فوضى الراجحي

علي المزيد

TT

في أواخر الثمانينات الميلادية، قادني عمل مع أحد الزملاء لشركة «الراجحي المصرفية» أو مصرف الراجحي حاليا، وكان مقرها شارع البطحاء قلب العاصمة السعودية في حينه، دخلنا مقر الشركة واتجهنا صوب المكتب الذي نقصده وفي الطريق رأى زميلي مكتبا مفتوحا وبه شيخ جليل قال لي من هذا الشيخ؟ أجبته: هذا الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي. فجأة غير زميلي مساره واتجه صوب سليمان الراجحي وقفت أرقب الموقف بتعجب، ولكني رأيت سليمان الراجحي يرحب بزميلي بحرارة، ترددت في الذهاب نحوهما لأننا بلا موعد، ولمعرفتي بأن وقت الرجل ثمين ولكني اتجهت في الختام. تكلم العم سليمان كلاما متشعبا ولكنه آسر، فقد تحدث بتقدير عن أخيه صالح رحمه الله وذكر بتواضع شديد أنه كان يعمل لديه صبيا وكان يقولها بهذه الألفاظ، المهم أن صاحبي سأله سؤالا متخصصا، فقال له هل تصعد سوق الأسهم السعودية أم لا؟ وكانت السوق السعودية حينها حديث التعاملات لا النشأة، التفت إليه العم سليمان وقال له: اضمن لي ثلاثا أضمن لك ارتفاع السوق، أولا اضمن لي الاستقرار السياسي، وثانيا اضمن لي ثبات سعر صرف الريال، وثالثا اضمن لي عدم هبوط سعر النفط، أضمن لك ارتفاع سوق الأسهم السعودية. خرجنا من مكتب الراجحي فالتفت إلي زميلي وقال لم يجاوبنا الشيخ سليمان، قلت له: بل أبلغ في الإجابة فهو لم يحدد لك ارتفاع السوق أو انخفاضها وإنما حدد لك العوامل التي على ضوئها تصعد السوق أو تهبط وأنت تراقب هذه العوامل وعلى ضوئها تتخذ قرارك بالبيع أو الشراء. لا أعرف لماذا قفزت في ذهني هذه القصة؟ ولكن لعل عقلي الباطن تحرك حينما رأى مظاهر الفوضى تحيط بنا وبعالمنا العربي وتذكر نصائح الاقتصاديين وعلى رأسهم الراجحي التي تشير إلى أن لا اقتصاد مع الفوضى. ومع أهمية الاستقرار، فإن الاقتصاد يتضاعف نموه حينما يصاحب الاستقرار حرية اقتصادية، وعدم بيروقراطية، وعدالة تقاض، وسرعة في تنفيذ الأحكام، وحيادية في الموظفين الرسميين، وعدالة في الفرص بدلا من أن يكون صاحب الفرص رجل أعمال واحدا.

* كاتب اقتصادي