لهذا نطالب بهيئة لإدارة الأزمات

سعود الأحمد

TT

الأحداث والظروف والكوارث والأزمات أمر طبيعي، ولذلك تسمى الطبيعية. والمسألة سهلة التأكيد بالنظر إلى بقية دول العالم المتقدم وعلى مر التاريخ، فليس هناك من هو بمنأى عن الأزمات. لكنهم في علم الاقتصاد يصنفون الأحداث والعوامل ذات الأثر المالي إلى: عوامل كان يجب تلافي تأثيراتها أو الحد منها Unsystematic. وأخرى طبيعية لا يمكن تلافيها أو الحد منها Systematic. وهنا يأتي دور التأهب والجاهزية للكوارث والخطط البديلة للتقليل من التضحيات والنفقات. وربما يكون أساس المشكلة أن ثقافة مجتمعات الدول النامية (بطبيعتها) تميل إلى التعامل مع الأحداث كردود أفعال، ولا تستشعر الأخطار المحتملة وتتحسب بما يجب عمله فيما لو حدثت! وهذا ما نلاحظه من تغطيات وسائل الإعلام وتعليقات معظم الكتابات على سيول جدة. والنتيجة ها هم سكان جدة (وللمرة الثانية) عند نزول سيول لا يجدون من يخبرهم ماذا يصنعون.. وأين يذهبون.. ومع من يتحدثون.. ولا أين هي مراكز الأمن والسلامة؟! فالطلاب محاصرون بمدارسهم وجامعاتهم والموظفون منقطعون بمقار عملهم.. والبعض يتنقل بدبابات الجسكي.. فأين هي فرق الإنقاذ؟! وأي عدد يكفي لنجدة هؤلاء؟! وأين هي الجهة التي تنسق جهود مختلف الجهات المشاركة؟! وفي النهاية ها هي إدارة المصروفات العامة بوزارة المالية على أهبة الاستعداد لتنفق بلا حساب لنجدة المتضررين وإصلاح التلفيات بأسرع وقت! وعندما كتبت في هذه الزاوية (في 3/1/2011) مطالبا بهيئة متخصصة في إدارة الأزمات، وجدت الفكرة تأييدا وتجاوبا إلا من الجهات الرسمية المختصة. والأحداث تؤكد والحاجة تؤيد مع حادثة سيول جدة (الأربعاء الماضي).. وما أشبه أربعاء 26 يناير 2011 بأربعاء 26 نوفمبر 2010 العام الماضي (لمن يتذكر) يوم أن أفسدت كارثة سيول جدة على المواطنين فرحة عيد الأضحى!.. فماذا عملنا منذ ذلك اليوم؟!.. وقد مرت سنة كاملة على الحادثة التي تكررت! والمطلوب أن نستفيد من هذه الحوادث ونتعامل معها بإيجابية ونوحد جهود الجهات المعنية بمواجهة الكوارث والأزمات في هيئة تسمى «هيئة الأزمات». يشارك في عضويتها جميع الأجهزة المعنية بمواجهة الأزمات، وتعمل على رفع مستوى أداء عمليات الإنقاذ ومعالجة الحالات الطارئة وترشيد المصروفات وما يقدم من مجهودات والرفع من مستوى أداء الجهات المشاركة. وبناء قاعدة بيانات تجمع وتختزل البيانات المتعلقة بالإمكانيات المادية والبشرية والفنية المتوفرة لدى الجهات المعنية من القطاع العام والخاص بما يمكن له المساهمة في مواجهة الأزمات والكوارث والحالات الطارئة. على أن يكون لهذه الهيئة هيكل إداري ونظام أساسي يحاكي مثيلاتها بدول العالم المتقدمة.

صحيح أن الدولة تتحرك عندما تحل الأزمات والأحداث والكوارث الطبيعية. باعتبارها المسؤول والضامن الأخير لتحقيق المصلحة العامة. لكن الجهود لن تكون منسقة والتكاليف تكون باهظة والحسابات لا تخضع لمبادئ المراجعة والتدقيق الحسابي، لأنها نفقات تدخل في حسابات التضحيات، لأنها في سبيل المحافظة على حياة البشر ومكتسبات ومقدرات الوطن الاجتماعية والاقتصادية. وهذه تكون فرصة للنيل من الخزانة العامة للدولة ومطمعا لضعاف النفوس والأنانيين وبؤر الفساد الإداري لاستغلالها لمصالحهم الشخصية. والذي أدعو اليه.. أن نتعامل مع الحوادث والكوارث بطريقة وقائية Proactive لا أن ننتظر حتى تحدث الأزمات والكوارث لتكون معالجاتنا لها كردة فعل Reactive وتكلفنا مضاعفات ما كان يجب أن نتكلف.