أشهر مستثمر أميركي: أفضل أيام الولايات المتحدة هي التي لم تأت بعد

الملياردير الثمانيني وارن بافيت تبنى خطابا وطنيا في تقريره السنوي الموجه إلى حاملي أسهم «بيركشاير»

وارن بافيت
TT

لا يضع الملياردير وارن بافيت لخطابه السنوي عنوانا. لكن لو كان فعل هذا العام لاختار له عنوان «بارك الرب الولايات المتحدة». وفي مواجهة القلق المستمر بشأن الاقتصاد الأميركي، تبنى أشهر مستثمر في البلاد خطابا وطنيا في تقريره السنوي الموجه إلى حاملي أسهم شركته «بيركشاير هاثاواي» يقول فيه: «تتدفق الأموال دائما نحو الفرص، وما أكثرها في أميركا».

وأوضح بافيت أن حجم إنفاق «بيركشاير» العام الماضي على المباني والمعدات في الولايات المتحدة تجاوز 5 مليارات دولار، أي ما يزيد على 90 في المائة من إجمالي إنفاق الشركة. وأشار إلى أن هذا الجزء الضخم من استثمارات الشركة في المستقبل سوف يكون في الوطن. وكتب: «إن دعاة التشاؤم تجاهلوا عاملا مهما جدا مؤكدا هو أن القدرات البشرية لم تستنفد، وأن النظام الأميركي لإطلاق تلك القدرات، الذي صنع الأعاجيب على مدار قرنين على الرغم من فترات الركود والحرب الأهلية لا يزال قائما وفاعلا. الوقت الحالي مثل أعوام 1776 و1861 و1932 و1941، أفضل أيام أميركا هي التي لم تأت بعد».

أصبحت الرسالة السنوية لبافيت، البالغ من العمر 80 عاما، شيئا أشبه بخطاب الاتحاد الموجه إلى «وال ستريت»، إلا أنه أكثر شمولا بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي. لكن يهدف الخطاب إلى تقديم أهم الأخبار إلى حاملي أسهم «بيركشاير»، شركة الاستثمار القابضة.

وبحسب ما جاء في خطاب بافيت، وصل صافي عائدات الشركة العام الماضي إلى 13 مليار دولار، أي أعلى من عائدات العام الذي يسبقه بنسبة 61 في المائة تقريبا. كذلك سجلت الشركة زيادة في القيمة الدفترية، قدرها 13 في المائة.

وبلغ سعر السهم «بيركشاير هاثاواي»، الذي وصل إلى الذروة آخر عام 2007 بما يزيد على 148 ألف دولار، عند الإغلاق يوم الجمعة الماضي 127550 دولارا. كذلك ارتفع سعر السهم بنسبة 29 في المائة عام 2010، أي أكثر من ضعف التعاملات في البورصة الأكبر.

كذلك سلط بافيت الضوء على أعداد أصغر في الإعلان عن ثقافة «بيركشاير» المزدهرة التي تعمل من مكاتب متواضعة في أوماها بولاية نبراسكا. وجاء في الخطاب أنه وشريكه في العمل تشارلي مانغر: «يعاملان نقودك كما لو أنها نقودهما. في مقرات (بيركشاير) حول العالم تبلغ قيمة الإيجار السنوي 270212 دولارا. ويبلغ إجمالي استثمار المقر الرئيسي في الأثاث والفن وماكينات المشروبات وقاعة تناول الغذاء والمعدات التكنولوجية 301363 دولارا».

ويقدم الخطاب معلومات للمستثمرين والمسؤولين التنفيذيين الذين يسعون للحصول على نصائح بافيت القيمة. وأكد بافيت في صفحتين عن «القيمة الحقيقية»، وهي فكرة تحليلية أمنية مفضلة لبافيت وبينجامين غراهام، أكبر وأهم المستثمرين، على أهمية وجود الرئيس التنفيذي المناسب في المكان المناسب. وقال بافيت: «يمكن أن يكون الفرق في المخرج كبيرا جدا. مصير الدولار في أيدي الرؤساء التنفيذيين في (سيرز روباك) أو (مونتوغومري وارد) في نهاية الستينات يختلف كثيرا عن مصيره في أيدي سام والتون».

هؤلاء الذين يبحثون عن معرفة خطط خلافة بافيت، التي تعد إحدى اللعب المفضلة في ردهات «وال ستريت» سيصابون بالإحباط. لقد امتدح أجيت جيان، رئيس شركة التأمين الضخمة التي يمتلكها، حتى وإن تم الهجوم على أجيت، وحزن لتقاعد لو سيمبسون، أحد المرشحين لخلافته وأثنى على تود كومبس، مدير صندوق التحوط الجديد غير المعلن عنه. لكن لم يأت على ذكر أي خطة لتوريث منصبه.

وقال بافيت إنه عندما يتوفى سوف ينقسم منصبه إلى ثلاثة مناصب: منصب الرئيس والرئيس التنفيذي ومسؤول الاستثمار. وعلى الرغم من عدم تضمن خطاب بافيت أي إشارات سلبية، وظف تعيين كومبس والتعويض المتواضع نسبيا للهجوم على مجال صناديق التحوط. وجاء في الخطاب: «شهد عالم صناديق التحوط بعض الممارسات السيئة من قبل شركاء يحصلون على مدفوعات الصناديق عندما تكون احتمالات المكسب جيدة وعندما تحدث نتائج سيئة يرحلون، وهم أثرياء، بينما يخسر شركاؤهم ذوي المسؤولية المحدودة ما حققوه من مكاسب في البداية». كذلك سخر بافيت من مستشاري صناديق التحوط الذين «يحبون طلب الصناديق الرائجة» أو أنماطا من الاستثمار مثل صناديق الأسهم التي تتبع استراتيجية شراء أسهم بغرض تحقيق أرباح مستقبلية والبيع على المكشوف وصناديق الأسهم الكلية والأسهم الدولية. الأسلوب الوحيد الذي نتبعه في «بيركشاير» هو «الأسهم الذكية».

تناول بافيت إحدى عمليات شراء الأسهم التي قامت بها «بيركشاير» في «وال ستريت» من خلال استثمار 5 مليارات دولار في شركة «غولدمان ساكس» في الأزمة المالية. وأوضح ذلك قائلا إن «غولدمان» لها الحق في إعادة شراء الأسهم المفضلة التي زادت قيمتها بإخطار مدته 30 يوما. وجاء في الخطاب: «أعاق مصرف الاحتياطي الفيدرالي شركة (غولدمان)، مما يعطي مع الأسف الشركة الضوء الأخضر قريبا».

ويرجع بافيت قدرا كبيرا من النجاح الذي تم تحقيقه العام الحالي إلى حيازته لـ«برلينغتون نورثورن سانتا في ريلرود»، معتبرا ذلك أهم ما حدث عام 2010. وقال إن الصفقة التي بلغت قيمتها 26 مليون دولار زادت من أرباح شركته بنسبة تزيد على 30 في المائة. لكن أشاد بافيت بمزايا السفر بالقطار، إضافة إلى ما يحققه من أرباح.

وقال بافيت: «تكلفة السكك الحديدية ومزاياها البيئية أكبر من السيارات والشاحنات التي تعد منافسها الرئيسي. لكن بلدنا هو المستفيد، نظرا لقلة الانبعاثات الدفيئة واستهلاك النفط الذي يتم استيراده. عندما نسافر بالقطار، يستفيد المجتمع». وأشار إلى الحاجة للاستثمار في البنية التحتية للسكك الحديدية من أجل توسيع نطاق عملها وإلى استعداد شركة «بيركشاير» للقيام بذلك. وأضاف: «رغم بطء الاقتصاد أو فوضى الأسواق، لن تكون حساباتنا المصرفية مكشوفة».

وأثار بافيت غيظ حاملي الأسهم، فضلا عن مراقبيه عندما كتب في التقرير أنه بصدد حيازة «المزيد من الأسهم. فنحن مستعدون. لقد أعدنا حشو السلاح وأصبعي على الزناد».

* خدمة «نيويورك تايمز»