آسيا الوسطى تستعد لمواجهة انعكاسات أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا

رئيس البنك الدولي قال إن المنطقة شهدت ارتفاعات كبيرة للأسعار

TT

في مواجهة الارتفاع الكبير لأسعار المواد الغذائية في العالم تخشى الأنظمة السلطوية في آسيا الوسطى من اضطرابات اجتماعية مثل تلك التي شهدتها مصر وتونس مما دفعها إلى التدخل في الأسواق لضبط أسعار السلع الاستهلاكية، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع صرح روبرت زوليك، رئيس البنك الدولي، أن «آسيا الوسطى هي منطقة ارتفعت فيها أسعار المواد الغذائية بشكل كبير». وأضاف أنه «نظرا إلى مستويات الفقر، فإن السكان ينفقون نسبة كبيرة من ميزانياتهم تصل إلى 50% أو أكثر على شراء الأغذية»، مضيفا أن الوضع تفاقم بسبب انخفاض الحوالات المالية الروسية. وتابع: «ولذلك توجد مشكلة حقيقية يمكن أن يكون لها انعكاسات سياسية واجتماعية في دول آسيا الوسطى». وتعتمد آسيا الوسطى بشكل كبير على الأغذية المستوردة، ولذلك فإنها تعاني من ارتفاع أسعار الأغذية عالميا الذي وصل إلى معدلات قياسية خلال يناير (كانون الثاني)، طبقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

وقد أثار ارتفاع الأسعار استياء شعوب آسيا الوسطى. وقالت المتقاعدة صوفيا موخازهانوفا (63 عاما) أثناء تسوقها في الماتي عاصمة كازاخستان «عند عودتك إلى متجر ما بعد يوم أو يومين تلاحظ أن الأسعار ارتفعت. هذا أمر لا يمكن احتماله». وتقول: «على سبيل المثال القمح كان سعره 46.2 دولار قبل أسبوعين، والان أصبح سعره 87.2 دولار. عندما خصصوا لنا معاشات تقاعدية شعرنا بالسعادة، ولكن الآن ذهبت تلك المعاشات أدراج الرياح». وفي أوزبكستان المجاورة يشعر السكان كذلك بارتفاع الأسعار. ويقول أحد السكان، ويدعى تاشكينت، إنه يجني 600 دولار شهريا ولديه ستة أطفال «قبل 3 أو 4 سنوات، كان مرتبي جيدا. ولكن الآن مع تسارع التضخم بهذه الوتيرة نشعر بأن المال يختفي بسرعة كبيرة».

أما الوضع الأصعب فهو في طاجيكستان التي تعد أفقر دولة في آسيا الوسطى، حيث لا يتجاوز معدل الراتب الشهري 70 دولارا، في حين ارتفع سعر كيس الطحين وزن 50 كلغ من 22 إلى 32 دولارا منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ونصح الرئيس، إمام علي رحمنوف، الذي يتولى الحكم منذ عام 1992، العائلات «بتخزين ما يكفي من السلع الأساسية، وبخاصة القمح، لمدة عامين نظرا إلى أزمة الغذاء العالمية».

وفي محاولة لمعالجة المشكلة، نظمت السلطات الطاجيكية أسواقا في العاصمة دوشنبه، وغيرها من المدن الرئيسية في عطلة نهاية الأسبوع الماضي لبيع سلع غذائية بأسعار مدعومة من الحكومة.

وتقوم حكومات أخرى في المنطقة بتدخلات لتقليل تأثير التضخم. ودعت السلطات الأوزبكية إلى القيام بعمليات تفتيش منتظمة للأسواق للحد من ارتفاع الأسعار. وفي قرغيزستان فإن للدولة الحق في التدخل إذا ارتفعت الأسعار فجأة بنسبة تزيد على 10 في المائة. ووصف نائب رئيس وزراء قرغيزستان، عمر بيك بابانوف، مؤخرا استقرار أسعار الأغذية الأساسية بأنه «مسألة رئيسية بالنسبة للحكومة». إلا أن عسكر بشيمو المحلل السياسي في قرغيزستان والنائب السابق لوزير الخارجية ألقى باللوم على سياسات الحكومة الجديدة «غير المسؤولة» و«الفساد»، ويقول إن الأسعار ترتفع بنسبة 5 مرات مقارنة بأي مكان آخر في العالم.

وأضاف أن «الظروف مهيأة لقيام احتجاجات حاشدة». وعانت قرغيزستان واقتصادها من تغيير النظام وما تلاه من اشتباكات إثنية دامية. واتخذ بعض السكان خطوات لشد الأحزمة. وتقول أمينة تايروفا أثناء تسوقها في بشكيك «نشعر بأن هذا وقت حرب.. لا أذكر المرة الأخيرة التي تناولت فيها كمية كافية من اللحم، وبدأت أقتصد في استخدام الخبز والحليب».