خطة فرنسية ـ ألمانية لجعل اقتصادات منطقة اليورو أكثر قدرة على المنافسة

المستثمرون يتوقعون إجراءات حاسمة لإنهاء الأزمة خلال الأسابيع المقبلة

TT

بعد انتهاء أعمال القمة الأوروبية التي استضافتها بروكسل، أول من أمس، الجمعة، قالت المفوضية الأوروبية، بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، إنها ترحب بموافقة القمة على 4 التزامات اقترحتها المفوضية في مجال الطاقة، وفي الوقت نفسه قالت مصادر المؤسسات الاتحادية إن خططا تقدمت بها باريس وبرلين حول زيادة القدرة التنافسية لاقتصاديات دول منطقة اليورو.

كما أن هناك توقعات بالإعلان عن إجراءات حاسمة في هذا الصدد في غضون أسابيع في إطار البحث عن إخراج المنطقة من الأزمة التي تواجهها بسبب العجز في الموازنة الذي تعاني منه دول أعضاء.

وأعرب رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، خلال مؤتمر صحافي عن السعادة لكون كتلة قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وافقت على 4 التزامات طرحها في مجال سياسة الطاقة.

وقال: «إننا في الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى سوق متكاملة للطاقة بحلول عام 2014 الذي سنتمكن من خلاله من توفير 5 ملايين فرصة عمل وتعزيز النمو والتقليل من اعتمادنا على الطاقة الذي يكلفنا في الوقت الحاضر 210 مليارات يورو سنويا».

ولفت إلى أن أوروبا بحاجة إلى بذل المزيد في مجال كفاءة الطاقة، «الذي يعتبر الطريقة الأسرع لخفض فواتيرنا، وذلك لكي نتمكن من بلوغ أهدافنا المرجوة في عام 2020 والمتعلقة بالطاقة وخفض فواتير المستهلكين بنسبة ألف يورو لكل أسرة».

وناقش قادة الاتحاد خلال القمة المنعقدة أيضا الوضع الاقتصادي في أوروبا ودعوا إلى ضرورة اتخاذ موقف من شأنه معالجة أكثر التحديات إلحاحا التي فرضت نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية التي شهدها العالم مطالبين كذلك بضرورة إرساء أسس متينة لتحقيق النمو المستدام لخلق الوظائف. وشددوا في النهاية على أن الاستثمار والتعليم والبحث والتكنولوجيا.. المحرك الرئيسي لتحويل النمو والأفكار المبتكرة إلى منتجات وخدمات قابلة للتسويق تساعد في زيادة خلق وإيجاد وظائف ذات جودة. وشكلت القمة الأوروبية، فرصة لإطلاع قادة منطقة اليورو على خطط للاقتصادات الكبرى في الاتحاد الأوروبي، التي تتمثل في ألمانيا وفرنسا، من أجل اتفاق بشأن منطقة اليورو، ويتضمن إعداد مقترحات مشتركة بهدف تحسين القدرة التنافسية الاقتصادية لمنطقة اليورو. وحسب مصادر أوروبية في بروكسل، يريد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن تتخذ الدول الـ17 التي تشترك في اليورو، سلسلة من الالتزامات لجعل اقتصاداتها أكثر قدرة على المنافسة، على أن تراجع هذه الالتزامات في اجتماعات القمة السنوية لدول منطقة اليورو.

وقال الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، نريد تعزيز القدرة التنافسية لأوروبا واقتصادها، نريد لاقتصاداتنا أن تتلاقى، لذا يتعين علينا مواصلة مناقشاتنا على مدى الأسابيع المقبلة، ونحن نتفق على أن المخطط الهيكلي سيجلب الأجوبة على التحديات التي تواجه أوروبا. وحسب الإعلام الأوروبي، كافأت الأسواق المالية مدريد بتكاليف اقتراض منخفضة للغاية في مزاد لسندات مدة استحقاقها سنتان وخمس سنوات، مما يظهر انحسار التوترات بينما يتوقع المستثمرون إجراء حاسما لوضع حد لأزمة منطقة اليورو في الأسابيع القادمة. لكن مسؤولين في الاتحاد قالوا إن القرارات ستتخذ فقط في مارس (آذار) مع تعزيز صندوق إنقاذ لمنطقة العملة الموحدة، وهو الأمر الذي ما زال يحتاج إلى عمل كثير. وقبل ساعات من انعقاد القمة في بروكسل، قامت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بزيارة عمل إلى العاصمة الإسبانية، مدريد، التقت ورئيس الوزراء، خوسيه لويس ثاباتيرو، وأثنت ميركل على الخطوات التي اتخذتها الحكومة الإسبانية لاحتواء أزمة الديون، وأشادت المستشارة الألمانية بالخطوات التي اتخذتها إسبانيا مؤخرا بدعم النقابات العمالية وتحقيق انتعاشة اقتصادية، وفي ما يختص بالشأن الاقتصادي، أشارت ميركل إلى أن السياسة المالية لإسبانيا تمضي في الطريق الصحيح، مقللة من إمكانية احتياج مدريد إلى خطة إنقاذ مالي تتحصل من خلالها على مساعدات من الاتحاد الأوروبي على غرار اليونان وآيرلندا.

وشددت ميركل على أن التوقع بسقوط إسبانيا في أزمة اقتصادية «لن يجدي نفعا وليس بالأمر الإيجابي». ودعت إلى تحديد عدد ضرائب القيمة المضافة في بلدان الاتحاد الأوروبي بضريبتين على الأكثر. وقالت أنجيلا ميركل: «في الشهرين الأخيرين أشرت دوما إلى أن سقوط اليورو يعني سقوط أوروبا. الأمر يتعلق برمته بأوروبا؛ لذلك فإن ألمانيا تساند اليورو، ولكن من الواضح أننا في حاجة إلى تضامن أكبر وفي الوقت نفسه إلى إرادة مقارنة أنفسنا بالأفضل لزيادة قوتنا التنافسية»، وتدخل زيارة ميركل في إطار مساعي برلين لإيجاد ميدان مشترك تعمل فيه بلدان الاتحاد الأوروبي على تحقيق تناغم في مجال التنافس مع أكبر الاقتصادات العالمية.

وشهدت بروكسل قمة أوروبية بحضور رؤساء دول وحكومات 27 دولة، أعضاء في الاتحاد الأوروبي، للبحث في عدد من الملفات الهامة، التي يغلب عليها الطابع الاقتصادي، وجرى تقسيم أعمال القمة إلى جلستين الأولى صباحا، وتباحث القادة خلالها حول ملف الطاقة، وجلسة ثانية بعد الظهر لبحث ملف الابتكارات والبحوث، وعلى غداء عمل جرى تناول ملف نهج مشترك لمعالجة المشكلات المالية في منطقة اليورو، كما استعرض القادة تطورات الأحداث الأخيرة في تونس ومصر، وخلال كلمته أمام قادة أوروبا، قال رئيس مجلس الاتحاد، هيرمان فان ريمبوي، إن ملفي الطاقة والابتكار من الملفات ذات الأهمية الكبرى لمستقبل أوروبا، وأضاف: «نحن بحاجة إلى تأمين إمدادات الطاقة وسوق طاقة أوروبية موحدة، كما أن أوروبا بحاجة إلى منطقة موحدة للبحوث وتعبئة جميع المواهب، وبذلك يمكن تحقيق تقدم حقيقي»، ومن جانبه قال رئيس المفوضية الأوروبية، مانويل باروسو، في بيان صدر على هامش الاجتماعات أن «إمدادات طاقة آمنة ومستدامة، وبأسعار معقولة، هو المفتاح لمصالح أوروبا الاستراتيجية والنمو والتوظيف»، ودعا باروسو من خلال البيان، قادة أوروبا إلى اتخاذ خطوات حاسمة للوفاء بالتزامات الطاقة وتأييد أولويات ملف الطاقة 2020 حول الطاقة والبنية التحتية والاتصالات والتزامات واضحة لإكمال سوق طاقة أوروبية موحدة داخلية، فضلا عن سياسة موحدة للطاقة خارجيا، وقال باروسو في هذا الصدد أنه أمر حيوي بالنسبة للأمن الاقتصادي، وفي ملف الابتكار قال باروسو إن أوروبا الوطن الطبيعي للابتكار وطالب الدول الأعضاء بالدعم القوي للابتكار كمفتاح لاستعادة الأمور بعد مرحلة الأزمة. وحسب ما ذكرت رئاسة الاتحاد الأوروبي، تباحث الزعماء حول التوجه المستقبلي لسياسة الطاقة الأوروبية والاقتصادية، والجهود الجارية لمواجهة آثار الأزمة بحضور رئيس البنك المركزي الأوروبي، إلى جانب حزمة المقترحات التشريعية في الإدارة الاقتصادية، وتحديد مسار واضح نحو حزمة شاملة من قبل المجلس الأوروبي في شهر مارس المقبل، وآلية الاستقرار الأوروبي، وملف تغيير معاهدة الوحدة الأوروبية، إلى جانب السعي الحثيث نحو البدء في الإصلاحات الوطنية وتدعيم النظام المالي، ومعاينة أفضل السبل لضمان تماسك الاقتصاد الكلي في منطقة اليورو، بالإضافة إلى بحث المبادرات الملموسة التي يمكنها أن تعزز سياسة البحوث والابتكار في أوروبا. وقبل ساعات من انطلاق القمة جرت اتصالات ومحادثات بين عدد من العواصم والقيادات الأوروبية، لتنسيق المواقف.