تداعيات ليبيا تطال شركات إنتاج سينمائي في هوليوود استثمرت فيها عائلة القذافي

شركة «ناتشرال سيليكشن» جمعت 100 مليون دولار من ابن القذافي وآخرين

صورة لسعدي القذافي (يسار) مع المنتج السينمائي الأميركي ماثيو بيكرمان في إحدى الحفلات على هامش مهرجان تورنتو السينمائي («نيويورك تايمز»)
TT

لم تقتصر تداعيات ليبيا وخسائر تجميد الموجودات الليبية التي تملكها عائلة القذافي وبطانته على البنوك والشركات والعقارات فحسب ولكنها امتدت لتطال شركات الإنتاج السينمائي في هوليوود، حيث ساءت الأوضاع هنا أمام شركة «ناتشرال سيليكشن»، المتخصصة في إنتاج الأفلام الوثائقية التي تتلقى دعما مباشرا من قبل سعدي القذافي، نجل العقيد معمر القذافي. وعلى امتداد الجزء الأكبر من الأسبوع الماضي، تركت الشركة رسالة مسجلة تمثل الرد الوحيد المتوافر عبر هاتف الشركة.

وخارج مكتب الشركة في حي «صنست بوليفارد»، على الجهة المقابلة لمتجر «هسلر» وأسفل لوحة إعلانية ضخمة تروج لفيلم «جيري وينتروب» الوثائقي الذي يحمل اسم «هيز واي» بجانب سد مدخل مساحة تستخدمها الشركة كمرأب للسيارات، توجد شاحنة بيضاء محطمة وإطاراتها الأربعة فارغة من الهواء.

إضافة إلى ذلك، فإن ماثيو بيكرمان، المنتج الذي أثار ضجة العام الماضي بتصريحه لمجلة «فاراياتي» بأنه نجح في جمع 100 مليون دولار كتمويل للشركة من سعدي القذافي وآخرين، بات يواجه معاملة فاترة من زملائه. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، حذف اسم بيكرمان من قائمة المنتجين الذين وجه إليهم الشكر عن مشاركتهم بفيلم وثائقي باسم «ليف آت بريزفيشن هول: لويزيانا فيريتيل»، على الموقع الإلكتروني لمهرجان «ساوث باي ساوث ويست»، الذي يبدأ فعالياته هذا الأسبوع في أوستن بولاية تكساس.

وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني بعثت بها السبت، أشارت تيريزا فيبرتس، التي تعمل مع المخرج السينمائي داني كلنتش، ببساطة إلى أن «ناتشرال سيليكشن غير مشاركة بالفيلم». ولم يجب أي من فيبرتس أو كلنتش على طلبات تقدمنا بها لإدلاء مزيد من التعليقات بشأن الاختفاء المفاجئ لاسم بيكرمان، أو وجود اسم «ناتشرال سيليكشن» على قائمة داعمي الفيلم منشورة على موقع بيانات الأفلام على الإنترنت. ويعد هذا النهج الذي تسلكه هوليوود هو المعتاد بالنسبة لها لدى شعورها بأنها اقترفت خطأ.

في حديث له عبر وسيط، الاثنين، رفض بيكرمان مناقشة شؤون شركته، أو استثمارات سعدي القذافي في الشركة التي لم تلفت الأنظار إلا بعد تحول المظاهرات ضد القذافي لثورة دموية. وخلال الأيام الأخيرة، صرح نجوم الغناء نيلي فرتادو وماريا كاري وبيوسيه أنهم سيتبرعون بالأموال التي سبق أن تلقوها في حفلات أقامها القذافي. في تلك الأثناء، انضمت هوليوود في الجزء الأكبر منها إلى بيكرمان في اللجوء لأفضل ما يمكنها عمله عندما تطل مشكلات مثل هذه برأسها فجأة. ويذكر أن الكاتب ديفيد مكينا والممثلين ميكي روك وإيفا أموري، وهي ابنة الممثلة سوزان ساراندون، قد ارتبطوا جميعا إلى حد ما بمشروعات سينمائية تولت «ناتشرال سيليكشن» منذ انضمام سعدي القذافي إليها.

من جهته، أعلن متحدث رسمي باسم وكالة «بارادايم»، التي تمثل مكينا، الثلاثاء، أنه تعذر عليها الاتصال بالكاتب. ورفض ممثل عن «وان تالنت منيدجمنت»، التي تمثل أموري، ومتحدثة رسمية عن «إنترناشيونال كرييتيف منيدجمنت»، التي تمثل روك، التعليق. إلا أن الكثير من الأفراد ممن على صلة بقائمة الأفلام الخاصة ببيكرمان ـ والذين اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم لتجنب حدوث مشكلات ـ وصفوا كيف أن كبار نجوم وشركات هوليوود يسارعون لإقصاء أنفسهم عن مشروعات ربما يكون سعدي القذافي قد شارك فيها. على سبيل المثال، أصبح من غير المحتمل الآن أن تشارك شركة «ويليام موريس إنديفر إنترتينمنت»، التي ورد اسمها في الكثير من التقارير باعتبارها شريكا بمجال التوزيع لفيلم إثارة مرتقب من إنتاج «ناتشرال سيليكشن» بعنوان «ذي أيس مان»، أن تمضي في مشاركتها بالمشروع بسبب القلق بشأن مشاركة سعدي القذافي، طبقا لما أفاده مصدران مطلعان. وقال متحدث رسمي باسم الشركة إن سياستها تقضي بعدم التعليق على أي مشروعات فردية. كما رفض كيفين إواشينا، الذي عمل وكيل مبيعات لفيلم «أيسليشن»، الذي تم الانتهاء من تصويره بالفعل وتقوم أموري ببطولته، التعليق. ولم يرد شويلر مور، المحامي الذي أشار تقرير صحافي إليه عام 2009 باعتباره ساعد بيكرمان في إبرام العقد مع سعدي القذافي، على أسئلة بعثنا بها إليه.

في تلك الأثناء، تجري الآن محادثات داخل «42 ويست»، وهي شركة علاقات عامة بارزة معنية بصناعة الترفيه، حول أن بيانا وجهته الشركة لوسائل الإعلام أشارت خلاله إلى «ناتشرال سيليكشن» باعتبارها المسؤولة عن فيلم «ليف آت بريزفيشن هول: لويزيانا فيريتيل»، يعد خطأ.

وذكرت مصادر مطلعة أن «42 ويست» كانت تنوي مساعدة بيكرمان عندما كان هناك اعتقاد لدى مسؤولي الشركة بأن مشاركة بيكرمان شخصية تماما. إلا أنها تراجعت عندما بدا أن «ناتشرال سيليكشن»، بدعم من سعدي القذافي، سيكون لها دور. ولم يرد بيكرمان على الاتصالات التي أجرينها به، ولا يزال الغموض يكتنف مستقبل الشركة، وكذلك الحال مع مدى مشاركة سعدي القذافي في الكثير من الأفلام التي أنتجتها الشركة. وذكر اثنان ممن تعاملا عن قرب مع بيكرمان أنه تم تقديمهما إلى سعدي القذافي خلال مهرجانات سينمائية بالخارج، لكن ذلك لم يتم قط داخل لوس أنجليس. وأشار الاثنان إلى أنهما وجدا سعدي القذافي، وهو لاعب كرة قدم سابق، شخصية نشطة وصريحة وملتزمة بفكرة بناء علاقات طيبة بين ليبيا والولايات المتحدة. ولم يبد أي منهما تخوفا حيال المزاعم الماضية بشأن دعم النظام الليبي إرهابيين أو إساءة معاملته أبناء شعبه. وأوضح كلاهما أن هوليوود اعتادت الترحيب بمستثمرين ربما تحيط بهم الشكوك.

وفي سبتمبر (أيلول)، أشارت «ديلي بيست» إلى أن بيكرمان، الذي سبق له العمل بالحقل الغنائي، تم تقديمه إلى سعدي القذافي على شاطئ في موريشيوس في وقت كان يبحث خلاله عن مصدر تمويل. وفي الواقع لا يعد آل القذافي الشخصيات الأفريقية البارزة الوحيدة التي شاركت في المجال السينمائي، ففي عام 1990 حاول الممول الإيطالي غيانكارلو باريتي اجتذاب الحكومة الليبيرية كمستثمر بشركة كان يعتمد عليها في شراء «إم جي إم يو إيه كميونيكيشنز». لكن العلاقة انتهت عندما تعرض حليف باريتي، الرئيس الليبيري سامويل كيه. دو، للتعذيب والقتل على يد خصومه. وخلال الثورة الحالية، ألقى سعدي القذافي خطابات وظهر في التلفزيون عدة مرات مدافعا عن نظام والده. وفي عام 2009، أنتجت «ناتشرال سيليكشن» فيلم «ذي إكسبريمنت»، وينتمي لنوعية الدراما النفسية من بطولة فوريست ويتيكر وأدرين برودي، وأطلقت الفيلم في منافذ بيع شرائط الفيديو عبر شركة «سوني بيكتشرز». وصورت الشركة فيلم «أيسليشن» مطلع العام الماضي وباعت حقوق التوزيع لما يبدو أنه فريق متغير من الشركاء. وفي فترة ما، تلقت «ويليام موريس إنديفر إنترتينمنت» تناول شؤون المبيعات الأجنبية، لكنها لم توافق في النهاية، طبقا لما ذكرته مصادر مطلعة.

وربما كانت الخطوة الأكثر لفتا للانتباه شراء الشركة حقوق كتاب فيليب كارلو «ذي أيس مان: كونفيشنز أوف مافيا كونتراكت كيلر»، حول ريتشارد كوكلينسكي.

وكان من المقرر البدء في تصوير الفيلم في وقت مبكر هذا الربيع، لكن لا تزال كتابة النص جارية، طبقا لمصادر مطلعة. وأشار أحد المصادر إلى أن روك أعرب عن اهتمامه بدور البطولة، لكن لم يعقد اتفاقا رسميا ولن يتخذ قرارا بشأن التعامل مع شركة يدعمها سعدي القذافي حتى تنتهي كتابة السيناريو. وحتى ذلك الحين، لا بد أن الداعم الأكبر لبيكرمان ستشغل ذهنه أمور عظيمة.

* خدمة «نيويورك تايمز»