«ميريل لينش»: ازدياد المخاوف حول النمو الاقتصادي عقب طفرة أسعار النفط

مع ازدياد الاستثمار في الأصول النقدية وتراجع الاستعداد للمخاطرة

TT

أكد الاستبيان الشهري لبنك «أوف أميركا ميريل لينش» لآراء مديري صناديق الاستثمار لشهر مارس (آذار) 2011، ازدياد مخاوف المستثمرين حول آفاق نمو الاقتصاد العالمي وربحية الشركات في أعقاب الطفرة التي شهدتها أسعار النفط العالمية مؤخرا.

وأوضح الاستبيان أن 24 في المائة من مسؤولي تخصيص الاستثمارات، باتوا يتوقعون الآن انخفاض هوامش الأرباح التشغيلية للشركات خلال الـ12 شهرا المقبلة. وتمثل هذه النسبة أكبر تراجع شهري منذ بدء الاستبيان في طرح هذا السؤال عام 2004، حيث كان 10 في المائة من أولئك المسؤولين يتوقعون ارتفاع تلك الهوامش في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وكشف الاستبيان عن أن 32 في المائة من مديري صناديق الاستثمار الذين تم استبيان آرائهم، لا يزالون يتوقعون ارتفاع أرباح الشركات خلال العام المقبل، بتراجع كبير عن 51 في المائة منهم توقعوا ذلك الشهر الماضي. إضافة إلى ذلك، يرى 31 في المائة من أولئك المديرين الآن، أن متوسط توقعات المحللين للأرباح بالغت في تقدير نسبة الزيادة المرتقبة.

ويتجلى هذا التراجع في ثقة المستثمرين المشاركين في الاستبيان، في طبيعة توقعاتهم لآفاق تطور الاقتصاديات الصغرى. وكشف الاستبيان عن أن 31 في المائة من مديري صناديق الاستثمار لا يزالون يعتقدون أن الاقتصاد العالمي سوف يتحسن خلال العام المقبل، بتراجع كبير عن 51 في المائة منهم أعربوا عن ذلك الاعتقاد الشهر الماضي. ولاحظ الاستبيان أن تراجع الثقة كان أكبر بكثير في الولايات المتحدة الأميركية، حيث انخفضت الثقة من 52 في المائة إلى 21 في المائة، بينما توقع المستثمرون في آسيا باستثناء اليابان نموا سالبا للاقتصاد العالمي العام المقبل، حيث توقع 25 في المائة منهم تراجع الاقتصاد العالمي العام المقبل.

وعلى الرغم من استبعادهم لحدوث انكماش قريب في الاقتصاد العالمي، أكد الاستبيان ازدياد احتمالات حدوث ركود اقتصادي. فقد تضاعفت نسبة المديرين الذين توقعوا نموا أدنى من المعدل الطبيعي وتضخما أعلى من ذلك المعدل، لتبلغ 38 في المائة خلال شهرين فقط. ورجح أولئك المديرون السيناريو المستقبلي التالي من بين أربعة سيناريوهات محتملة لآفاق الاقتصاد العالمي.

ولا يتوقع المستثمرون ارتفاعا قريبا في أسعار الفوائد الأميركية نتيجة صدمة أسعار النفط، لكن ثلاثة أرباعهم لا يزالون يتوقعون رفعها خلال الشهور الـ12 المقبلة. كما توقع 35 في المائة منهم تدني ريع الاستثمارات إلى الصفر خلال الفترة المذكورة، بارتفاع كبير عن 14 في المائة منهم توقعوا ذلك الشهر الماضي.

ويعتقد ما لا يقل عن 72 في المائة من المستثمرين أن البنك المركزي الأوروبي سوف يرفع أسعار فوائده قبل شهر يوليو (تموز) المقبل، بينما لم يتوقع أي منهم ذلك الشهر الماضي.

وفي سياق تعليقه على هذه التطورات، قال مايكل هارتنت، كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم العالمية في شركة بنك «أوف أميركا ميريل لينش» للبحوث العالمية: «تحولت توقعات المستثمرين في استبيان مارس إلى ترجيح حدوث ركود اقتصادي، يتزامن مع تباطؤ في النمو وارتفاع في التضخم وأسعار الفوائد، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل السيولة النقدية».

من جانبه قال جاري بيكر، رئيس دائرة استراتيجية الأسهم الأوروبية في شركة بنك «أوف أميركا ميريل لينش» للبحوث العالمية: «إذا انعكس الاتجاه الراهن لأسعار النفط، فقد يتضح أن هذا التحول في المشاعر الاستثمارية عابر ومؤقت، إذ إنه لم تحدث أي عمليات بيع واسعة النطاق، حيث إن المستثمرين يفضلون المراقبة وانتظار التطورات».

تحويل فائض الاستثمارات في الأسهم إلى الأصول النقدية

* عزز المستثمرون استثماراتهم في الأصول النقدية نتيجة غموض الآفاق الاقتصادية، حيث أكد 18 في المائة منهم أنهم مفرطون في الاستثمار في تلك الأصول مقارنة مع 3 في المائة فقط أكدوا ذلك في فبراير (شباط) الماضي. وارتفع متوسط معدل الاستثمار في الأصول النقدية عالميا إلى 4.1 في المائة من إجمالي قيم المحافظ الاستثمارية في مارس الحالي، مقارنة مع 3.5 في المائة الشهر الماضي.

كما خفض المستثمرون حيازاتهم من الأسهم والسلع الأساسية، حيث ذكر 45 في المائة منهم أنهم مفرطون بالاستثمار في الأسهم في مارس الحالي، انخفاضا من 67 في المائة الشهر الماضي، بينما أكد 21 في المائة منهم أنهم مفرطون بالاستثمار في السلع الأساسية. وتوضح هذه النتائج إقبال ما نسبته 8 في المائة من أولئك المستثمرين على المجازفة بمعدلات أقل من المعدل الطبيعي في مارس، مقارنة مع واحد في المائة أقبلوا على المجازفة بمعدلات أعلى من المعدل الطبيعي في فبراير.

ومما يثير الدهشة في هذا السياق، أن هذا التوجه لم يؤد إلى ازدياد الإقبال على الاستثمار في السندات، حيث ظلت نسبة المستثمرين في هذه الفئة من الأصول تراوح عند 59 في المائة، بانخفاض طفيف عن الشهر الماضي.

ولم يقم المستثمرون بتعديل مخصصاتهم الاستثمارية في هذا القطاع بشكل كبير في مارس. وبينما لا يزال المستثمرون يقبلون بقوة على الاستثمار في شركات التكنولوجيا الواعدة، فإنهم لا يزالون مفرطين بالاستثمار في الأسهم المرتبطة بالدورات الاقتصادية مثل المواد الأساسية والصناعة. كما لا يزال المستثمرون مقلين بالاستثمار في الأسهم ذات الطبيعة الدفاعية أمثال أسهم شركات المنتجات الاستهلاكية ومرافق الخدمات العامة، على الرغم من ازدياد إقبالهم على أسهم شركات المستحضرات الصيدلانية والرعاية الصحية. وتراجع الإقبال على الأسهم الأميركية على الصعيد الإقليمي، حيث تراجعت نسبة مديري صناديق الاستثمار المفرطين بالاستثمار في تلك الأسهم بمعدل 23 في المائة في مارس بانخفاض عن 34 في المائة في فبراير. ففي الولايات المتحدة الأميركية لوحدها، أعرب 4 في المائة من المشاركين في الاستبيان عن اعتقادهم بأن الشركات الأميركية سوف ترفع معدلات أرباح الأسهم العام المقبل، مقارنة مع 43 في المائة أعربوا عن نفس الاعتقاد الشهر الماضي.

من ناحيتهم، زاد المستثمرون الأوروبيون المقلون بالاستثمار في أسهم شركات تصنيع السيارات والسلع المنزلية الشخصية، من استثماراتهم في تلك الأسهم بشكل حاد إلى نسبة 20 في المائة و30 في المائة على التوالي.

ازدياد الثقة بالاقتصاد الصيني

* أظهرت نتائج الاستبيان أن تآكل الثقة الذي شهده الاستثمار في الأسواق الصاعدة مؤخرا آخذ بالانحسار، وأشارت إلى أن 15 في المائة من مديري صناديق الاستثمار الإقليمية باتوا يتوقعون الآن أن يضعف الاقتصاد الصيني العام المقبل، بانخفاض ملحوظ عن 27 في المائة منهم توقعوا ذلك الشهر الماضي. كما شهدت الأسواق العالمية انخفاضا مشابها في نسبة المستثمرين الذين يتوقعون أن تشكل الأسواق العقارية الصينية مصدرا كبيرا للمخاطر. وبصورة عامة، بدا موقف المستثمرين محايدا إزاء آفاق أسهم الأسواق الصاعدة، بينما كان 43 في المائة منهم مفرطون بالاستثمار في تلك الأسهم قبل شهرين.