صندوق النقد ينتظر قبل اقتراح مساعدته لمصر.. والبنك الدولي يتساءل

وسط حيرة حول مستقبل التغيير

TT

أعلن صندوق النقد الدولي، الخميس، أنه ينتظر أن تتضح صورة الوضع السياسي في مصر قبل أن يقترح تقديم مساعداته، مضيفا أنه من المبكر جدا تقييم العواقب الاقتصادية لحركة الاحتجاجات الشعبية. وقالت مديرة العلاقات الخارجية في الصندوق كارولاين أتكينسون في تصريح صحافي في واشنطن «لا نعرف بكل بساطة بعد كيف سيتطور الوضع الاقتصادي لأن ما شيء واضح الآن حول الطريقة التي سيتطور الوضع السياسي وفقها». وردا على سؤال حول كيفية مساعدة صندوق النقد الدولي للمحافظة على حسن سير الاقتصاد أو النظام المالي في مصر، أجابت أتكينسون «ذلك يفترض مسبقا معرفة أي نوع من عدم الاستقرار الاقتصادي قد يحصل في البلاد». وأوضحت «لدينا مجموعة طبيعية من الأدوات! يمكننا تقديم نصائح اقتصادية وسنكون على استعداد للقيام بذلك بالتأكيد فور اتضاح الوضع». وأضافت أن بعثة لصندوق النقد الدولي توجهت إلى مصر في يناير (كانون الثاني) مع بداية التظاهرات ضد الرئيس حسني مبارك لصياغة التقرير السنوي حول اقتصاد البلاد، لكنها لم توضح ما إذا كانت إدارة الصندوق ستتحدث إلى الحكومة التي تم تشكيلها الاثنين.

وأوضحت «لا يمكنني أن أقول لكم إذا كنا قد أجرينا اتصالات. أعتقد أن هناك أسئلة تطرح لمعرفة من هو المكلف بأي ملف في هذه الأثناء. وبالتالي فإننا نراقب ونتابع الأمور». وكان المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس- كان أعرب أثناء زيارة إلى سنغافورة الثلاثاء «عن استعداده لمساعدة» دول مثل مصر راغبة في تحريك اقتصادها على قواعد جديدة بعد تغييرات سياسية.

إلى ذلك، قال رئيس البنك الدولي روبرت زوليك إن الوضع في الشرق الأوسط «هش»، فيما كانت دول مثل مصر وتونس تواجه معضلة «التحديث الجزئي» التي لا يتيح فيها النظام السياسي للجماهير جني ثمار التقدم الاقتصادي. وخلال مقابلة عبر الهاتف من برلين، فيما تنتشر الاحتجاجات في أرجاء مصر، قال زوليك إن البنك مستعد للتحرك بسرعة لتقديم المساندة لبلدان في المنطقة تمضي قدما في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية. وأضاف لـ«رويترز» «نحن في وضع هش للغاية ليس فقط في مصر ولكن في عدد من الدول في أنحاء الشرق الأوسط».

وقال إنه «من الصعب للغاية في هذه المرحلة أن نستشف ما سيحدث بالضبط» في مصر، مضيفا أن تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية مع احتدام الاضطرابات السياسية أمر صعب على نحو خاص «تنفيذ الإصلاحات في غمار ثورة هو احتمال صعب».

واتخذت تسعة أيام من الاحتجاجات المطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك منحنى عنيفا يوم الأربعاء عندما اشتبك مؤيدون للرئيس مع المحتجين الذين يريدون نهاية فورية لحكمه المستمر منذ 30 عاما. وامتدت الانتفاضة من تونس حيث أطاحت أسابيع من الاحتجاجات ضد الفقر والقمع والفساد بالرئيس زين العابدين بن علي بعد 23 عاما في السلطة. كما اجتاحت الاحتجاجات الجزائر والأردن واليمن. وشهدت مصر نموا أقوى من معظم الدول العربية وتعاني من مستوى منخفض نسبيا من الفقر وفقا للمعايير الدولية.

وقال زوليك إن المشكلة هي أن دولا مثل تونس ومصر لم تمض بصورة كافية في تحديث اقتصاداتها بعد وضع اللبنات الأساسية للنمو مما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة لا سيما بين الشباب. وقال زوليك «ما شهدناه هو عملية تحديث جزئي... في مرحلة تطوير الموانئ والبنية التحتية والمناطق الصناعية.. خلال توفير الوظائف لارتقاء سلم القيمة المضافة لم تتحرك هذه الدول بالصورة الكافية أو بالسرعة الكافية». وتابع زوليك أن أحد الدروس المستفادة من التوترات في الشرق الأوسط هو أن الإصلاحات الاقتصادية ليست كافية دوما. واستطرد قائلا «هناك تصلب يأخذ أشكالا متباينة في دول مختلفة... أحيانا فساد وأحيانا محاباة. من هنا فلكل دولة ظروفها الخاصة». وعبر رئيس البنك الدولي عن قلقه من أن تصيب الأحداث المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط الحكومات بحالة من الشلل ومن بينها الدول المانحة، فيما تحاول التعامل مع التطورات. وأردف «في وقت يشهد أحداثا عصيبة من هذا النوع يتوقف الناس للتأمل والتعلم... لكن لا يجب أن نسمح لذلك بالوصول إلى حالة من الشلل». ويمكن أن تساعد قروض البنك الدول النامية بعدة صور تتراوح بين تقديم المساندة للميزانيات إلى تمويل مشروعات البنية التحتية والبرامج الاجتماعية.

وأبدى زوليك «تفاؤلا حذرا» حيال قيام الحكومة الانتقالية في تونس بالشروع قريبا في التحضير لانتخابات ديمقراطية، الأمر الذي يمكن أن يفتح الباب أمام إصلاحات اقتصادية وسياسية. واستطرد «في مثل هذا الوضع أريد المشاركة بسرعة... هذا أسوأ وقت يمكن أن يكون فيه البنك مجرد مقرض لأغراض التنمية وهو ما يستغرق عاما من أجل إعداد خطة. نحتاج إلى التحرك بسرعة.. إذا ما نجحت الحكومة الانتقالية في تونس.. أن نكون عونا لهم. ربما في الحالة المصرية يمكن أن تكون (المساندة) إنسانية».

وبينما قد ترغب بعض الدول الأعضاء في البنك في الانتظار لرؤية مجموعة من الإصلاحات قبل تقديم المساعدة، قال زوليك إن البنك يرغب في إبداء مرونة من خلال مساندة وكالات الإغاثة التي لا تقع عادة ضمن تفويض عمل البنك. لا أستبعد أي مشاركة... لكن الظروف السياسية حاسمة هنا بالتأكيد... إذا ما كانت هناك أعمال عنف واسعة النطاق وكانت هناك دولة غارقة في العنف الداخلي فإلى من سنقدم القروض؟».