مجموعة الـ20 تبحث أسعار السلع واختلال موازين اقتصادات العالم

بدأت في باريس بحضور وزراء المال ومحافظي البنوك المركزية

وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد تتحدث عن الاستقرار النقدي أمام محافظي البنوك المركزية لدول قمة الـ20 في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

عقد وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية للدول الأعضاء في مجموعة العشرين للاقتصادات المتقدمة والصاعدة في باريس، أمس، اجتماعا يستمر لمدة يومين ويركز على الاختلالات الاقتصادية العالمية وارتفاع أسعار المواد الخام والسلع الغذائية الأساسية. وترأست وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين أول اجتماع كبير منذ قمة قادة الدول الأعضاء في سيول في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وخلال هذا الاجتماع، الذي بدأ بحفل عشاء أقامه الرئيس نيكولا ساركوزي في القصر الرئاسي مساء أمس، تهدف لاغارد إلى الحصول على إجماع بشأن عدد من المؤشرات التي سيتم استخدامها لاحتساب، وربما كمحاولة في المستقبل لتصحيح، الاختلالات الاقتصادية العالمية. ووعدت لاغارد بأن المؤشرات ستكون مقياسا واسعا لاقتصاد البلاد وليس فقط كدليل تجاري لها. وكانت الصين وألمانيا أول وثاني أكبر دولتين مصدرتين في العالم رفضت في اجتماع سيول اقتراحا أميركيا بتحديد سقف للحساب الجاري أو الفوائض التجارية. كما سيتم بحث أسعار السلع كبند عاجل بعد ارتفاع أسعار الخبز والزيت والسلع الأساسية الأخرى بشكل كبير، مما يهدد بتكرار أعمال الشغب بسبب الغذاء في عام 2008 وزيادة عدم الاستقرار السياسي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. ودعت فرنسا إلى تنظيم سوق المواد الأولية من أجل تجنب حدوث مضاربات. وساند الدعوة وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله أمس.

ومن المتوقع أن توجه انتقادات إلى وزير الخزانة الأميركية «تيموثي غايتنر» ورئيس البنك الفيدرالي «بن برنانكي» بسبب «الأموال الساخنة» التي تدفقت على الكثير من البلدان الناشئة ولا سيما الآسيوية منها والتي تعد نتيجة منطقية للسياسة الأميركية المتساهلة وبرامجها التحفيزية الضخمة.

لكن الأمر يبدو مختلفا من وجهة نظر «غايتنر» الذي يرى أن ذلك ليس انعكاسا للتوجهات النقدية الأميركية بقدر ما هو انعكاس للجمود الذي أصاب سعر صرف اليوان الصيني بالإضافة إلى كثير من شركاء الولايات المتحدة التجاريين. وعلى ما يبدو فإن الاجتماعات المرتقبة ستشهد جدالا ساخنا حول التضخم بعد أن انتهت اجتماعات المجموعة السابقة في نوفمبر (تشرين الثاني) بالعاصمة الكورية «سيول» دون تحقيق تقدم يذكر بشأن «حرب العملات» .ولأن الولايات المتحدة لا تعاني من مشكلات تتعلق بالتضخم فلم تندرج على قائمة جدول الأعمال، إلا أن ما تعانيه معظم الاقتصادات الناشئة من تحرك متسارع لأسعار المستهلكين سيترك ظلالا بلا شك على المناقشات داخل أروقة الاجتماعات. لكن تبقى في النهاية قاعدة واحدة ستحكم إطار المناقشات وهى أن الكل سيغني على ليلاه، فبينما تعاني الدول الآسيوية من تفاقم مشكلة الأموال الساخنة والتضخم، فإن الدول الأوروبية ستحاول تضميد جراحها فيما يتعلق بالديون السيادية، والتي تبدو أنها ستأخذ وقتا طويلا نظرا للضغوط التي تمارسها ألمانيا على البرتغال لطلب إنقاذ مالي، في الوقت الذي بدا فيه مزاد السندات الإسبانية الأخير مخيبا للآمال ومن ثم عودة «عدم اليقين» أثناء الحديث عن قدرة إسبانيا على سداد مستحقات ديونها.

ويذكر أن وزير المالية الياباني «يوشيهيكو نودا» أبدى قلقه اليوم أثناء جلسات العمل من عدم اتفاق وزراء مالية دول المجموعة على إصلاح كافة المشكلات التي أدت إلى حدوث اختلالات في الاقتصاد العالمي، حيث بدا الأمر وكأن هناك انقساما في الرأي. ويبدو أن التعهدات التي اتخذتها المجموعة في «سيول» قبل أكثر من ثلاثة شهور بشأن السيطرة على ما سُمي بـ«حرب العملات» وسعى كثير من الدول إلى خفض قيمة عملتها من أجل تعزيز الصادرات لا تزال ماثلة أمام «نودا» الذي عانت عملة بلاده من ارتفاعات غير مرغوب فيها خلال العام الماضي وأثرت بشكل لافت على حركة الصادرات. أما ألمانيا فمن الواضح أنها لن ترضي بغير اتفاق شامل لإصلاح اختلالات التوازن في الاقتصاد العالمي ومن بينها أسعار الصرف.

هذا وقد قام بنك الشعب الصيني بعمل ما يمكن تسميته بتوطئة ما قبل القمة ورفع الاحتياطيات الإلزامية للبنوك اليوم بنصف نقطة للمرة الثانية هذا العام إلى 19.5% وهو مستوى قياسي جديد، يهدف إلى كبح جماح التضخم الذي بلغ 4.9% خلال يناير (كانون الثاني)، بالإضافة إلى السيطرة على تواصل التسارع المحموم في أسعار العقارات الصينية التي واصلت ارتفاعها في 68 مدينة من أصل 70 مدينة تتم متابعتها خلال يناير.