أميركا: وادي السيلكون يسعى إلى إزالة العراقيل البيروقراطية أمام المستثمرين الأجانب

يقدر عددهم بالآلاف وبإمكانهم خلق المزيد من الوظائف في قطاع التقنية

منذ 1990 حتى 2005 قام مهاجرون بتأسيس قرابة 25% من الشركات في قطاع التقنية الأميركي
TT

بدا لرجل أعمال نيوزيلندي أن كل شيء جاهز لديه لبدء مشروعه وتدشين مشروع شبكة اجتماعية داخل الولايات المتحدة، فقد جمع 430,000 دولار، واستعمل 14 موظفا، واستأجر مكتبا على بعد أميال قليلة من طريق ساند هيل الشهير داخل وادي السيلكون.

وكان لديه كل شيء، فيما عدا التأشيرة. ولما كان طلبه لا يزال محل نظر في ديسمبر (كانون الأول)، فقد اضطر إلى مغادرة البلاد. ومنذ ذلك الحين، ترك الكثير من موظفيه مكان العمل، ونفد ما لديه من مال.

وقال رجل الأعمال، شريطة عدم ذكر اسمه لأن تأشيرته لا تزال محل مراجعة: «الانتظار المستمر يبعث في النفس شعورا بالإحباط. ولا أعرف متى سأحصل على الموافقة – وربما يكون ذلك خلال شهرين أو ثلاثة أشهر، أو أكثر من ذلك».

يحاول مجموعة من المشرعين ومستثمرون بارزون في قطاع التقنية أن يزيلوا قواعد بيروقراطية أمام الآلاف من رجال الأعمال المولودين في الخارج في إطار محاولة لخلق المزيد من الوظائف داخل الولايات المتحدة والتشجيع على الابتكار.

ويهدف مشروع قانون جديد – قدمه يوم الاثنين السيناتور جون كيري (الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس) والسيناتور ريتشارد لوغار (الجمهوري عن ولاية إنديانا) والسيناتور مارك أودار (الديمقراطي عن ولاية كولورادو) – إلى منح تأشيرات مدتها عامان لرجال أعمال أجانب إذا ضمنوا تمويلا يبلغ على الأقل 100,000 من مستثمرين مؤهلين. وبعد عامين، يجب أن يكون لدى الشركة الناشئة 5 موظفين على الأقل و500,000 دولار.

ويقول السيناتور كيري: «في ظل هذا المناخ، نبحث عن وسائل مسؤولة من الناحية المالية تهدف إلى خلق وظائف. ويلبي قانون تأشيرات الشركات الناشئة هذا المطلب».

وقد أصبحت هذه القضية مهمة داخل قطاع التقنية، وهو المجال الذي لعب فيه رجال أعمال أجانب دورا محوريا على مدار أعوام. ومنذ عام 1990 حتى عام 2005، قام مهاجرون بتأسيس قرابة 25 في المائة من الشركات العامة يدعمها رأس المال الاستثماري، وذلك وفقا لما أفادت به دراسة للمؤسسة الوطنية للسياسة الأميركية، وهي مجموعة بحثية داخل واشنطن. وتضم الشركات كيانات بارزة مثل «غوغل» و«ياهو» و«إي باي».

ولكن يوجد مبعث خوف متنام داخل قطاع التقنية من أن سياسات الهجرة داخل الولايات المتحدة تجعل المواهب تبتعد، في الوقت الذي أصبحت فيه الصين وغيرها من الأسواق الناشئة أكثر جاذبية. ويحظى مشروع القانون بدعم أكثر من 160 مستثمرا في قطاع التقنية، ومن بينهم براد فلد، الذي بدأ «فوندري غروب»، وفريد ويلسون، وهو مستثمر في «تويتر»، وريد هوفمان، مؤسس «لنكد إن» وشرفين بيشفار، وهو مستثمر ممول.

وقد مر الكثيرون من هؤلاء بمواقف خاصة في عملية الحصول على تأشيرة. وأصبح بيشفار – الذي ولد داخل إيران وحصل على الجنسية الأميركية بعد أن منح أبواه حق اللجوء السياسي خلال الثورة الإيرانية – مناصرا مهما للمؤسسين المهاجرين. وقد ساعد أخيرا أندري ترنوفسكي، المؤسس الروسي لخدمة المحادثة «تشاتروليت»، على الحصول على تأشيرة خلال قرابة أربعة أشهر.

وعلى الرغم من الدعم المتنامي فإن مشروع القانون الجديد يواجه بعض التحديات. ولم تخرج صيغة سابقة خارج اللجنة المختصة خلال العام الماضي. ويحتمل بدرجة كبيرة أنه أرجئ بسبب مشروع الرعاية الصحية المهم وانتخابات التجديد النصفي والجدل المحيط بإصلاحات الهجرة، وذلك بحسب ما يقوله فلد، من «فوندري غروب».

ولكن يشعر فلد وآخرون بالمزيد من التفاؤل هذه المرة. وعلى الرغم من أن مشروع القانون تغير بصورة كبيرة، فإن النقاش داخل واشنطن قد تطور.

ويقول فلد، عضو مجلس إدارة شركة الألعاب الاجتماعية (زينغا): «لم تكن لغة الأعمال موجودة في الساحة السياسية حتى هذا العام. وكان الكلام حول إنشاء شركات صغيرة – ولم يفهم بعض الساسة ماذا كان يعني موضوع شركات النمو الكبير».

ومع وصول معدل البطالة إلى 9.5 في المائة، يصرف مشرعون قدر أكبر من الاهتمام إلى آلية خلق الوظائف. ويتركز جزء من ذلك على التحول إلى الشركات الناشئة في مجال التقنية، التي تحصل الكثير منها على رأس مال جاد ويتزايد العاملون داخلها بصورة كبيرة. وعلى سبيل المثال ارتفع عدد العاملين داخل موقع التسويق الاجتماعي «غروبون»، على سبيل المثال، إلى 5900 موظف بالمقارنة مع 124 خلال أقل من عامين. وأصبح الفريق كبيرا إلى درجة أن الاجتماعات الشهرية للعاملين تحولت من مقر شيكاغو إلى كنيسة محلية.

ومع نمو الشركات الناشئة، نما نفوذ وادي السيلكون داخل واشنطن. وفي وقت سابق من العام الحالي تعهد البيت الأبيض بملياري دولار للشركات في المراحل الأولى، في إطار مبادرة أطلق عليها «ستارت آب أميركا». ويأتي ستيف كيس، المؤسس المشارك لـ«إيه أو إل»، ضمن المتصدرين في هذا المسعى الهادف إلى تشجيع قطاع الأعمال بالتزامن مع المؤسسات الخاصة.

ومنذ فبراير (شباط) 2010، قامت وزارة الخارجية الأميركية بتنسيق رحلات عديدة مع قيادات في قطاع التقنية إلى دول مثل روسيا وإندونيسيا ومصر من أجل التعرف على الابتكار داخل الأسواق الناشئة. وقد توجه العديد من المسؤولين البارزين في البيت الأبيض إلى وادي السيلكون من أجل التواصل مع النخبة داخل القطاع.

وقام الرئيس الأميركي باراك أوباما بزيارة بيت المستثمر البارز في قطاع التقنية جون دور في شهر فبراير وتناول الغداء مع مؤسس «فيس بوك» مارك زوكربرغ، والرئيس التنفيذي لشركة «أبل» ستيفن جوبس. ومن بين المواضيع الأخرى، ناقشوا كيف يمكن للحكومة أن تقوي علاقتها مع القطاع.

ويقول بيشفار، مؤسس شبكة «غامينغ» الاجتماعية: «عد وادي السيلكون لوقت طويل أنه محصن من سياسات واشنطن وأننا يمكن أن نبتكر بمفردنا. والآن ندرك أن علينا التواصل وأننا يجب أن نكون جزءا من عملية اتخاذ القرار».

* خدمة «نيويورك تايمز»