تقرير ميريل لينش: الدول الناشئة مصدر المدَّخرات العالمية .. والنمو العالمي حول 4.5 %

رئيس دائرة الاستثمار قال لـ «الشرق الأوسط» لا يزال مبكرا قياس تاثير الاحداث في مصر

TT

قالت شركة «ميريل لينش لإدارة الثروات» امس انه لا يزال من المبكر جدا قياس مدى تاثير الاوضاع السياسية في مصر على الوضع الاقتصادي في البلاد ،مشيرة الى ان اطراف المعارضة لم تناقش الوضع الاقتصدي بعد ،وان الوضع غير مستقر وقابل للانفجار وغير واضح ما يجعل السوق في حالة من الضبابية حيال قراءة تاثير الاحداث على الاقتصاد.

وقال بيل أونيل، رئيس دائرة الاستثمار المسؤول عن أسواق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في الشركة ان الاوضاع الاقتصادية في مصر حتى هذه اللحظة « لا نعرف حقا حتى الان تاثير ذلك على الاقتصاد ولا نعرف السياسة الاقتصادية التي ستتبعها الحكومة ، لا يزال مبكرا الحكم على الاتجاه الذي ستتخذه الامور».

واشار اونيل في حديثه ل» الشرق الاوسط» انه عندما تتضح الامور ويتغير الوضع الحالي الى وضع مستقر يمكن قياس كيف يمكن ان يؤثر هذا الوضع في مصر على الاقتصاد ،وكيف يمكن ان يؤثر ذلك على الاصول المصرية، مضيفا انه «لا يمكن ان نملك رؤية على الاقل الان لما يمكن ان يحدث ،لكننا لم نلاحظ الى الان تراجعا دراماتيكيا في الاصول المصرية ،ولا يزال مبكرا جدا قياس التاثير ،ووصف الوضع الحالي بانه غير مستقر وقابل للانفجار و غير واضح وان السوق في حالة من الضبابية ،ومن غير الواضح كيف يمكن ان يؤثر الوضع السياسي على الوضع الاقتصادي في البلاد.

الى ذلك نصح بيل أونيل،المستثمرين إلى تفضيل الأصول التي تحقق نمواً في دخلهم على تلك التي توفر نمواً لرؤوس أموالهم، لافتا الى رسوخ الانتعاش الاقتصادي العالمي بقيادة الأسواق الصاعدة ،ويرى أونيل أن معدل النمو الاقتصادي العالمي سوف يدور حول 4.5 في المائة عام 2011، إنخفاضاً من 4.9 في المائة عام 2010. مرجحا أن تكون وتيرة الانتعاش في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا مخيِّبة للآمال، لكنه توقع أن تتيح قوة الاستهلاك المحلي «هبوطاً ناعماً» للاقتصاد الصيني.

كلام اونيل جاء خلال اطلاق التقرير السنوي لشركة «ميريل لينش لإدارة الثروات» حول آفاق عام 2011 في دبي امس، وأوضح انه: «يجب على المستثمرين انتهاز فرصة تعافي الاقتصاد العالمي، لمنح الأفضلية للاستثمار في السلع الأساسية والأسهم على السندات الحكومية وسندات الشركات. وبالنسبة للاستثمار في الأسهم، يجب التركيز على تلك التي من المتوقع أن تحقق لهم أكبر قدر من الأرباح وليس تلك التي تحقق نمواً في رؤوس أموالهم. كما يتوجب على المستثمرين توخي الحذر من الاستثمار في سندات الأسواق الصاعدة والحرص على تفادي الأصول المقوَّمة بأعلى من قيمتها الحقيقية» وفقا لتقرير اونيل .

وأشار التقرير إلى أنه تبيَّن بالتجربة العملية أن انكماش الاقتصاد العالمي خلال الفترة الواقعة بين عامي 2007 و2009، كان أعمق بكثير من أزمات الانكماش السابقة وأن الانتعاش الذي أعقب ذلك الانكماش كان أبطأ من عمليات الانتعاش الاقتصادي التي أعقبت تلك الأزمات.

وذكر التقرير أن «العالم الصاعد» بات مصدر المدَّخرات العالمية، والتي يتوقع لها أن تنمو بمعدلات مرتفعة لتبلغ ما نسبته 33 في المائة من الدخل القابل للانفاق خلال الفترة الواقعة بين عامي 2009 و2014، في الوقت الذي ستواصل فيه معدلات الادّخار التراجع في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة. وبينما يبذل المستهلكون الأمريكيون قصارى جهودهم لتقليص حجم مديونياتهم وتلجأ الحكومات الأوروبية إلى شتى السبل الكفيلة بتخفيض عجوزاتها الضخمة، سوف تصبح مدخرات الدول ذات الاقتصادات الصاعدة «الوقود الخارق» الذي سيتولى تنمية اقتصاداتها بما يواكب الارتفاع المستمر في حجم طلب المستهلكين.

وذكر التقرير ان السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة لا تزال مفككة إلى حد كبير، بحيث انه كلما ضخت تلك الاقتصادات المزيد من الدولارات في الأسواق، كلما ازداد حجم الدولارات التي تكتنزها الأسواق الصاعدة. وسوف يفرض ذلك في نهاية المطاف ضغوطاً سلبية تخفض أسعار صرف الدولار واليورو بالطبع. وتوقع أونيل في التقرير استمرار ضعف أسعار صرف اليورو خلال عام 2011، وحصول الدولار على «فسحة للتنفس». وقال إن هذا الوضع أدى أيضاً إلى فرض ضغوط رفعت أسعار صرف العملة الصينية وعملات بعض دول الأسواق الصاعدة، بشكل يتزامن مع ازدياد التوتر التجاري بين الأسواق المتقدمة والصاعدة. وأشار إلى أن أسعار صرف العملات المقوَّمة بأكثر أو أقل من قيمتها الحقيقية، تشوِّه تقييم الأصول وتشكل ظاهرة مرشحة للتفاقم أكثر بكثير عام 2011.

وخلص أونيل إلى القول: «يتمثل الحل المثالي لهذه المشكلة في تزامن تصحيح الولايات المتحدة الأمريكية وسائر دول الاسواق المتقدمة لسياساتها النقدية مع سماح دول الأسواق الصاعدة بارتفاع وتحرك أسعار صرف عملاتها بمرونة أكبر. غير أن خطر استمرار التوترات والسياسات المتشددة، على غرار فرض قيود على تدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق الصاعدة، يبقى ماثلاً للعَيان».

وتوقع التقرير مراوحة معدل نمو الاقتصاد الأمريكي عند معدل 2.8 في المائة عام 2011، وهو نفس معدله عام 2010، إلا أنه توقع أيضاً اكتساب الانتعاش الاقتصادي الأمريكي المزيد من الزخم خلال النصف الثاني من العام الجاري ويبدأ في تخفيض معدلات البطالة، وذلك بالتزامن مع تحول الاقتصاد العالمي إلى الاعتماد على قدراته الذاتية في إدامة زخم النمو. كما توقع ارتفاع معدل نمو الاقتصاد البريطاني إلى 2 في المائة هذا العام ورسوخ انتعاشه نسبياًُ بما يكفي لامتصاص الآثار السلبية لتخفيض الانفاق الحكومي. في الوقت ذاته، سوف ينمو الاقتصاد الصيني بمعدل 9.1 في المائة والهندي بمعدل 8.4 في المائة. ومن المتوقع أن يستمر تركيز المستثمرين عام 2011 على الاستثمار في أسهم الأسواق الصاعدة الصغيرة نسبياً أمثال تايلند وتركيا وإندونيسيا، على غرار ما فعلوه عام 2010 مدفوعين بالأداء القوي للأسهم في الأسواق الصاعدة. وقال أونيل: «أصبحت الأسواق الصاعدة نماذج محلية للنمو الاقتصادى، وأصبح المستهلكون في تلك الأسواق أكثر أهمية بكثير من ذي قبل». وأشار إلى أن أسهم الأسواق الصاعدة الأقل ترسملاً والأسهم البريطانية وأسهم كبرى الشركات الأوروبية، توفر أفضل الفرص للاستثمار في الأسهم. وأوضح بقوله أن المستثمرين يعتقدون أن أسهم قطاعات الطاقة والنفط والغاز والاتصالات، تبدو الأكثر جاذبية بين تلك الأسهم.

إلا أن أونيل يرى أن ارتفاع أسعار الذهب قد بلغ مداه الأقصى وقال: «عادت أهمية الذهب الآن إلى مكانتها السابقة قبل 22 عاماً مقارنة مع الأسهم الأمريكية. وهكذا انتهى هذا الوضع الشاذ وباتت الأسهم لا تقل قدرة عن الذهب في التحوط ضد التضخم».

وتبلغ الأصول التي تديرها ميريل لينش هي أكثر من 1.5 تريليون دولار أمريكي كما في 30 سبتمبر 2010.