مخاوف من تأثير تمديد الفترة الانتقالية على أداء اقتصاد مصر

الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط تدعم فرص الاستثمار

تدفق الاستثمارات إلى مصر ينتظر الاستقرار السياسي
TT

يواجه المستثمرون موقفا ملتبسا تجاه رغبتهم في الاستثمار في مصر، ويرى خبراء أن تصاعد حدة الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط والدول المحيطة بمصر يرجح كفة القاهرة كبيئة مواتية للاستثمار، لكن هناك مخاوف من أن تمديد مدة انتقال السلطة من المجلس العسكري إلى سلطة منتخبة قد يؤثر على هذا التوجه، ويدفع المستثمرين لتأجيل قرارهم بشأن الانخراط في السوق المصرية.

ويقترع المصريون اليوم (السبت) على التعديلات الدستورية المقترحة التي تضمنت تعديل 8 مواد وإضافة مادتين، وإذا تمت الموافقة على التعديلات، ينتظر المصريون أجندة حافلة بالانتخابات البرلمانية (الشعب والشورى) والرئاسية، وهو ما يرى فيه البعض عاملا مساعدا على سرعة عودة الهدوء والاستقرار السياسي، بينما يخشون من أن يرفض المقترعون التعديلات، مما يعني تمديد بقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة في السلطة.

وقالت وكالة «موديز» إنها قد تلجأ إلى تخفيض تصنيفها الائتماني للسندات المصرية مرة أخرى إذا تدهور الوضع السياسي الذي يهدد نقل السلطة إلى حكومة جديدة فعالة، وترى أن طول الفترة الانتقالية يقوض قوة المؤسسات المصرية، ويزيد المخاطر على المدى القصير.

وقال الدكتور مصطفى زكي، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»: إن طول الفترة التي تمر بها البلاد من دون دستور أو كيان قانوني يضيع فرصا كثيرة جدا على الاقتصاد المصري.

ويرى زكي أن الموافقة على التعديلات الدستورية المطروحة حاليا تتيح تأسيس نظام جيد في البلاد، بدلا من الاعتماد على الجيش وحكومة تسيير أعمال. وقال: «المجلس العسكري ومجلس الوزراء لا يمثلان المصريين، وطول فترة كلا المجلسين في الحكم سيؤثر على أداء الاقتصاد، فالمستثمرون الأجانب الراغبون في الاستثمار بمصر يؤجلون قرارهم حتى يتم انتقال السلطة في البلاد، ومن الممكن في تلك الحالة ضياع تلك الاستثمارات إذا ظهرت دول توفر مناخا سياسيا واقتصاديا أفضل».

وأكد زكي أن هناك شركات أجنبية تنتظر استقرار الأوضاع السياسية في مصر حتى تتوجه وتقيم استثماراتها في البلاد، لكنها تخشى دخول بلد لا يوجد به دستور.

وتابع زكي: «في الأحوال كلها ستكون الفترة المقبلة في مصر أفضل مما سبقتها؛ فالنظام السابق في مصر كان يعتمد في جذب استثماراته على أسس غير سليمة، أما الفترة المقبلة سواء طالت أو قصرت الفترة الانتقالية فستشهد مصر خلالها رواجا اقتصاديا كبيرا إذا تم بناء مؤسسات البلد على أسس وقوانين سليمة تتيح تكافؤ الفرص بين المستثمرين كافة».

وأشار زكي إلى أن طول الفترة الانتقالية أيضا قد يؤثر على التصنيفات الائتمانية على القروض المصرية، ويقول: «سيؤثر طول الفترة الانتقالية على زيادة ديون مصر؛ لأنها سترفع أسعار فائدة أذون الخزانة والسندات الحكومية التي تطرحها الدولة لمواجهة احتياجاتها، فطول فترة غياب الدستور يؤدي إلى زيادة المخاطر المتعلقة بقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها».

ويؤكد محمد سعيد، رئيس قسم البحوث بشركة «اي دي تي» للاستشارات والنظم، أن خروج مصر من الفترة الانتقالية وبناء مؤسسات قوية سيؤثران بالإيجاب على الاقتصاد المصري، وسيساعدان في تحسين صورة مصر الخارجية، مما يساعد على اجتذاب رؤوس الأموال. وقال: إن عودة الاستقرار السياسي في مصر، مع انتقال الاضطرابات السياسية إلى دول أخرى، تساعد على جذب استثمارات من تلك الدولة إلى دول تجاوزت مرحلة الاضطرابات وبدأت مرحلة البناء.

وينظر سعيد إلى تعديل الدستور المقترح بمثابة نقلة كبير لمصر، خاصة مع إعلان المجلس العسكري ضمانه انتخابات نزيهة تتضمن عودة الإشراف القضائي الكامل، ويرى أن هذا الضمان يتيح تمثيلا جيدا للقوى الوطنية الجادة في البلاد.

وتلفت منى منصور، رئيسة قسم البحوث بالبنك الاستثماري سي آي كابيتال، الانتباه إلى أن المشكلة التي تواجه المستثمرين في مصر الآن هي استقرار الأوضاع الأمنية، خاصة أن الشرطة المصرية التي انسحبت من شوارع البلاد في أعقاب يوم 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، لم تعُد إلى العمل بكامل قوتها، نافية أن تؤثر مدة انتقال السلطة على توجهات المستثمرين.

وتقول منى: إنه لا يجب ربط مدة انتقال السلطة بالأداء الاقتصادي في البلاد؛ فالحكومة الحالية تتعامل مع الأمور بشكل جيد، ورئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، الذي يحظى بدعم شعبي واسع، أعلن أن البلاد لن تغير وجهتها عن الاقتصاد الحر، وهذا يكفي لطمأنة المستثمرين الحاليين في البلاد. وأضافت: «قد يؤثر طول فترة انتقال السلطة على جذب استثمارات جديدة إلى الداخل على المدى القصير، لكن الأهم بالنسبة للبلاد وللمستثمرين هو بناء نظام ديمقراطي حقيقي ومؤسسات قوية؛ لأن هذا هو ما يدعم الاقتصاد».