نتوقع تعيينات ونريد قرارات

TT

ما من حدث دولي أو قرار إلا وله آثار اقتصادية، وتأثير على المستوى المعيشي للمجتمع بشكل مباشر أو غير مباشر. وعليه بالمقابل، فإن المتابع للأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية يدرك أن (الحاجة) للإصلاحات الاقتصادية ومحاربة الفساد لم تعد محل شك. بل لم نعد بحاجة إلى انتظار أحداث ومبررات تقنعنا بأهمية الإصلاحات. بالنظر إلى العوامل المستجدة، وأهمها عاملا التوقيت والظروف التي تمر بها المنطقة والإقليم والوطن في هذه الأيام.

فالاقتصاد السعودي، بحجمه وقوة تأثيره وارتباطه بالاقتصادات العالمية، لا شك أنه يؤثر في اقتصاد المنطقة والعالم، ولذلك فلسنا وحدنا من يتابع أوضاعنا. فالاقتصاد العالمي يعيش حالة من التكامل ليس لها نظير. وأقرب مثال، بالأمس القريب عندما حصلت أحداث مصر، رأينا الأسواق المالية العالمية تهتز بدرجة اهتزازات الأحداث. وفي هذا الشهر (ربيع الأول 1432هـ) ينتظر المجتمع السعودي تعيينات وتجديدات الوزراء لدورة قادمة مدتها أربع سنوات. ولذلك، فإن الرسالة التي ينبغي أن نعيها هي أن أي قرار يمس الاقتصاد المحلي، لا بد أن هناك من يراقبه عالميا. والرسالة الأخرى نبعثها للوزراء الجدد ومن يمدد لهم، هي: أننا ننتظر برامج عمل لكل وزير معين، جديدا كان أو مجددا له. فنحن نعلم أن لكل جهاز حكومي أهدافا، كان يجب أن تجدول في برامج عمل. وفي كل مرحلة وبعد كل فترة يتم تقييم الأداء حيالها. ولا بأس أن يعاد النظر في بنودها (بعد هذه الفترة الطويلة) وفي إعادة صياغتها، وبالأخص ما يتعلق بمهام كل جهاز. فالقيادة، ولله الحمد، تتمتع بذهنية منفتحة على التجديد والتطوير لأجل البناء في كل المجالات. ولذلك فلا أجد ما يمنع من إعادة كتابة الأنظمة الأساسية للأجهزة الحكومية.. في ضوء مستجدات ومتغيرات المهام والأهداف المنوطة بها. وبما يدعم الجهود من أجل حسن استخدام الموارد وإدارة الثروات. مع الالتزام بمعايير الأداء والرقابة والتقييم الدوري والمرحلي. آخذين في الاعتبار تأثير العوامل والمتغيرات التي إذا حلت لا تستأذن أحدا! ومن أهمها الأزمات وظهور بدائل للنفط واحتمالات نضوبه.. وهو المصدر الرئيسي للدخل.

أما عن الفساد الإداري.. فإننا نتوقع في الأيام القريبة تعيينات وزارية ونريد قرارات تغلب المصلحة العامة على المصالح الشخصية. ولذلك، فإنني أدعو (الوزراء) إلى تفعيل نظام بيانات الشفافية.. وهذه (بالمناسبة) لها آلية عمل سهلة ومبررة. فمن حيث سهولة التطبيق، أن تمرر بيانات على المسؤولين وأصحاب القرار، وبخاصة في الأجهزة التي تشرف على القطاعات الخدمية ذات الطابع التجاري. مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة النقل ووزارة الصحة (وغيرها). ليوضح كل صاحب قرار فيها علاقته في ملكية رأسمال الأجهزة التي يشرف عليها بحكم مهام وظيفته الحكومية. ومبرر ذلك أنه لا يعقل أن يشرف المسؤول في وزارة التربية والتعليم (مثلا) على المدارس التي يملكها! كما لا يجوز لصاحب قرار بوزارة الصحة أن يكون مسؤولا عن المستشفيات أو المستوصفات أو المختبرات أو الصيدليات أو مراكز الأشعة التي يملكها! أو مسؤول بوزارة النقل يشرف على شركات سيارات الأجرة (الليموزين).. لأن في ذلك تعارض مصالح لا يقبله عقل ولا منطق.. إذ كيف يصبح هو الخصم والحكم؟

أما عن آلية العمل، فالأمر منوط بالوزير بمجرد أن يصدر (معاليه) قرارا بتعبئة بيانات الشفافية ويعمل على متابعة تنفيذه. عند ذلك سيتردد الكثير من المنتفعين من كراسيهم الحكومية في اتخاذ قرارات لمصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة.

* كاتب ومحلل مالي