أحداث مصر تلقي بظلالها على سوق النقل الجوي وشركات الطيران تراجع الخسائر

«الخطوط السعودية» و«طيران الإمارات» تقللان من الخسائر.. والاتحاد العربي للنقل الجوي يتحدث عن تضامن أعضائه

الخطوط السعودية قللت من خسائرها («الشرق الأوسط»)
TT

في حين تحدث خبراء في النقل الجوي عن أن الأحداث التي شهدتها مصر، منذ الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي، تركت أثرا بارزا على سوق النقل الجوي، امتد ليتجاوز شركات النقل العربية، إلى الشركات العالمية، فقد تباينت آراؤهم في تحديد درجة هذه التأثيرات.

وأكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن الأحداث، على الرغم من آثارها الكبيرة، لم تتسبب حتى الآن في أن تصل إلى مستوى الكارثة في قطاع النقل الجوي، في حين أن الخسائر ستبقى محدودة، على اعتبار أن كثيرا من الشركات قد عوضت الخسائر المتوقعة بتكثيف رحلاتها خلال الأيام الأولى من الأحداث، نقلت خلالها آلافا من المسافرين في فترة وجيزة.

ووصف خبراء تلك الأحداث بأنها تدخل في إطار «القوة القاهرة» التي لا تلزم الشركات بتعويض للمسافرين الذين لحقهم ضرر بسبب هذه الأحداث، وذلك لتأخر رحلاتهم أو إلغائها. وأوضح عبد الوهاب تفاحة، الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي، لـ«الشرق الأوسط»، أن الأحداث التي شهدتها مصر كان لها تأثير على حركة الملاحة الجوية وجدولة شركات الطيران، خاصة أن مصر تمثل منطقة جذب سياحي لا مثيل لها في أي مكان آخر، ولكن تبقى تلك الأضرار محدودة ووقتية إلى أن تعود الأمور إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن.

وقال: «من الصعب الآن تقدير حجم الخسائر أو الأضرار بشكل دقيق، وأشك في أي رقم يُعلن الآن»، مشيرا إلى أن شركة مصر للطيران قد تكون أكثر الشركات ضررا، كونها أكبر ناقل في مصر ولديها رحلات مجدولة من وإلى مصر، خاصة فيما يتعلق بالرحلات المتتابعة.

وحول تعويض المسافرين الذين ألغيت حجوزاتهم أو لحقت بهم أضرار لتأخير رحلاتهم، قال عبد الوهاب تفاحة إن كل شركة لها سياستها في تقدير الموقف للتعامل مع عملائها، خاصة أن التأخير أو تعطيل رحلاتهم لم يكن بسبب خلل فني أو سبب يتعلق بالشركة الناقلة، في حين أن قانون (أياتا) لا يفرض أي تعويضات في مثل هذه الأحداث التي تدخل في نطاق القوة القاهرة، وهذا ينطبق على أحداث مصر، في حين أن هناك قوانين في أوروبا للتعامل مع هذه الأحداث.

وأشار إلى أن الخسائر ستكون محدودة، لأن المطارات لم تتأثر بشكل كبير، أو أنها أوقفت نشاطها، ومن المرجح أن تعود الحركة الجوية إلى طبيعتها في القريب العاجل.

وبيّن تفاحة أن الاتحاد العربي للنقل الجوي قد وضع اتفاقيات لشركات الطيران العربية فيما بينها لمساعدة بعضها بعضا في نقل المسافرين وتبادل التذاكر، سوى فيما بينهم، أو حتى مع الشركات الأجنبية الأخرى، وذلك عند حدوث أي طارئ يتعلق بالشركة الناقلة، ولا علاقة لذلك بـ«القوة القاهرة»، مشيرا إلى أن الشركات لديها خطط طوارئ لمواجهة أي أزمة، وقال إن شركة مصر للطيران شكلت خلية طوارئ مباشرة مع حدوث المظاهرات التي عطلت جزءا من الحياة العامة في مصر لعدة أيام.

في حين بين إبراهيم خياط، الخبير في النقل الجوي، الذي يشغل منصب مدير المركز الدولي للتحليل الاستراتيجي في دبي، أن المظاهرات في مصر لم تشكل ضررا كبيرا على الملاحة الجوية، في حين أن الخسائر ستكون محدودة جدا ولن تشكل كارثة تخل بحركة النقل الجوي، خاصة أن المؤشرات تفيد بأن تلك الأحداث لن تستمر لفترة طويلة، مشيرا إلى أنه، خلال الأيام الأخيرة، زادت وتيرة الرحلات غير المجدولة، في حين أن شركات الطيران الخليجية لم تخفض من رحلاتها خلال هذه الفترة.

وأضاف خياط أن تلك الأحداث تزامنت أيضا مع الجدولة الشتوية لشركات الطيران، التي تشهد عادة خفضا في رحلاتها، ما عدا أيام الأعياد والمناسبات، مؤكدا أن الخسائر سوف تكون ملموسة في حالة تزامن تلك الأحداث مع الجدولة الصيفية لشركات الطيران، وخاصة الخليجية.

وزاد أن شركات الطيران أصبحت لديها خبرة واسعة في التعامل مع أحداث كهذه، وذلك على خلفية الأزمة الاقتصادية 2008، وذلك بقدرتها على فتح وجهات أخرى لتفادي خسائر وقف التشغيل، مشيرا إلى أنه في حالة استمرارية المظاهرات في مصر لأكثر من شهر، فإنه حتما يتوجب على كثير من شركات الطيران مراجعة خطط رحلاتها إلى مصر. وقال: «أزمة تايلاند في السنتين الماضيتين أثبتت أن شركات الطيران، وفي مقدمتها الشركات الخليجية، أصبح لديها قدرة ومرونة عالية جدا في التكيف مع أي بيئة متغيرة سياسيا»، مشيرا إلى أن هذا ما ينطبق على ما وقع في مصر، فيما يتعلق بالإسراع في أبعاد التوتر السياسي عن ترجمته إلى خلل في سوق الطيران التجاري.

وقدر إبراهيم خياط حجم الضرر المتوقع أن يصيب قطاع السياحة في مصر بنحو 400 مليون دولار (في حال استمرت الأزمة لمدة شهر).

وكانت السلطات المصرية قدرت هذه الخسائر بنحو مليار دولار، لافتا إلى أن شركات الطيران الاقتصادية ستكون خسائرها أقل، وذلك لمحدودية مصروفاتها وقدرتها على سرعة تغيير خططها إلى وجهات أخرى.

وحول تعويض المسافرين الذين ألغيت حجوزاتهم بسبب الأحداث، قال إبراهيم خياط إنه في حالة الظروف القاهرة لا تتحمل شركات الطيران مسؤولية تعويض المسافر، مستشهدا بتأثر الملاحة الجوية على خلفية تأثر الملاحة الجوية في العام الماضي، على خلفية سحابة الرماد البركاني الآيسلندي، بعد أن عجز نحو 4 ملايين مسافر حول العالم من مواصلة رحلاتهم المجدولة، وبالتالي فأن أغلب المسافرين تحملوا الخسائر بأنفسهم.

إلى ذلك، أكد عبد الله الأجهر، المتحدث الرسمي للخطوط السعودية، أن «الخطوط السعودية» لم تتأثر بالأحداث التي تشهدها مصر، بل أكد أن «السعودية» كانت أكبر شركة طيران مشغلة خلال الأيام الأولى للمظاهرات، من خلال إقامة جسر جوي خلال الأيام الأولى للأحداث، وتسيير طائرات ذات حجم كبير، وتم نقل نحو 15 ألف مسافر من مصر في غضون أربعة أيام، وبالتالي فإن حجم الخسائر يوصف بـ«المحدود جدا».

وقال إن رحلات السعودية مستمرة حسب الجدولة القديمة ولم تتأثر بشكل كبير، مبينا أنه تتم الآن متابعة الأوضاع في مصر، وتقييم جدوى استمرارية الرحلات من حين لآخر، وفي حالة انخفاض عدد المسافرين، سوف يتم تقليل الرحلات أو تسيير طائرات صغيرة.

وأضاف الأجهر أن الأوضاع في القاهرة وبيروت نقلت وجهة كثير من المسافرين إلى دبي، حيث ضاعفت السعودية رحلاتها اليومية المتجهة إلى دبي، وتسيير رحلات إضافية بين الحين والآخر، عدا الرحلات المجدولة مسبقا.

من جهته، وصف بطرس بطرس، المسؤول الإعلامي في «طيران الإمارات» تأثير الأحداث على الملاحة الجوية بأنه «محدود جدا»، مشيرا إلى أن طيران الأمارات شهد إقبالا كبيرا من المسافرين خلال العشرة أيام الأخيرة، في الوقت الذي تسير فيه طيران الإمارات 16 رحلة أسبوعيا، مضيفا أنه، خلال الأيام الأولى من المظاهرات، قامت الشركة باستخدام طائرات أكبر سعة عن الطائرات المجدولة في السابق.

وأشار إلى أن كثيرا من شركات الطيران ستقلص رحلاتها في الوقت الراهن من وإلى مصر، وفي مقدمتها طيران الإمارات التي تدرس حاليا خفض رحلاتها إلى رحلة واحدة يوميا فقط.