مصر: نمو اقتصادي لا ينعكس على مستويات الشعب المختلفة

آلية توزيع عادل للدخل أفقدت الوزراء حقائبهم

TT

أداء وزراء المجموعة الاقتصادية الماضية، كانت جيدة بإجماع كافة المحللين وكانت مرضية للمؤسسات المالية المحلية والعالمية، بما يجعلها، بيئة جيدة لنمو الأعمال، ولكن كان ينقصها آلية وحيدة فقط لإرضاء المواطنين والتي كان يدركها كافة الوزراء، وهي آلية توزيع عادل لثروات البلاد، وأن تنعكس معدلات النمو على مستويات الشعب المختلفة.

وزارة المالية المصرية المحرك الأساسي للاقتصاد المصري، الذي كان يترأسها الدكتور يوسف بطرس غالي كان يرى دائما ان أوضاع البلاد جيدة، تقليص عجز الموازنة وزيادة الديون الداخلية والخارجية ليست مشكلة بالنسبة له مادامت في المنطقة الآمنة، في الوقت الذي كان هدفه الأساسي زيادة معدلات النمو، سواء من خلال زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، أو حث المواطنين على زيادة الاستهلاك وهذا ما كان واضحا في مبادرته الأخيرة الخاصة بعمليات إقراض موظفي الدولة بضمان وزارة المالية من خلال توفير قروضا بفوائد مسيرة على مدد طويلة، وهدفها الأساسي تحفيز الاستهلاك المحلي لتزيد معدلات النمو، من خلال تحفيز الطلب على المنتجات المحلية والعقارات.

وفي لقاء سابق لـ «الشرق الأوسط» مع وزير التجارة والصناعة المصري الأسبق رشيد محمد رشيد، قال عن مستويات النمو وانعكاسها على المواطنين، ان هناك مؤشرات تدل على ارتفاع مستويات دخل المواطنين، وهذا ما بدا واضحا على المرتبات الشهرية لبعض الموظفين التي وصلت إلى 40 ألف جنيها (7 آلاف دولار تقريبا).

وفسر عدم شعور أغلبية المصريين بمعدلات النمو إلى ان الاستثمارات الخارجية التي احدثت ثورة في اقتصاد البلاد، ستجذب أولا المصرين المؤهلين.

أزمة المصريين المؤهلين إلى سوق العمل الجديدة التي بدأت تظهر بوضوح بعد عام 2004، كان أحد أسبابها التعليم العالي والفني بمصر، والذي تدنى مستوياته إلى الحد أصبح من الصعوبة العمل بشركات أجنبية كبرى دون ان تكون حاصلا على شهادات أجنبية، سواء من جامعات خاصة بمصر مثل الجامعة الأميركية بمصر أو جامعات أجنبية بالخارج.

أما آلية توزيع الثروة والنمور الاقتصادي فلم تكن تقلق الوزراء الاقتصاديون فكانوا دائما على يقين ان الأوضاع في البلاد تتقدم بشكل جيد، فمستويات البطالة تتراجع بالرغم من تزايد أعداد السكان والوافدين الجدد كل عام على سوق العمل، أما التعليم، فلم تكن جودته على أولويات الحكومة بشكل كبير، فكانت أولوياتها إتاحة التعليم الذي يتطلب من الحكومة توفير نحو مليون مقعد إضافي كل عام للوافدين الجدد إلى التعليم بمصر.

أما تخوفات المستثمرين الأجانب من الاستثمار في مصر، فكان رد الوزراء عليها بانها غير مبررة، وستزول بمرور الوقت.

وتعلقت المخاطر الأساسية للاستثمار في مصر إلى عوامل سياسية، أبرزها تتعلق بعملية انتقال السلطة في مصر، نظرا لأن الرئيس مبارك التي خضعت حالته الصحية لعملية تدقيق منذ ان أجريت له جراحة لإزالة الحويصلة المرارية في مارس (آذار) الماضي، لم يكن له نائبا بعد، كما انه لم يفصح عن ما اذا كان سيسعى لخوض الانتخابات لفترة جديدة أما لا.

أنها وضعت مؤسسات التصنيف الانتمائي الكبرى مصر خلال، الفترات السابقة دون درجة التوصية بالاستثمار فيها مباشرة وذلك قبل ان تخفض نظرتها لمصر من مستقرة إلى سلبية مؤخرا، ويقو محللون ان مخاطر الخلافة لا تشكل ضغوطا قوية ولكنها تمثل قيدا على تصنيف انتمائي أعلى لمصر.

الحكومة الماضية لم تستطيع التعامل مع الارتفاع المستمر لمستويات التضخم، فوفقا لمؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، فان معدلات التضخم في مناطق الحضر المصرية وصلت إلى 10.3% بنهاية ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي 2010، من 10.2 في المائة في نوفمبر «تشرين الثاني».

وقالت مؤسسة فيتش ان التضخم في مصر يرتفع بشكل مستمر كما انه اكثر تقلبا من من نظراءه بالدولة، التي تحتل نفس التصنيفات، وترى ان الأدوات المتوفرة لدى البنك المركزي للسيطرة على التضخم غير متطورة بما فيه الكفاية.

وطالب صندوق النقد الدولي بمصر الإعلان عن سياسيات انكماشية لوقف صعود معدلات التضخم، ومنها رفع معدلات الفائدة التي تشهد ثباتا منذ سبتمبر (أيلول) 2009، كما نصحت الحكومة بالإسراع بمنهج تدريجي لرفع الدعم عن الطاقة وتوجهيه إلى من يستحقه، وزيادة الائتمان الموجه للقطاع الخاص.

ويقول محللون ان العديد من الاستثمارات العقارية ستتأثر في مصر خلال الفترة القادمة، الخاصة بمشروع مدينتي الذي تملكه مجموعة طلعت مصطفى، والذي صدر في يونيو (حزيران) الماضي حكم بعدم قانونية بيع الأرض المقام عليها المدينة إلى مجموعة طلعت مصطفى، لانه لم يتم بيعها في مزاد علني، وألغى مجلس الوزراء هذا العقد ليعيد تخصيص الأرض لنفس المجموعة كما ان واحدة من أكبر صفقات الاستحواذ بالسوق المصري «والتي كان يتباهى بها الوزراء كدليل على جاذبية مصر للمستثمرين الأجانب» سيكون مصيرها الفشل بعد الأحداث الراهنة، حيث كان من المقرر تنفيذ قيمتها 340 مليون يورو، لاستحواذ شركة «لكتروولكس السويدية» على ماركة أوليمبيك المصرية» وكان من المقرر الانتهاء من الفحص للجهالة بعد أقل من شهرين، إلا ان إتمام تلك الصفقة لم يعد واردا بعد، الاضطرابات السياسية في البلاد.