارات، في أسواق جديدة مثل قطر والسعودية من خلال مشاريع مشتركة مع شركاء محليين؛ وتقوم دريك اند سكيل بعمليات استحواذ لتوسيع وجودها في بلدان مثل الاردن وليبيا وعمان».

ولفت التقرير إلى أن تلك المنافسة الجديدة ستؤثر على المقاولين بمجموعة متنوعة من الطرق، تتوقف على أحجامهم، فقد تعيد الشركات الصغيرة تشكيل أنفسها على أساس أنها من المقاولين الثانويين المتخصصين؛ إلا أن شركات أخرى قد تضطر لوقف العمل، أما الشركات المتوسطة الحجم فقد تغير نظام عملها بغية استهداف أسواق جديدة، أو قد تندمج مع سواها لإقامة مشاريع مشتركة وتحالفات مع منافِساتها لزيادة حجمها وقدراتها، وتحقيق المستوى الأمثل من التكلفة. واضح التقرير أن المقاولين الكبار قد يسعون لإجراء عمليات استحواذ استراتيجية أو عقد شراكات مع شركات متخصصة من أجل الوصول إلى قطاعات أو تكنولوجيات جديدة، وتعزيز قدرتهم على المنافسة.

واوضح مارك ألبير هاماليان مستشار أول في بوز اند كومباني، أن التغيّر الرابع يتمحور في سلسلة التوريد، فيما تمارس الشركات التي تستخدم الخدمة المزيد من السيطرة على إدارة المشاريع، فإنها تدفع المقاولين لتحمل مستويات أعلى من المخاطر.

واستشهد البير هاماليان بأن يؤدي الانتقال في كثير من الاحيان من نموذج التكلفة زائد نسبة من الربح سيؤدي إلى نموذج العقود ذات الاسعار الثابتة، بالمقاولين إلى تحمل مخاطر جديدة مثل التقلبات في اسعار المواد الخام، داعيا المقاولين إلى إدارة التكاليف في شكل أكثر حزما ووضع خطط للحد من احتمالات تجاوز التكاليف الأساسية.

وتابع «بالإضافة إلى ذلك، يعني التعقيد المتزايد للمشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي أن المواد نفسها باتت أكثر تعقيدا، وقد دفعت المعايير التنظيمية للبناء، التي ينبثق بعضها من سياسات بيئية أكثر صرامة، المقاولين إلى تطوير طرق فعالة للحصول على المواد واللوازم المتخصصة، مثل المواد العازلة الخاصة».

وشدد على أن هذه النزعة تؤثر كذلك في الاحتياجات من المعدات الثقيلة، حيث ألقى تعقيد مشاريع عبئا جديدا على المقاولين في الحصول على كمية كبيرة من المعدات المتطورة والمتخصصة للمشاريع، مع العلم أن هذه المعدات قد تبقى بلا عمل وتتدنى قيمتها عندما تتراجع الأسواق، وقد مثلت هذه النزعات في الحصول على المواد والمعدات تحديا للمقاولين في ما يتعلق بالتركيز على تحسين إدارتهم للمخاطر المالية من خلال التحوط وعلى تحسين خططهم لسلسلة التوريد.

قال كريم سعادة المستشار في «بوز أند كومباني» إلى أن التغيّر الأخير يتعلّق بنماذج التمويل، حيث كان في إمكان المقاولين في السابق الحصول على رأس المال العامل للمشاريع سواء من خلال التدفقات النقدية الداخلية أو عن طريق القروض المصرفية المضمونة على أساس سمعتهم، الا أن الأزمة المالية الأخيرة وازدياد حجم المشاريع ونطاقها يمنعان الآن شركات المقاولات من استخدام التدفقات النقدية للمشاريع وحدها، والواقع أن بعض المشاريع تتطلب التمويل الموافَق عليه مسبقا كجزء من الصفقة. وأكد إلى أنه بناء على ذلك تسعى الشركات لبناء هيكليات تمويلية أكبر وأكثر تعقيدا تشمل مصارف عدة، موضحا أنه عقب أزمة الائتمان، اختفت إلى حد كبير عمليات الإقراض المستندة إلى الاسم، وأصبح التمويل يمثل مشكلة للكثير من شركات المقاولات، والأهم بحسب تعبير سعادة أن بيئة التمويل الجديدة عززت ضرورة توافر الشفافية المالية ووجود نظم فعالة للإدارة النقدية. وعلى الرغم من أن بعض الشركات تجد صعوبة في تلبية هذه المتطلبات، يرجّح أن تكون النتيجة النهائيـــة قطاعا يتسم بانضباط مالي أقوى عموما.

ويخلص التقرير الى أن شركات المقاولات، التي نالت دَفعا خلال الأزمة الاقتصادية بفضل عدد كبير من المشاريع الحكومية العملاقة، ستجد أنها مضطرة قريبا لمواجهة التغيرات الأساسية التي تحدث في هذا القطاع، وسيكون عليها درس قدراتها لتحديد مكامن قوتها والمجالات التي يمكن أن تهيمن على السوق فيها بواسطة منتجاتها وخدماتها، وإعادة تشكيل نماذج عملها وفقا لذلك.

واوضح التقرير أن النتيجة النهائية تكون تبسيطا أكبر للعمليات، ومواقف أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الرئيسية، وأسسا أقوى للبناء عليها. وستجني الشركات التي تعيد رسم نموذج عملها لسد أي فجوات قائمة فوائد جيدة فيما تتعزز الأسواق ككل من حولها، وتنال هي بالتالي حصصا ريادية في الأسواق.