مستثمرون: تنحي القذافي يخدم الاقتصاد الليبي وعلاقاته التجارية

TT

قال مستثمرون في السوق الليبية إنه في حال تنحي الرئيس معمر القذافي عن الحكم في ليبيا، فإن ذلك سيكون في صالح الاقتصاد بشكل كبير، مشيرين إلى تعقيدات هائلة يواجهها المستثمرون المحليون والأجانب هناك، فضلا عن مركزية القرار الشديدة التي تؤدي إلى تأجيل وتوقف مشاريع استثمارية هائلة.

ونصح صندوق النقد ليبيا قبيل تفجر الاحتجاجات الدامية مباشرة بالانفتاح وتحرير اقتصادها وقطاعها المالي، كي تنشط الاستثمارات وتجذب «الرساميل»، معربا عن قلقه من بطالة ما زالت مرتفعة، خصوصا بين فئة الشباب، ومن تضخم تضاعف تقريبا في العام الماضي 2010 نسبة إلى العام السابق عليه، وبلغ 4.5 في المائة (عدد السكان يزيد عن 6 ملايين).

وقال ناصر بيان، رئيس الجمعية المصرية - اللبيبة لرجال الأعمال والمستثمرين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الاقتصاد الليبي يواجه مشكلة كبيرة، وهي أنه «لا يوجد مسؤول يستطيع اتخاذ قرار بشكل مباشر، حتى الوزراء منهم» بسبب «المركزية المفرطة» هناك، لذلك فإن مغادرة القذافي للحكم في ليبيا ستكون لها تبعات إيجابية على الاقتصاد الليبي وعلى علاقات ليبيا الاقتصادية بالدول المجاورة، معربا عن قلقه على مستقبل العلاقات الاقتصادية بين ليبيا ومصر لو استمر القذافي في الحكم، خاصة بعد اتهامات وجهها القذافي لمصر في الأحداث الدموية التي شهدتها بلاده.

وأضاف بيان أنه لا توجد استثمارات مصرية كبيرة في ليبيا، وحجم التعاون يتركز في الصادرات المصرية إلى السوق الليبية، ومشاريع تنفذها بعض شركات المقاولات، والاستعانة بالعمالة المصرية، التي بلغ عددها قبل الاضطرابات الأخيرة 1.5 مليون عامل، منتقدا في الوقت نفسه تدني حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي يبلغ مليار دولار، مقارنة بتونس الذي يبلغ 18 مليارا.

وأشار إلى أن الجمعية المصرية - اللبيبة لرجال الأعمال والمستثمرين كان من المقرر أن تعقد اجتماعا الشهر المقبل للاتفاق على مشاريع شراكة استثمارية بين البلدين، حسبما كان مقررا سلفا، إلا أن رد الجانب الليبي حول هذا الأمر لم يحسم بعد، مثل مشاريع كبرى بين البلدين تجمدت بسبب عدم الاستقرار في مصر وليبيا.

وحول مدينة «الفاتح» التي أعلنت ليبيا عن إقامتها بمدينة القاهرة الجديدة على مساحة 5610 أفدنة لحل مشكلة الإسكان للشباب المصريين، باستثمارات 116 مليار جنيه (19 مليار دولار) على مدى 20 سنة، قال ناصر بيان إن تفاصيل هذا الأمر لدى وزارة الإسكان المصرية.

وفي الوقت الذي لم توضح فيه وزارة الإسكان الموقف حول مدينة «الفاتح»، سرت مخاوف لدى الشباب الطامح في وحدة سكنية منخفضة التكلفة بتجميد أو توقف هذه المدينة السكنية.

وتم تأسيس شركة «مصرية - ليبية» لتنفيذ مشروع «مدينة الفاتح»، يسهم فيها الجانب المصري، ممثلا بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان، بنسبة 22 في المائة، بينما يسهم الجانب الليبي، ممثلا بشركة «ليبيا للاستثمار» بنسبة 78 في المائة.

وأشار رئيس الجمعية المصرية - اللبيبة لرجال الأعمال والمستثمرين إلى أن الاضطرابات في مصر وليبيا جمدت مشاريع مطروحة للشراكة بين البلدين، منها صناعات نسجية وأفرع لبنوك مصرية في طرابلس، لافتا إلى أن السوق الليبية تتميز بأنها «استهلاكية».

ومن جهتهم، طالب أصحاب الشركات والمشاريع المصرية التي لها استثمارات في ليبيا أمس البنك المركزي المصري بوقف «تسييل» خطابات الضمان البنكية التي التزموا بها للتعاون الاقتصادي مع السوق الليبية، وذلك للحفاظ على هذه الأموال لحين عودة الاستقرار إلى الجماهيرية.

وقدر حسين عمران، رئيس نقطة التجارة الدولية المصرية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قيمة صادرات مصر إلى ليبيا في 2010 بنحو مليار دولار، مقابل 985 مليون دولار في 2009.. بينما بلغت الواردات المصرية 275 مليون دولار.

والتقى سمير الصياد وزير التجارة والصناعة المصري، أمس، مع أصحاب الشركات والمشاريع المصرية التي لها استثمارات في ليبيا لبحث موقفها بعد الاحتجاجات الدامية التي تشهدها ليبيا، وكذلك موقف المصانع والشركات العاملة هناك والإجراءات التي تتم لتدارك هذا الوضع الحرج لضمان استمرار هذه المشاريع في ليبيا بعد مرور هذه الأزمة.

وأكد وزير التجارة المصري توجه الحكومة نحو مساندة القطاع الخاص والحفاظ عليه.. بينما أكد المستثمرون المتعاملون مع السوق الليبية أنه تم إجلاء كل العمالة المصرية الموجودة في ليبيا العاملة في هذه المشاريع، باستثناء أعداد قليلة يجري ترحيلها إلى مصر، متوقعين أضرارا بالغة لممتلكاتهم وأصولهم لم يتم تحديد حجمها بعد.

وأصدر وزير القوى العاملة المصري، إسماعيل إبراهيم فهمي، تعليمات مباشرة لكل من المستشار العمالي بطرابلس والمستشار العمالي ببنى غازي بأهمية التواجد وسط العمال لتيسير إجراءات عودتهم إلى أرض الوطن، في ظل الأحداث المتلاحقة التي تمر بها ليبيا خلال هذه الفترة.

وقال إن عدد من وصلوا إلى أرض الوطن من المنطقة الشرقية قد بلغ نحو 35 ألف عامل، وإن هناك استقرارا نسبيا في أوضاع المصريين المقيمين بالمنطقة الشرقية. وفيما يتعلق بالمنطقة الغربية، وهي المنطقة التي تشهد أحداثا ساخنة في ليبيا، فقد تم تكليف المستشار العمالي بالتواجد الدائم وسط العمالة المصرية لتقديم يد العون لهم وإعادة من يرغب منهم إلى مصر.