البورصة اليابانية فقدت قرابة 205 مليارات دولار منذ الاثنين وسط حمى بيع لأسهم جميع الشركات

تقديرات خسائر الزلزال تتجاوز 159 مليار دولار

TT

وسط حمى القلق التي سيطرت على المتعاملين في الأسواق العالمية والسوق اليابانية على وجه الخصوص أمس، هبط مؤشر «نيكاي» لقياس الـ 225 سهما الكبرى بشكل حاد في بورصة طوكيو ليضاعف خسارته ويفقد نحو 16.8 من قيمته خلال يومين من التعامل، وهو ما يوازي قرابة 205 مليارات دولار بحساب قيمة المؤشر السوقية. وحدثت هذه الخسائر الضخمة رغم تدخل البنك المركزي الياباني (بنك اليابان) لليوم الثاني على التوالي بضخ 8 تريليونات ين في الأسواق اليابانية (نحو 98 مليار دولار). وكان المركزي الياباني قد تدخل في الأسواق يوم الاثنين ثلاث مرات وضخ في الأسواق 15 تريليون ين (قرابة 183 مليار دولار)، في إطار خطة منسقة لضمان استقرار اقتصاد اليابان. وبعد التعاملات القلقة التي سيطرت عليها أمس حمى البيع لأسهم جميع الشركات، فقد مؤشر نيكاي 10.6 في المائة من قيمته، وهو ما يوازي قرابة 125 مليار دولار، وسط تزايد المخاوف من تداعيات الزلزال وتأثير الإشعاع النووي المتسرب من المفاعلات النووية اليابانية التي فشلت الهيئات النووية حتى الآن في السيطرة عليها. وأمام احتمالات دخول الاقتصاد الياباني في ركود عميق تراجعت البورصات العالمية وتهاوت أسعار السلع بنفس السرعة التي تهاوت بها المباني أمام التسونامي الذي ضرب اليابان في أعقاب الزلزال.

قدرت وكالة «ستاندرد آند بوورز» للتصنيف الائتماني خسائر اليابان في تعليقات بعثت بها لـ «الشرق الأوسط» بأنها ستتجاوز 16.3 تريليون ين (نحو 159 مليار دولار). وقالت الوكالة في بيان بهذا الخصوص «من المبكر تقدير حجم الخسائر التي ستتكبدها اليابان من الزلزال ولكن كلفة إعادة التعمير وبرامج الإنعاش الاقتصادي ستكون بالتأكيد أكبر من كلفة كارثة (كوبي في العام 1995) التي كلفت اليابان 16.3 تريليون ين بين أعوام 1995- 2000. وأضافت وكالة التصنيف قولها «أكبر التحديات التي تواجه اليابان حاليا هي الشكوك حول قدرتها على إغلاق المفاعل النووي بدرجة تحقق السلامة من الإشعاع النووي إضافة إلى مستقبل إمدادات الطاقة في المستقبل»، وحول مستقبل التصنيف السيادي لليابان قالت «ستاندرد آند بوورز» إن التصنيف السيادي سيتوقف على تأثيرات الزلزال على الاقتصاد وحجم المديونية. من جانبه قدر بنك «كريدي سويس» حجم الخسائر الناجمة عن الزلزال الأكثر تدميرا في تاريخ اليابان بنحو 171 مليار دولار أو ما يعادل 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي للبلاد. وعلى الرغم من التوقعات المتعددة التي صدرت قبل هذا الزلزال بفترة والتي حذرت من العودة إلى الركود فإن «رويال بنك أوف سكوتلاند» حذر من أن فترة «الحداد الوطني» التي قد تعيشها اليابان بعد هذا الزلزال ستجعل تكلفة إعادة الإعمار أكثر ارتفاعا تزامنا مع تراجع الاستهلاك وارتفاع العائد على السندات الحكومية.

وعاشت بورصة طوكيو يوم الثلاثاء واحدا من أسوأ أيامها بتراجع مؤشر «نيكاي» الذي يضم أسهم أبرز 225 شركة مدرجة بنسبة 10.55 في المائة في أجواء من الهلع في أوساط المستثمرين مع تفاقم الأزمة النووية في اليابان. وأغلق مؤشر «نيكاي 225» الرئيسي على خسارة 1015.14 نقطة ليستقر عند 8605.15 نقطة في ثالث أسوأ تراجع بالنسبة المئوية منذ إنشاء البورصة اليابانية قبل أكثر من نصف قرن. أما مؤشر «توبيكس» الأوسع الذي يضم جميع شركات الصف الأول وتعكس أسهمه بشكل أفضل أداء القطاعات فأغلق على خسارة مماثلة بلغت 80.23 نقطة (9.47 في المائة) مستقرا عند 766.73 نقطة. وبلغت قيمة التبادلات رقما قياسيا ناهز 5.78 مليار سهم تم تبادلها في البورصة الأولى، مما يشكل نشاطا أكبر بثلاثة اضعاف عن الجلسات العادية.

وبدأ المؤشر يوم أمس على تراجع كبير وسط موجة من الهلع بعد اعتراف الحكومة اليابانية بأن مستوى الإشعاعات في محطة فوكوشيما بلغ حدا خطيرا على الصحة. ولم ينج أي قطاع من هذا التراجع. فقد مني قطاع صناعة السيارات بخسائر فادحة. وتراجع مؤشر شركة «تويوتا» 7.40 في المائة ليبلغ سعر سهمها 3065 ينا بينما سجلت «نيسان» خسائر أقل (3.32 في المائة) وبلغ سعر سهمها 698 ينا. كما انخفض سعر سهم «هوندا» 3.90 في المائة ليبلغ 74 ينا. وبالنسبة إلى شركات الإلكترونيات خسر سهم «سوني» 8.86 في المائة ليبلغ 2324 ينا 29 و«باناسونيك» 13.62 في المائة. وفي نيويورك انخفضت الأسهم الأميركية بأكثر من 2 في المائة من قيمتها في مستهل تعاملات أمس بسبب تداعيات كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان واحتمالات انصهار مفاعلات نووية فيها، الأمر الذي يهدد بأزمة مالية عالمية حيث تمتلك اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد أميركا والصين. وقد خسر مؤشر «داو جونز» الصناعي القياسي في بورصة «وول ستريت» خلال الساعات الأولى للتعاملات 210.89 نقطة أي بنسبة 1.76 في المائة إلى 11782.27 نقطة. وتراجع مؤشر «ستاندرد أند بورز» الأوسع نطاقا بمقدار 24.14 نقطة أي بنسبة 1.89 في المائة إلى 1272.25 نقطة. وتراجع مؤشر «ناسداك» بمقدار 55.99 نقطة أي بنسبة 2.07 في المائة إلى 2644.98 نقطة. كما سجلت البورصات الأوروبية تراجعا كبيرا.

وفي سوق المعادن، انخفض سعر مزيج برنت خمسة دولارات أمس الثلاثاء وفقد الخام الأميركي الخفيف أربعة دولارات مع تنامي العزوف عن المخاطرة في الأسواق العالمية جراء الأزمة النووية اليابانية. وهبط «برنت» في عقود أبريل (نيسان) إلى 107.88 دولار للبرميل في حين انخفض الخام الأميركي الخفيف لفترة قصيرة إلى 97.10 دولار للبرميل. وقال محللون إن أسواق الطاقة أدخلت في حساباتها احتمالات دخول الاقتصاد الياباني في ركود عميق خلال الفترة المقبلة وبالتالي سيتراجع الطلب. ولاحظ محللون في لندن تناقص الصفقات التي نفذت في سوق العقود الآجلة خلال اليومين. وفي نيويورك نسبت وكالة «بلومبيرغ» أمس إلى ستيفن وود استراتيجي الأسواق بمجموعة «روسل وود» قوله «ما يحدث في اليابان هو تدمير للطلب، لقد رأينا معادلة مخاوف تناقص العرض طوال الشهرين الماضيين بسبب أحداث ليبيا ومصر وإلى حد ما ما يحدث في البحرين والآن نرى الشق الثاني من المعادلة وهو مخاوف ضعف الطلب». ويتوقع محللون أن يقلل المضاربون من صفقات المخاطرة في أسواق الطاقة وسط فائض المعروض الذي تضخه السعودية.

وفي سوق المعادن الثمينة تراجعت أسعار البلاتين والبلاديوم أمس مقتفية أثر الذهب وسط خسائر ثقيلة في مختلف الأسواق المالية جراء تفاقم المخاوف بشأن الأزمة النووية اليابانية. وتراجع سعر البلاتين في السوق الفورية نحو ثلاثة في المائة ليصل إلى أدنى مستوياته للجلسة عند 1693.65 دولار للأوقية (الأونصة) قبل أن يسجل 1701.74 دولار للأوقية في الساعة 1229 بتوقيت غرينتش مقابل 1749.99 دولار في أواخر معاملات نيويورك يوم الاثنين. وتراجع البلاديوم أكثر من أربعة في المائة إلى 707.23 دولار للأوقية ثم سجل 711.72 دولار مقارنة مع 740 دولارا يوم الاثنين.