خسائر مصر تتضاعف والمخاوف تسيطر على تعاملات أسواق العالم

النفط يواصل التحليق فوق 100 دولار والتأمين على مخاطر الديون في مستويات قياسية

مطار القاهرة الدولي يكتظ بالسياح الذين هجروا مصر بعد الأحداث (أ.ف.ب)
TT

في وقت تتزايد المخاوف العالمية من تداعيات الازمة السياسية في مصر وتحولها تدريجيا إلى أزمة إقتصادية، تتكثف المخاطر في الاسواق العالمية، خاصة وسط المستثمرين في أسواق سندات ديون البلدان الناشئة. وتتسابق وكالات التصنيف الدولية على خفض الجدارة الائتمانية لمصرمع إستمرار الازمة السياسية. وفي أحدث إجراء خفضت وكالة «ستاندرد اند بورز« تصنيف ديون مصر درجة واحدة أمس، وقالت انها قد تخفض تصنيف البلاد بهامش أكبر في غضون ثلاثة أشهر اذا أدت الازمة السياسية إلى زعزعة الاستقرار بدرجة كبيرة. واتبعت المؤسسة خطى وكالة التصنيف الائتماني موديز التي كانت قد خفضت بالفعل تصنيف مصر يوم الاثنين في حين خفضت فيتش الاسبوع الماضي توقعها لمصر إلى سلبي. وقالت «ستاندارد اند بورز« في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه ان الاحتجاجات الحاشدة التي تقترب فيما يبدو من فك قبضة الرئيس حسني مبارك على السلطة ستضر بالنمو الاقتصادي في البلاد وتؤثر سلبا على أوضاعها المالية. وخفضت المؤسسة تصنيف ديون مصر طويلة الاجل بالعملة الاجنبية إلى «BB«من« زائد«BB« وتصنيف ديونها طويلة وقصيرة الاجل بالعملة المحلية إلى «زائدBB« و«B« من «BBB« و«A-3« على الترتيب. ووضعت «ستاندرد اند بورز« التصنيف الائتماني طويل الاجل لمصر قيد المراجعة بالخفض. واضافت في بيان «قد نخفض التصنيف مرة أخرى ربما بأكثر من درجة واحدة في غضون ثلاثة أشهر اذا شهدنا المزيد من الاضطرابات في الاوضاع السياسية». فهنالك مخاوف الطاقة التي يغذيها المضاربون في ظروف الاضطراب رغم وجود فائض كاف من النفط حسب تصريحات وزير النفط السعودي علي النعيمي، حيث قفزت الاسعار بفعل المضاربات إلى أكثر من مائة دولار في الاسواق أمس ولا تزال تواصل صعودها فوق مائة دولار. وقال محللون لـ«الشرق الأوسط» ان بقاء أسعار النفط فوق 100 دولار سوف يهدد الانتعاش الاقتصادي في أميركا وأوروبا وربما يهدد معدلات النمو في الدول النامية، خاصة الدول غير النفطية في آسيا وأفريقيا.

واستمر سعر برميل النفط فوق عتبة المئة دولار الثلاثاء في التبادلات الالكترونية في آسيا وذلك بسبب مخاوف الاسواق من الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها مصر وخطر تأثيرها على حركة النقل عبر قناة السويس بحسب المحللين. وفي التبادلات الصباحية تراجع سعر برميل نفط برنت بحر الشمال تسليم مارس 57 سنتا ولكنه ظل فوق عتبة المائة دولار مسجلا 100.44 دولار. في حين تراجع سعر برميل النفط المرجعي الخفيف لايت سويت كرود تسليم الشهر نفسه 22 سنتا وبلغ 91،97 دولارا. ومصر ليست دولة كبيرة في مجال تصدير النفط ولكنها البلد الذي تمر فيه قناة السويس التي يجتازها يوميا مليون برميل من النفط من الخليج إلى البحر المتوسط. واوضحت اونغ يي لينغ المحللة لدى فيليب فيوتشرز في سنغافورة ان الاسعار تراجعت بعض الشيء في مستهل الجلسة بسبب اقبال بعض المتعاملين على البيع لجني الارباح.

وقالت ان «احد اسباب التراجع هو على الارجح جني الارباح لاننا بلغنا اعلى سعر منذ 27 شهرا«مشيرة إلى ان هذا التراجع ربما يكون موقتا نظرا إلى استمرار الوضع المتأزم في مصر. وشهدت مصر الثلاثاء «تظاهرتين مليونيتين» في القاهرة والاسكندرية تتوجان اسبوعا من التحركات الاحتجاجية غير المسبوقة ضد نظام حسني مبارك. ورغم التطمينات التي صدرت من السعودية تواصلت تكهنات المضاربين في سوق العقود الآجلة.

* تهدئة الاسواق من المنتجين ووكالة الطاقة الدولية

* لتهدئة الاسواق قال رئيس وكالة الطاقة الدولية أمس الثلاثاء ان سوق النفط لا تواجه أي طوارئ وذلك بعد يوم من وصول أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل بسبب الاضطرابات في مصر. وقال نوبو تاناكا لرويترز «ليست هناك حالة طوارئ الان». وأضاف مشيرا إلى كل من وكالة الطاقة الدولية و»اوبك» انه اذا تعطلت الامدادات «فينبغي لنا التحرك». وقفزت أسعار النفط بسبب التوتر في مصر. وسجل مزيج برنت خام القياس الاوروبي 100 دولار للبرميل للمرة الاولى منذ 2008 بسبب مخاوف من امتداد الاضطرابات إلى دول أخرى في الشرق الأوسط الذي ينتج مع شمال افريقيا أكثر من ثلث نفط العالم. وقالت أوبك ان لديها نحو ستة ملايين برميل يوميا من الطاقة الانتاجية الفائضة، أي ما يعادل سبعة في المائة من الطلب العالمي، تستطيع استغلالها لسد أي نقص. وغالبية هذه الطاقة تملكها السعودية. وألمح كل من وزير البترول السعودي علي النعيمي والامين العام لاوبك عبد الله البدري يوم الاثنين إلى أن أوبك لا تعتزم عقد اجتماع قبل اجتماعها المزمع في يونيو (حزيران)، لان الاسواق تتلقى امدادات كافية. واختلفت وكالة الطاقة الدولية و»أوبك» مرارا بشأن مستويات الطلب والانتاج اذ تنتقد «أوبك» الغرب لرفعه ضرائب الوقود ومطالبته المنتجين بمزيد من الخام في نفس الوقت. وقال تاناكا «ما نطلبه من أوبك هو أن تكون مرنة».

* ارتفاع المخاطر ومخاوف المستثمرين:

* فاجأت الانتفاضة المصرية العالم وربما تدفع للتركيز من جديد على المخاطر السياسية في الاقتصاديات الناشئة في وقت ترتفع فيه أسعار المواد الغذائية وأسعار الوقود مما يزيد من مخاوف المستثمرين من سياسات غير تقليدية أو لكبح الاستثمار. وقد يدفع ذلك المستثمرين للمطالبة بعلاوة مخاطر أعلى على الاستثمارات وبصفة خاصة في الاقتصاديات الناشئة الشمولية واعادة تسليط الاهتمام على مخاطر سياسية محتملة ومخاطر الخلافة في دول كان ينظر اليها في السابق على انها مستقرة. ويواصل متظاهرون يحتشدون في شوارع القاهرة ومدن اخرى الدعوة لاستقالة الرئيس حسني مبارك في احتجاجات غير مسبوقة اعقبت الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدن بن علي. وقالت تينا فورهام المحللة السياسية في سيتي «التطورات المصرية... تقوض افتراضات الاستقرار السياسي في دول الاسواق الناشئة المعنية في عشية وضحاها تقريبا». ويمكن ان يكون لذلك تأثير على السلع والطاقة والدين الحكومي والعملة وأسواق الاسهم فضلا عن تكلفة التأمين على الاستثمار الاجنبي المباشر. وربما تجعل الاحداث الاخيرة زعماء اخرين أكثر قلقا بشأن الاطاحة بهم من السلطة مما يدفعهم ربما للتحول لدعم الغذاء وفرض قيود على رأس المال واجراءات اخرى ربما تشمل الرقابة والقمع في محاولة لتفادي قلاقل.

وعلى أقل تقدير ربما ترفع الحكومات الانفاق لتهدئة الحشود على أمل تفادي نزولهم للشارع. وربما يزعج ذلك المستثمرين في السندات الحكومية بينما تجار الاسهم والعملات أكثر قلقا من وضع قيود أكبر على دخول وخروج رأس المال. واغلفت البورصة في مصر منذ يوم الخميس مما يمنع اي تحرك للمستثمرين. وقال مايكل جانسك من كوميرتس بنك «ينبغي ان يعلم المستثمرون في الاسواق الناشئة ان مثل هذه الامور تحدث.. ولكن ما حدث ان الناس ينسون. نظروا لدول مثل مصر واطلعوا على الارقام فحسب ـ والتي كانت جيدة ـ وافترضوا ان النظام سيبقى إلى الابد. كان تسعيرهم للمخاطر خاطئا».

ونزلت الاسهم العالمية الاثنين بسبب الاحداث في مصر بينما ارتفعت أسعار النفط متجاوزة مائة دولار لبرميل نتيجة مخاوف من ان تمتد الاضطرابات القلاقل لدول مجاورة وقد تؤثر على صادرات الطاقة عبر قناة السويس. ويؤدي اضطراب أكبر في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار السلع الاولية مما يؤدي إلى تفاقم التضخم في الدول النامية بصفة خاصة والتي ينظر اليها بشكل متزايد على انها محرك ضروري للنمو العالمي.

وقادت المخاوف بشأن التبعات السياسية لارتفاع تكلفة الغذاء الجزائر لزيادة المشتريات من المواد الغذائية بالفعل وادى ذلك لارتفاع أكبر للاسعار العالمية واستنزاف خزانات الدول. ويقلق المستثمرون السياسات غير التقليدية التي يتم انتهاجها لمواجهة التضخم، حيث خفضت تركيا وكينيا أسعار الفائدة على عكس ما تقضي به كتب الاقتصاد التقليدية في هذه الحالة من رفع لاسعار الفائدة وترجع تلك الخطوات لاسباب سياسية محلية. وتجاهل المستثمرون العالميون المخاطر السياسية في الاقتصاديات النامية في السنوات الاخيرة وركز اكثر على مخاطر تتعلق بالسياسات في الدول المتقدمة بصفة خاصة في الدول المضطربة في منطقة اليورو.

وبالتأكيد خفضت الاقتصاديات الناشئة في اوروبا الانفاق بسهولة أكبر من نظرائها في الغرب ولكن مصر اعادت للاذهان بقوة القيود المحتملة الاكبر داخل الدول الشمولية. وبعد تونس ومصر يقول محللون ان الدول القريبة يحتمل ان تواجه مخاطر أكبر من تكرار نفس القلاقل ولكن التبعات قد تمتد لنطاق اوسع عبر دول جنوب شرق اسيا مثل تايلاند ودول وسط اسيا الشمولية. وقالت زينب اسام رئيسة ادارة التنبؤ في شمال افريقيا والشرق الأوسط في اكسكلوسيف اناليسيس «من حيث خطر العدوى تبدو كل من اليمن والسودان والادرن وسورية مهددة». ويختلف المحللون بشأن ما تعنيه أجواء قلق أكبر بشأن القلاقل الاجتماعية وارتفاع اسعار السلع للتوترات المتنامية بالفعل بما يعرف بحرب العملات «بصفة خاصة بين الولايات المتحدة والصين». ويعتقد محللون ان الحكومات حول العالم حريصة على اضعاف عملاتها لزيادة الصادرات وفرص العمل مما يثير مخاوف بشأن حروب تجارية أوسع.

وقال «بنك اوف نيويورك ميلون» في مذكرة «في مواجهة تنامي الضغوط التضخمية ربما تبدأ الحكومات المركزية ووزارات المالية في نطاقها الاسواق الناشئة في ادراك مزايا قوة العملة رغم كل شيء». ولكن يبدو ان البطالة كانت على الاقل عاملا كبيرا في تأجيج حالة عدم الرضا في كل من مصر وتونس ويقول البعض انها ربما تؤدي لتشدد في مواقف صناع السياسات في الاسواق الناشئة. وقال جانسك ان الاحداث في مصر تزيد من تردد بكين في السماح بارتفاع قيمة العملة مما قد يقود إلى تقويض الصناعات التصديرية وفقد عمال المصانع في مناطق الحضر أعمالهم. ويبدو ان حكام بكين تابعوا الاحداث في شمال افريقيا بشيء من القلق على الاقل وحجبوا كلمة مصر في عمليات البحث على مواقع شبكات اجتماعية باللغة الصينية على غرار تويتر في مطلع الاسبوع. وقال جانسك «يعلم الصينيون ان سعر عملتهم أقل كثيرا من قيمتها ولكن اقتصادهم يعتمد على التصدير وهم قلقون بشأن الاضطرابات. لن تكون هناك عدوى مباشرة ولكن سيكون هناك تأثير سياسي».

* البنوك مغلقة والمواطنون بلاسيولة

* قال البنك المركزي المصري ان البنوك العاملة في البلاد ستظل مغلقة اليوم الاربعاء لليوم الرابع على التوالي وسط احتجاجات واسعة النطاق وقال انه مازال يقيم الاوضاع بشأن ما اذا كانت ستظل مغلقة غدا الخميس. وقال هشام رامز نائب محافظ البنك في اتصال هاتفي «ستظل مغلقة اليوم الاربعاء ولم نقرر بعد بشأن الخميس». وقالت البورصة انها ستظل مغلقة كذلك اليوما الاربعاء. وعلى صعيد توفر سيولة للمواطنيين قال وزير المالية المصري سمير رضوان أمس ان البنوك الحكومية ستعيد تجهيز ماكينات الصرف الالي كي يتمكن المتقاعدون وموظفو الحكومة من تقاضي أجورهم ومعاشاتهم اعتبارا من اليوم الاربعاء وزاد شعور المصريين بالتوتر من إنعدام السيولة وبالتالي عدم مقدرتهم على مشتريات مستلزماتهم الغذائية. ولم يعمل النظام المصرفي المصري منذ بداية الاسبوع. وقال رضوان للتلفزيون المصري ان السحب اليومي لا ينبغي أن يتعدى ألف جنيه (171 دولارا). وحطم مجهولون يقومون بأعمال نهب كثيرا من أجهزة الصرف الالي وأغلقت أجهزة أخرى. وقال رضوان ان أجهزة البنك الاهلي وبنك مصر وبنك القاهرة ستفتح لعمليات سحب محدودة وكذا بنك الاسكان والتنمية الذي تملك الحكومة حصة كبيرة فيه. ونسبت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إلى مسؤولين قولهم ان الاجهزة يجري تزويدها بالاوراق النقدية وان بعض الاجهزة صارت الان جاهزة للتعامل معها. وقال مقيمون بحي الزمالك الراقي ان بعض الاجهزة التابعة لبنك «اتش.اس.بي.سي» كانت تعمل اليوم. ولم يتضح ما اذا كان موظفو الشركات الخاصة الذين يحصلون على أجورهم في بداية الشهر سيتمكنون من قبض أجورهم من خلال الاجهزة. وأغلقت معظم المصانع ومتاجر التجزئة باستثناء منافذ بيع الاغذية منذ يوم الخميس. وتدفع الاجور الحكومية للموظفين الحكوميين في الاغلب نحو يوم 20 من الشهر ويبدأ دفع معاشات التقاعد اعتبارا من اليوم العاشر في الشهر. ويتقاضى معظم المتقاعدين أجورهم من خلال أجهزة الصرف الالي ولكن اخرين يقبضونها من فروع مكاتب البريد التي أغلقت أيضا.

* الاجانب يواصلون مغادرة مصر والسياحة تواجه أزمة

* كثفت دول أجنبية من جهودها لاجلاء رعاياها من مصر أمس في الوقت الذي يأمل فيه محتجون تنظيم مسيرة مليونية من أجل الديمقراطية. وقتل 140 شخصا على الاقل منذ بدأت أمس الثلاثاء الاحتجاجات المطالبة بانهاء حكم الرئيس المصري حسني مبارك الممتد منذ 30 عاما. ودفعت الاحتجاجات حكومات وشركات إلى اجلاء رعاياها من البلاد. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) ان طائرتين تابعتين لشركة ايرتشاينا وهاينان غادرتا القاهرة امس وعلى متنهما 480 مواطنا صينيا تقطع بهم السبل في مصر. وتوجهت طائرتان كبيرتان أخريان تابعتان لشركة «اير تشاينا» إلى القاهرة لنقل المزيد من المواطنين الصينيين في حين تتوجه طائرة تابعة لشركة خطوط جنوب الصين الجوية إلى الاقصر لنقل نحو 220 من سكان هونغ كونغ. وأمرت بكين شركات السياحة بالفعل بتعليق الرحلات إلى مصر. وقالت وزارة الخارجية في بيان «الحكومة الصينية تأخذ بجدية شديدة سلامة الرعايا الصينيين في مصر». وذكرت وزارة الخارجية التايوانية أن تايوان ستعيد نحو 500 من رعاياها باستخدام طائرات مستأجرة وتجارية. واستأجرت تايوان طائرة من الخطوط الجوية الاردنية لتطير من الاردن إلى القاهرة ثم إلى الاردن للعدد اللازم من المرات لاجلاء المسافرين التايوانيين وفقا لما ذكرته الوزارة. ثم تنقل الحكومة فيما بعد رعاياها إلى فرانكفورت على طائرة مستأجرة لاعادتهم بعد ذلك إلى تايوان على طائرات تجارية. وغادرت الرحلة الاولى عمان إلى القاهرة في الساعة 2000 بتوقيت تايوان بتوقيت جرينتش/يوم الاثنين. وهبطت الطائرات الثلاث التي استأجرتها الحكومة اليابانية لتقل المسافرين اليابانيين الذين تقطعت بهم السبل في مطار القاهرة في روما في الساعة 02:30 بالتوقيت المحلي /0130 بتوقيت جرينتش/ امس الثلاثاء حاملة 436 شخصا وفقا لما ذكره مسؤول بوزارة الخارجية. وأضاف أن هذه الطائرات نقلت معظم ان لم يكن كل اليابانيين الذين تقطعت بهم السبل في المطار. وحثت الحكومة اليابانية ما يقدر بنحو 600 ياباني ما زالوا في مصر على مغادرة البلاد في أقرب وقت ممكن مستخدمين رحلات تجارية. وبدأت الحكومات اتخاذ خطوات لسحب رعاياها من مصر يوم الاحد وتكثفت هذه الجهود امس. وقالت الخارجية الأميركية انه تم اجلاء اكثر من 1200 اميركي على تسع رحلات امس إلى تركيا وقبرص واليونان.

وقال بي.جيه كراولي المتحدث باسم الخارجية الأميركية ان من المتوقع اقلاع ست رحلات بنهاية يوم أمس الثلاثاء. وتابع أن نحو 2600 أميركي اتصلوا بالسفارة وطلبوا المساعدة لمغادرة البلاد. وهناك 52 الف اميركي مسجلون في السفارة بالقاهرة. وقالت شركات طيران اوروبية من بينها لوفتهانزا والخطوط الجوية النمساوية واير برلين انها سترسل طائرات اكبر من المعتاد إلى مصر لتلبية الطلب واتفقت على ارسال رحلات اضافية مع وزارات الخارجية. والسياحة أحد المصادر الرئيسية للدخل بالعملة الاجنبية في مصر وتمثل اكثر من 11 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي كما توفر فرص عمل في البلاد التي تعاني من معدل بطالة مرتفع. في عام 2009 زار نحو 12.5 مليون سائح مصر وأدر هذا القطاع عائدات بلغت 10.8 مليار دولار. وحثت روسيا رعاياها على عدم السفر إلى مصر ونصحت الموجودين هناك بالعودة إلى بلادهم. وقالت وزارة الخارجية في بيان «نحث المواطنين على الاصغاء إلى توصية وزارة الخارجية والامتناع عن السفر إلى مصر». ويقدر أن هناك نحو 40 الف روسي في عطلات بمصر وهي وجهة مفضلة للسائحين الروس. وأصدرت وزارة الخارجية الالمانية يوم الاحد تحذيرا من السفر إلى القاهرة والاسكندرية والسويس لكنها وصفت الوضع في منتجعات البحر الاحمر بأنه هادئ حتى الان. ونصحت بريطانيا رعاياها بعدم السفر إلى الاقصر مما دفع شركتي «تي.يو.اي» وتوماس كوك إلى الغاء رحلات إلى هناك.

* توقف تحويلات المصريين العاملين في الخارج لعائلاتهم

* قال مسؤولون في مجال الصرافة أمس الثلاثاء ان اغلاق البنوك المصرية منع المصريين العاملين في الخليج الذين يمثلون الاغلبية بين المصريين في الخارج من ارسال تحويلاتهم الحيوية إلى ذويهم في مصر.وتمثل تحويلات المصريين العاملين بالخارج مصدرا مهما للاموال في الدولة التي تهزها احتجاجات مناهضة لحكم الرئيس حسني مبارك الممتد منذ 30 عاما. ويقدر البنك الدولي ان نحو 7.6 مليار دولار حولت إلى مصر عام 2010. لكن أغلب شركات تحويل الاموال تنجز اعمالها من خلال البنوك المصرية التي أغلقت ابوابها منذ مطلع الاسبوع بناء على اوامر البنك المركزي.

وستبقى البنوك معطلة اليوم الاربعاء وقال البنك المركزي انه ما زال يدرس ما اذا كانت ستعطل يوم الخميس.وقال محمد الانصاري الرئيس والعضو المنتدب لشركة الانصاري للصرافة في ابوظبي عاصمة دولة الامارات العربية المتحدة «لن نقوم بتحويل واحد إلى مصر». واضاف «يوم الاحد كان هناك اهتمام كبير بذلك لكن لا يمكننا عمل أي شيء حاليا». وتابع «في العادة تكون لدينا احجام كبيرة في مطلع الشهر حين تدفع المرتبات». وقال الانصاري ان مصر تمثل ما بين اربعة وخمسة في المائة من الاحجام في شركته. وأضاف انه يتوقع ان يتحول العملاء إلى الدولارات الأميركية من الجنيهات المصرية بمجرد ان تعاود البنوك فتح ابوابها. وتراجع الجنيه المصري إلى ادنى مستوياته في ستة اعوام وسط الاضطرابات. وقال «بمجرد ان تفتح البنوك نتوقع احجاما كبيرة لاحتياجات العائلات في الاغلب وليس حتى للاستثمارات. وتابع« خمسة وسبعون في المئة من التحويلات كانت بالجنيه المصري لانه كان عملة مستقرة. لكننا نتوقع ان يتغير ذلك الان».

ونقل عن مسؤول بوزارة الخارجية المصرية قوله الشهر الماضي ان التحويلات من المصريين في الخارج ارتفعت بنسبة 39 في المئة إلى 9.75 مليار دولار في العام المالي 2009-2010. وقال مساعد وزير الخارجية محمد عبد الحكم ان نحو ستة ملايين مصري يعملون بالخارج ويعيش نحو 70 في المئة منهم في دول الخليج رغم ان الجزء الاكبر من التحويلات يأتي من المغتربين في الولايات المتحدة الذين ارسلوا 2.2 مليار دولار العام الماضي.

وجاءت التحويلات من الكويت في المركز الثاني وبلغت 1.5 مليار دولار في حين ارسل المصريون المقيمون في السعودية مليار دولار. وقال مسؤول بخدمة العملاء في شركة المزيني للصرافة بالكويت «لم نرسل اموالا إلى مصر منذ ثلاثة ايام». ومن المعتقد ان نحو مليون مغترب مصري يعيشون في الخليج وأغلبيتهم في السعودية. وقال موظف في شركة الفردان للصرافة في دبي التي تمثل تحويلات المصريين 35 في المائة من اعمالها «انه امر مستحيل.. كل شيء توقف هنا». واضاف «يوجد كثير من المصريين في الخليج ولا يمكنهم ارسال اموال».

تكدس البضائع في الموانئ قالت مصادر ملاحية أمس ان شركات الشحن تواجه تعطيلات ضخمة في مينائي الاسكندرية ودمياط بمصر بسبب نقص الموظفين وغياب مسؤولي الجمارك. وقالوا ان المينائين المطلين على البحر المتوسط يتعاملان بالاساس مع الشحنات السائبة والحاويات بما يشمل الحبوب. وقال مصدر ملاحي مصري «ميناء الاسكندرية مازال مفتوحا لكن لا أحد يعمل حاليا.. عملياتهم للبضائع لا تعمل كما ينبغي بسبب مشاكل في اليد العاملة». وقتل أكثر من 100 شخص في ثمانية أيام من الاضطرابات في مصر مع مطالبة محتجين بانهاء حكم الرئيس حسني مبارك المستمر منذ 30 عاما.