مخاوف من ارتفاع جديد في أسعار القمح بعد تلميح روسي بحظر الصادرات

أسعار المواد الغذائية وصلت لأعلى مستوياتها في فبراير

TT

قال تجار وخبراء للحبوب إن التلميحات الروسية حول تمديد الحظر المفروض على صادراتها من الحبوب حتى نهاية العام الحالي، قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في بورصة الحبوب العالمية باعتبار أن روسيا من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، فيما يرى البعض أن الهدف من التصريحات الروسية هو رفع الأسعار بالأسواق العالمية، خاصة في ظل استقرارها مع قرب موسم الحصاد في نصف الكرة الشمالي.

وقال فيكتور زوبكوف، نائب رئيس الوزراء الروسي، إن روسيا قد تمد الحظر المفروض على صادراتها من الحبوب حتى نهاية العام في ظل مخاوف من ارتفاع أسعار الغذاء ونقص الحبوب التي تستخدم علفا للماشية، مضيفا «نتابع ما يحدث في أسواق الغذاء ولا نرى أي تحسن».

وحظرت روسيا تصدير الحبوب حتى الأول من يوليو (تموز) في محاولة لتفادي الاستيراد وتقييد تضخم أسعار الغذاء بعد موجة جفاف كارثية العام الماضي. وقال مسؤولون حكوميون إنهم سيقررون ما إذا كانوا سيمدون الحظر عندما تتضح التوقعات بشأن المحصول الجديد.

ورأى نعماني نصر نعماني، نائب رئيس هيئة السلع التموينية المصرية (الجهة الرسمية المنوط بها التعاقد على استيراد الحبوب في مصر)، أن هذه التصريحات الروسية غير المباشر وغير المؤكدة حول توجهها المقبل بالنسبة لمحصول الحبوب المقصود منها تحريك الأسعار العالمية نحو الارتفاع، معتبرا أن هذه التصريحات الروسية «شغل مضاربين» في سوق الحبوب العالمية.

ونبه نعماني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحكومة الروسية أعلنت أكثر من مرة عن معلومات متباينة حول محصول الحبوب لديها، فقد ذكرت روسيا في وقت سابق من العام الحالي أن لديها فائضا في الحبوب يقدر بـ115 ألف طن، بعد تكوين احتياطي يكفي حاجة البلاد الاستهلاكية منها، مشيرا إلى أن هذه التصريحات الروسية لن تؤثر في اتجاهات سوق الحبوب في العالم سلبا خاصة أسعار القمح.

وتابع أن «كل التوقعات حول أسعار الحبوب تشير إلى استقرارها في الموسم الجديد بدعم من قرب موسم الحصاد في نصف الكرة الشمالي، وبالنسبة لمصر - التي تعد من أكبر مستوردي القمح في العالم - فإن موسم حصاد موسم القمح اقترب أيضا، إذ من المقرر أن يبدأ في مايو (أيار) المقبل، مما يعنى أن هناك إمدادات في السوق المصرية والعالمية، ولا يوجد مبرر لارتفاع الأسعار».

ونبه إلى أن الحالة الوحيدة التي سترتفع خلالها أسعار الحبوب هي أن تعلن روسيا عزمها اللجوء إلى الاستيراد.

وقد توقعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أمس ارتفاع إنتاج القمح العالمي بنحو ثلاثة في المائة العام الحالي. وقال علي شرف الدين، رئيس غرفة صناعة الحبوب المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن روسيا واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، وأدى قراراها الساري بحظر تصدير القمح إلى ارتفاع أسعاره عالميا بشكل لافت، مضيفا أن الحكومة الروسية لو أكدت بشكل صريح من دون تلميحات أنها ستمدد الحظر المفروض على صادراتها من الحبوب فإن ذلك سيؤثر في اتجاهات الأسعار نحو الصعود، وسيؤثر على الدول كثيفة الاستهلاك مثل مصر التي تفضل القمح الروسي.

وأوضح شرف الدين أن الحبوب الروسية والقمح في المقدمة أسعارها منخفضة مقارنة بالدول المصدرة الأخرى، لذلك ستركز مصر على أسواق مثل أوكرانيا وكازاخستان وفرنسا وأميركا وأستراليا وكندا لتلبية احتياجاتها لو استمرت روسيا في حظر التصدير.

وتوقع رئيس غرفة صناعة الحبوب المصرية أن تقدم الحكومة الروسية على إلغاء الحظر المفروض على صادراتها من الحبوب قبل نهاية العام.

ومن جهته، قال حمزة عبد العليم، مستشار مؤسسة القمح الأميركي في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن سوق الحبوب العالمية تخضع لآلية العرض والطلب، وتلميحات روسيا بمد الحظر المفروض على صادراتها من الحبوب ستؤدي إلى صعود الأسعار العالمية، لأن بورصة الحبوب العالمية تتأثر بشكل سريع بمثل هذه الأنباء رغم أنها غير نهائية أو صريحة.

وتوقع عبد العليم أن تقدم روسيا على تمديد الحظر بالفعل لأنها تعاني من مشكلات داخلية بسبب موجة الجفاف قد تجبرها على تنفيذ ذلك، مشيرا إلى أنه بنهاية يوليو (تموز) تكون أوضاع سوق الحبوب الروسية قد تحددت، وظهر حجم الإنتاج الحقيقي للبلد من الحبوب.

وحول توقعات «الفاو» بارتفاع إنتاج القمح العالمي بنحو ثلاثة في المائة العام الحالي قال عبد العليم «إنها مجرد تكهنات قد تخطئ أو تصيب، ولو تحققت هذه التوقعات فهو شيء لا بأس به سيدعم سوق القمح العالمية».

وقالت «الفاو» في بيان أمس إنها تتوقع تراجع التوازن العالمي بين العرض والطلب على الحبوب، مشيرة إلى أنه في مواجهة تزايد الطلب وتراجع الإنتاج العالمي من الحبوب في 2010 من المتوقع أن ينخفض مخزون الحبوب العالمية بشدة هذا العام بسبب تراجع مخزون القمح والحبوب الخشنة. وأشارت المنظمة إلى أن أسعار الغذاء العالمية ارتفعت لأعلى مستوى على الإطلاق في فبراير (شباط)، محذرة من أن الارتفاعات المفاجئة في أسعار النفط بفعل التوترات في الشرق الأوسط ستؤثر على أسواق الحبوب المتقلبة بالفعل.

وسجل مؤشر «الفاو» لأسعار الغذاء في فبراير أعلى مستوى على الإطلاق للشهر الثاني على التوالي متجاوزا الذروة التي بلغها في عام 2008 حينما أثار ارتفاع أسعار الغذاء أعمال شغب في عدة دول.

وقال ديفيد هالام، مدير قسم التجارة والأسواق في «الفاو»، إنه قد يكون للمزيد من الصعود في أسعار النفط تأثير على أسواق الغذاء التي شهدت ارتفاعا قياسيا في أسعار القمح الأميركي بنسبة 60 في المائة في العام حتى مارس (آذار).

وانخفض حجم محصول الحبوب في روسيا لعام 2010 إلى نحو 60 مليون طن نتيجة الحرارة غير العادية والجفاف، مما تسبب في إهلاك جزء كبير من المحصول، وكانت روسيا قد أنتجت عام 2009 نحو 97.1 مليون طن من الحبوب.