الهند تتصارع على اتفاق دائم حول سعر النفط الخام الإيراني

تأثرت التعاملات بتوقف التعامل بالدولار واليورو وسيطا مؤقتا

لم توافق إيران على الاقتراح الهندي الخاص بأن تكون مدفوعات استيراد الأرز البسمتي مقابل الصادرات الإيرانية من البترول الخام للهند
TT

في الوقت الذي لا تزال فيه الهند وإيران تتصارعان للوصول إلى اتفاق دائم حول المبالغ التي ستدفعها الهند مقابل حصولها على النفط الخام الإيراني، تضررت صادرات السلع الهندية المختلفة كالأرز والشاي كثيرا من توقف التعاملات بالدولار.

وكان البنك المركزي وبنك الاحتياطات الهندي (RBI) قد رفض في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وتحت الضغط الأميركي تسوية التعاملات النقدية مع إيران عن طريق اتحاد المقاصة الآسيوي (ACU).

وقد انتقدت الولايات المتحدة الأميركية اتحاد المقاصة الآسيوي كونه غير كفء ولا يتمتع بالشفافية في تعاملاته المالية مع إيران، حيث تتشكك الولايات المتحدة الأميركية في أن الكثير من أصوله يستخدم لغسيل أموال المنظمات القمعية في إيران مثل الحرس الثـوري الإيراني.

ووجد التجار الإيرانيون والهنود صعوبة في دفع قيمة المشتريات بعد هذا القرار لبنك الاحتياطات الهندي. وبينما انتهت الدولتان من التوصل لآلية بديلة لتسوية واردات النفط الهندية من إيران لم تستطيعا حتى الآن التوصل لوسيلة لتسويه سداد قيمة الواردات التي تحصل عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية من الهند.

وقد اتفقت الهند وإيران مؤقتا على تسوية المدفوعات عن طريق اليورو كعملة للتبادل بين الدولتين ويتم دفعها عن طريق بنك أوروبا - إيران التجاري، بينما لن تشمل هذه الآلية السلع المفروض عليها العقوبات، حيث ستكون مدفوعات التعاملات بين الأفراد باليورو بديلا عن تسوية صافي الميزان التجاري كل شهرين (وهي الآلية المتبعة في اتحاد المقاصة الآسيوي الذي يضم تسع دول آسيوية مختلفة تتم تسوية المدفوعات البينية بينها عن طريق حساب صافي الميزان التجاري بين كل دولتين على مدى شهرين) وكشفت مصادر في وزارة النفط أن هناك ما يقرب من ملياري دولار من المدفوعات في انتظار تسويتها. كما تضررت أيضا صادرات الهند من الأرز البسمتي إلى إيران بسبب توقف التعامل بالدولار.

وتعتبر إيران أكبر مستوردي الأرز البسمتي الهندي بنسبة تقترب من 35 في المائة، وبدأت الأمور تزداد سوءا خاصة بعد تعليق أبوظبي لنشاط خط الشحن التجاري المستقل مع الحكومة الإيرانية.

وقال فيجاي سيتيا، رئيس اتحاد مصدري الأرز الهندي، «لقد أصبحت المدفوعات المباشرة من إيران للهند بالنسبة للأرز مشكلة كبرى نتيجة للعقوبات المفروضة على إيران»، وأضاف أن «المدفوعات ما بين إيران ودبي تزداد صعوبة» وذلك نتيجة لتأخر مدفوعات شحن السلع التي تتم عن طريق موانئ دبي، وهذا الأمر يؤثر على الأسواق مما أبطأ في تحقيق الاستقرار كنتيجة لتأخر الشحن يوميا في دبي، وعلى الرغم من رفض معظم البنوك التعامل مع إيران، غامرت أبوظبي وبدأ بالفعل المصدرون الهنديون تنفيذ طلبات التصدير من دبي.

وحتى الآن لم توافق إيران على الاقتراح الهندي الخاص بأن تكون مدفوعات استيراد الأرز البسمتي مقابل الصادرات الإيرانية من البترول الخام للهند، ومع هذا أكدت المصادر في وزارة التجارة الهندية الشهر الماضي أن دبي تطلب خطاب ضمان من إيران بالنسبة لصادرات الأرز البسمتي وكانت تجارة الأرز في السابق تتم دون خطابات ضمان موقعة من الشركاء التجاريين. وتقول بعض التقارير إن التعاملات عبر مصارف دبي تجري الآن بالدرهم الإماراتي بالرغم من أن هذه المصارف كانت تتعامل في السابق بالدولار أو باليورو.

وبالمثل أكد اتحاد مصدري الشاي في الهند أن خلافات حول العملة الصعبة التي يتم من خلالها تسوية المعاملات بين طهران ونيودلهي تهدد صادرات الشاي الهندي إلى إيران. وقال إس.سي. بيدي، رئيس الاتحاد الهندي للشاي، إن الأمر طرح بالفعل على الحكومة الهندية. وأكد بيدي أن صادرات الشاي مع إيران مدعومة بشكل كبير من خلال خطابات الضمان والتي توفر حماية مناسبة لتحويلات للمصدرين حيث تتم التسويات عبر أكبر البنوك الهندية التجارية وهذه البنوك التجارية تتعامل مع خطابات بنوك في إيران ويتم جعل خطابات الضمان نيابة عنهم «ويأتي هذا في الوقت الذي أصبحت فيه إيران من أكبر الأسواق لاستيراد الشاي الهندي المصنوع يدويا»، ولاحظ بيدي أن إيران بدأت في قبول الهند كمورد معتمد عليه لتوريد الشاي الهندي المصنوع يدويا.

وقال وزير التجارة راؤول خولار إن بنك الاحتياطيات الهندي قد حدد الطرق الرئيسية لتسوية التعاملات التجارية مع إيران والتي أثرت على التجارة بين الهند وإيران بسبب الخلل في آلية تسوية المدفوعات مما هبط بحجم التجارة بين البلدين من 30 مليار دولار إلى نحو 13 مليار دولار متضمنة مصروفات الشحن عبر دولة ثالثة، وأضاف أن «هناك بالتأكيد الكثير من العقبات من جراء هذا الأمر (سواء تلك التي تواجه الصادرات أو الواردات) فليس هناك نظام بديل لتسوية المدفوعات... إنها تضر التجارة»، وأضاف خولار «المصدرون من كلتا الدولتين أصبحوا غير قادرين على شحن بضائعهم لأنه ليس هناك وسيلة دفع بديلة، والتجار الإيرانيون غير راغبين في إرسال البضائع لأنهم لا يعرفون كيف سيتلقون المدفوعات وكذلك التجار الهنديون يرفضون إرسال بضائعهم بسبب سيادة حالة من عدم اليقين حول الكيفية التي سيتسلمون عبرها المدفوعات، ولكن سيتم تسويتها قريبا».

وفي ديسمبر (كانون الأول) أعلن بنك الاحتياطات الهندية أن مدفوعات النفط وبعض الواردات الأخرى إلى إيران ستتم تسويتها بعيدا عن آلية المقاصة الآسيوية الحالية التي تتضمن البنوك المركزية لكل من الهند وبنغلاديش ومولدوفيا وميانمار وإيران وباكستان وبوتان ونيبال وسيريلانكا.

وبواسطة آلية المقاصة الآسيوية هذه فإن واردات الدول التسع هذه يتم تسويتها كل شهرين عن طريق دفع كل دولة ما عليها للأخرى بعد أن يتم حساب صافي الميزان التجاري بين واردات وصادرات كل من هذه الدول معا.

وأكد خولار أن نظام تسوية بديل يجب وضعه وحتى يتم ذلك ستظل المشكلة الحالية قائمة، وحتى يوضع هذا النظام البديل لا بد أن تسير الأمور بشكل طبيعي وهذا ما يتم التفاوض عليه بين إيران والهند.

على الرغم من ذلك قال نابيزاده، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الهند إن بلاده تبدي ثقة كبيرة في الروابط السياسية والاقتصادية القوية بين البلدين وأن هذه العلاقات ستظل قوية على الرغم من العقبات والضغوط الدولية. وأضاف نابيزاده أن المتطلبات الإيرانية الهندية المتبادلة تلعب الدور الأكبر في إبقاء الروابط الثنائية بين البلدين قوية وأن الهند وإيران قد توقعان اتفاقية ثنائية للتبادل التجاري إذا لم يتم الاتفاق على آلية جديدة للدفع بالنسبة لواردات إيران النفطية إلى الهند، وعلى الرغم من هذا فإن مصادر في وزارة المالية الهندية متشككة من أن خطوة كهذه يمكن أن تتحقق فعليا بسبب أن الاتفاق الثنائي بين الهند وإيران قد يسبب انتقادا حادا للهند من قبل الولايات المتحدة الأميركية خاصة فيما يتعلق بالتعامل باليورو لدفع ثمن النفط الخام المستورد من إيران، وأضاف أن إيران حرة في الاتفاق على آلية أخرى كالتي بينها وبين كوريا الجنوبية والتي بينها وبين الصين إذا لم يفلح الاتفاق الحالي عبر البنك الألماني.