خبير بنكي يقدر حاجة مدينة جدة لمشاريع بـ12 مليار دولار لمواجهة السيول

خسائر الأربعاء 26 يناير تبلغ 4.5 مليار دولار.. وقطاع التأمين سيدفع منها 3.4 مليار

تقرير يوصي بتخصيص اموال كافية للمدن الكبرى الأخرى في السعودية حتى لا تتعرض لما تعرضت لها مدينة جدة يوم الأربعاء الماضي
TT

قدر تقرير بنكي صدر أمس في السعودية حاجة مدينة جدة إلى استثمارات رأسمالية في البنية التحتية بنحو 45 مليار ريال (12 مليار دولار) حتى تصلح بنيتها التحتية لتطوير شبكات الصرف الصحي وشبكات تصريف مياه الأمطار وتهئية البنية التحتية لاستيعاب مواسم الأمطار مستقبلاً.

وأوصى التقرير بتخصيص اموال كافية للمدن الكبرى الأخرى في السعودية حتى لا تتعرض لما تعرضت لها مدينة جدة يوم الأربعاء الماضي، والتي تعد الكارثة الثانية التي تتعرض لها المدينة في غضون 15 شهراً.

وقدر التقرير الذي أصدره البنك الفرنسي أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الخسائر التي تعرضت لها مدينة جدة جراء سيول الأربعاء في 26 من يناير (كانون الثاني) الماضي بنحو 17 مليار ريال ( 4.5 مليار دولار)، وقال معد التقرير الدكتور جون اسفيكياناكيس، مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي: إن 13 مليار ريال (3.4 مليار دولار) سيتولى دفعها قطاع التأمين، بينما هناك خسائر بحوالي 4 مليارات ريال (1.1 مليار دولار) غير مشمولة بنظام التأمين.

وأوضح التقرير أن ما حدث في مدينة جدة يعد كارثة حقيقية عاشتها المدينة وسكانها، حيث شدد التقرير على اهمية التعلم من هذا الدرس وأخذ الاحتياطات اللازمة، وتوقع الأسوأ قبل تنفيذ المشاريع البنية التحتية، بما يعني بناء مشاريع تكون ذات جدوى لتلافي الكارثة مستقبلاً.

ولفت التقرير إلى أنه يجب الأخذ في الحسبان بناء مشاريع إسكانية وطرق ذات جودة مرتفعة ويكون لديها القدرة على تحمل الظروف المناخية مستقبلاً التي قد تواجهها مدينة جدة أو غيرها.

وقال الدكتور جون لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الخسارة في جدة ليست أموال التأمين فقط التي يجب أن تدفع ولكن أيضا تدمير الممتلكات الخاصة، وهي ليست مؤمنة، وكذلك الأماكن العامة، والطرق والجسور والمباني العامة التي تتطلب صيانة».

وركز التقرير على جانبين أساسيين في مدينة جدة هما بناء المنازل والطرق، حيث داهمت السيول أحياء واسعة في المدينة ودمرت منازل وممتلكات السكان، لأن المدينة لا تتمتع بشبكة تصريف للسيول يمكنها أن تستوعب تدفقات مياه الأمطار، لدرء الخطر عن السكان والممتلكات. وفي جانب الطرق فصل التقرير ونصح بأن تلجأ مدينة جدة كنموذج لبناء شبكات نقل عامة تكون خيار آخر للسكان، للتقليل من الضغط على الطرق الضيقة أصلاً التي تحتاج إلى أموال كبيرة لصيانتها في الفترة الحالية، وكذلك تنفيذ مشاريع تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي والتي ستضغط أكثر على الطرق لأنها تنفيذ في محيطها أو بعد أغلاقها.

وحيث أحتجزت الأمطار المئات في الطرق بسبب كثافة الحركة عليها كما تحولت الأنفاق إلى بحيرات شكلت خطورة حقيقية على سالكي الطرق، كما جرفت السيول عدد كبير من السيارات، وأتلفتها، كان ذلك بسبب لعدم وجود شبكات نقل عام يمكن أن يلجأ لها سكان المدينة وأن تكون بديلا لهم في تنقلاتهم. وقال الدكتور جون: ليست هناك خطط واضحة للنقل العام في جدة وأيضا في السعودية ككل. مشيراً إلى أن الطريقة الوحيدة لبناء شبكات من النقل العام يتجه لها المواطنون ويستخدمونها في تنقلاتهم بديلاً للسيارات الخاصة هو خلق الحوافز لهذا القطاع حتى يكون منافسا وقادراً على النمو، مقترحاً إنشاء شبكات للقطارات داخل المدن لكي تمثل العمود الفقري للنقل العام، لحل أزمة اختناق الشوارع مما يسهل عملية إعادة تهيئة البنية التحتية في مدينة جدة أو غيرها، وتخفيف الحركة على الطرق التي تكاد أن تكون ميتة، مما يعني تكاليف صيانة أقل. واعتبر أن السبيل الوحيد لدى الحكومة هو زيادة أسعار الوقود وفك الدعم الحكومي لها مما سوف يسهل حركة النقل وفك الاختناق وصرف الدعم على الذين يحتاجون له حقا، موضحاً أن هذه الخطوات قد تجعل من قطاع النقل العام وسائل قابلة للاستمرار في السعودية وخيارا أمام السعوديين الذي يعتمدون بشكل كبير على السيارات الخاصة.

وأشار معد التقرير، إلى أنه طبقاً للتقديرات الأولية، فقد انخفض معدّل نمو قطاع البناء السعودي من 4.7 في المائة في عام 2009، إلى 3.7 في المائة في عام 2010. وقال إنه «نظراً إلى الحجم الحقيقي لنشاط هذا القطاع، يبدو أنّ معدّل نموّه الحقيقي يفوق المعدل المقدَّر، الأمر الذي قد يؤدي إلى رفع معدل العام الماضي في سياق المراجعات التي ستجري في وقت لاحق من العام الجاري». مشيراً إلى انخفاض معدل نمو مبيعات الإسمنت من 16 في المائة في عام 2009، إلى 13 في المائة في عام 2010.

وتوقع الدكتور جون أنْ يرتفع معدّل نمو قطاع البناء إلى 4.2 في المائة في العام الجاري، مرجعاً ذلك إلى وجود إنجاز أعداد كبيرة من مشروعات البناء التي أُطلقت لتقليص الفجوة بين العرض والطلب في السوق العقاريّة المحلية. وأضاف هناك العديد من المشروعات الضخمة التي يجري تنفيذها في شتى أنحاء السعودية لتوسيع قطاع البنية التحتية، ففي مكة المكرمة، خُصصت مليارات من الدولارات لتنفيذ مشروعات عديدة لبناء وحدات سكنية وفنادق جديدة، بهدف تلبية احتياجات السياحة الدينية المتنامية.

وختم التقرير بأن قطاع البناء السعودي ينمو بشكل متسارع بفضل عامليْن رئيسييْن، هما: الاستثمار العام السخي في البنية التحتية والنقص الكبير في معروض العقارات السكنية، ففي إطار الخطة التنموية الخمسية التي تنفذها الحكومة السعودية بين عامي 2010 - 2014، تضع ضمن أهدافها بناء مليون وحدة سكنية جديدة، أي بمعدّل مئتيّ ألف وحدة سكنية سنوياً، مشيراً إلى أن النقص في المعروض العقاري في السوق المحلية، رفع أسعار العقارات في العام الماضي بشكل واضح.