«الإمارات دبي الوطني» يتوقع أن تشهد صناديق الأسهم في مصر ضغوطا على المدى القريب

الرئيس الأول للاستثمارات: نحث المستثمرين على تنويع خياراتهم من فئات الأصول

سيكون من شأن حل مبكر للحالة القائمة في مصر أن يمكن الأسواق من استعادة توازنها، أيا كان الضرر الحاصل (أ.ف.ب)
TT

رجح بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر مجموعة مصرفية في المنطقة، أن تواصل أحداث مصر تبعاتها على معنويات الأسواق المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متوقعا أن تشهد صناديق الأسهم في هذه المنطقة ضغوطا على المدى القريب، في ظل سعي المستثمرين الدوليين لمغادرة هذه الأسواق.

في حين سيكون من شأن حل مبكر للحالة القائمة أن يمكن الأسواق من استعادة توازنها، أيا كان الضرر الحاصل، وحث مسؤول مرموق في البنك المستثمرين على توخي الحذر في أساليبهم الاستثمارية ضمن الأسواق المحلية، معتبرا أنه كلما طال أمد هذه الأزمة، ازدادت معها الأضرار المتوقعة على المدى الطويل للاقتصاد المصري، مؤكدا من جديد وجوب تنويع المستثمرين لخياراتهم من فئات الأصول، والاهتمام بفئات مثل السلع والذهب على وجه الخصوص.

وقال غاري دوغان، الرئيس الأول للاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة في بنك الإمارات دبي الوطني، إن زوال النظام السابق في تونس، والمشكلات المتنامية في مصر، تسلط الضوء على ما نراه اختلالا متزايدا في الاقتصاد العالمي، مرجحا أن تواصل أحداث مصر تبعاتها على معنويات الأسواق المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن تشهد صناديق الأسهم في هذه المنطقة ضغوطا على المدى القريب، في ظل سعي المستثمرين الدوليين لمغادرة هذه الأسواق، بينما سيدفع إغلاق سوق الأسهم المصرية بمديري الصناديق للتوجه إلى أسواق البيع التي لا تعاني من مشكلات، بغية ترميم صناديقهم.

ويرى دوغان أن عملية قياس مخاطر هبوط الأسواق تعد أمرا صعبا، نظرا لتعقيد الوضع السياسي المصري، مشيرا إلى أنه من شأن حل مبكر للحالة القائمة أن يمكن الأسواق من استعادة توازنها، أيا كان الضرر الحاصل، وسيطالب المستثمرون بعلاوة مخاطر أكبر من الأسواق المالية المصرية في المستقبل، متوقعا أن أسعار الفائدة المصرية الطويلة الأجل ستتجه نحو الارتفاع، بينما ستتجه سوق الأسهم نحو الانخفاض. ويبقي الخبير الاقتصادي مساحة من الأمل في أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عموما، «طالما أن الآفاق طويلة الأجل للاقتصاد المصري لم تتضرر بعد بصورة ملموسة.. فمن شأن حل سياسي سريع للمشكلات أن يؤدي إلى انتعاش أسواق الأسهم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في ظل الأداء المستقر الأخير، وانخفاض تقييم الكثير من الأسواق وفقا للمعايير الدولية. وبطبيعة الحال، سيؤدي بقاء المشكلات في الأسواق إلى زيادة القلق من تضرر المصالح الاقتصادية للكثير من الشركات الإقليمية العاملة في مصر».

وبحسب دوغان، فإنه من الخطأ أن يرى الناس في الاضطرابات السياسية الناجمة عن اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء خطرا في البلدان الناشئة فقط، فالاختلال الأساسي بين الأغنياء والفقراء موجود حتى في أكثر البلدان تقدما، وتفاقمت الأزمة المالية فقط لدى اختلال التوازن بين الأغنياء والفقراء عام 2009، حيث بلغ متوسط ثروة الـ1 في المائة الأغنى من الأميركيين 14 مليون دولار، منخفضة بنسبة 27 في المائة عما كانت عليه عام 2007، بينما شهدت أصول الأسر الأميركية المتوسطة خلال الفترة الزمنية نفسها هبوطا بنسبة 41 في المائة لتصل إلى 62.600 دولار، وذلك بسبب انخفاض أسعار المنازل. وقد زادت نسبة الأميركيين تحت خط الفقر إلى 6.3 في المائة من السكان، وهو أعلى مستوى تشهده السجلات المحفوظة منذ عام 1975.

ويعتبر دوغان أن التضخم الملحوظ في أسعار السلع يعمق الهوة الواسعة بين الأغنياء والفقراء في أنحاء كثيرة من العالم، حيث يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا، حتى قبل أزمة أسعار الغذاء الأخيرة التي شهدتها كثير من البلدان، ويرى أن من شأن الزيادة المستمرة لعدد سكان العالم أن تسبب ضغوطا تصاعدية على أسعار السلع الأساسية، ولن يسهم ذلك سوى في تعزيز مخاطر الاضطرابات السياسية في أجزاء أخرى من العالم. ويتوجب على الاقتصاد العالمي العمل على نحو أكثر كفاءة لإنتاج وتوريد المواد الغذائية، كما يجب الحد من انعدام الكفاءة في مستوى الدخل كيلا تصبح الاضطرابات الاجتماعية والتغييرات السياسية الحادة سمة المرحلة الراهنة.

وقد أشارت دراسة صدرت مؤخرا عن معهد السياسة الاقتصادية (EPI) إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الولايات المتحدة إلى أكبر مستوى لها منذ أن بدأ المسح عام ،1962 وأوضحت الدراسة أن نسبة الـ1 في المائة الأغنى بين الأسر الأميركية تملك 225 ضعفا من الأموال التي تملكها الأسر الأميركية العادية، بينما لم يتجاوز هذا الرقم 125 ضعفا في عام 1960.

يشار إلى أن أحداث الأسبوع الماضي أسهمت في إبراز قيمة الذهب ضمن المحافظ الاستثمارية؛ فقد بقيت أسعار تداول الذهب مستقرة تقريبا عند 1340 دولارا للأونصة، بينما شهدت فئات الأصول الأخرى، مثل الأسهم، فترة أكثر صعوبة.

ويتوقف دوغان في تحليله عند ما شهده المستثمرون من أسعار حادة للنفط؛ وتزايد المخاوف من أن تعرقل الأزمة المصرية حركة المرور عبر قناة السويس «فإن اتخذت ناقلات النفط مسارا أطول متجنبة قناة السويس، فسيزداد طول رحلة النفط إلى الولايات المتحدة 10 أيام، وإلى شمال أوروبا 18 يوما. وبينما يمكن امتصاص أثر هذا التأخير عبر خفض المخزون، فإن الخوف وحده كفيل برفع أسعار النفط».

ونظرا للتقلبات الحالية، يحث المسؤول في البنك المستثمرين على توخي الحذر في أساليبهم الاستثمارية ضمن الأسواق المحلية: «نرجو أن تهدأ الأزمة المصرية أملا في عودة الأسواق إلى وضعها الطبيعي؛ فكلما طال أمد هذه الأزمة ازدادت معها الأضرار المتوقعة على المدى الطويل للاقتصاد المصري.. فقد التزمت الكثير من شركات المنطقة بالاستثمار في مصر على المدى الطويل مستقبلا. وقد ينسحب تقليص تلك الأعمال على أداء الأسواق الإقليمية على المدى المتوسط. ونؤكد من جديد وجوب تنويع المستثمرين لخياراتهم من فئات الأصول، والاهتمام بفئات مثل السلع والذهب على وجه الخصوص.