برلماني أوروبي لـ «الشرق الأوسط»: دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط لا تحتاج إلى المال ولكل بلد خصوصياته

أعد تقريرا حول مستقبل سياسة الجوار الأوروبية مع دول جنوب المتوسط

TT

دول جنوب المتوسط وخاصة دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط لا تحتاج إلى المال الأوروبي فقط، وإنما هناك أشياء أخرى أثبتت الأحداث الأخيرة أن على أوروبا أن تفعلها من أجل مساعدة تلك الدول الشريكة. هذا ما قاله البرلماني الأوروبي ماريو ديفيد من حزب الشعب الأوروبي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عقب تقديمه تقريرا حول مستقبل سياسة الجوار الأوروبية مع دول جنوب المتوسط، وكان أيضا عنوان المناقشات التي جرت في البرلمان الأوروبي أثناء دراسة التقرير من جانب لجنة الشؤون الخارجية حول هذا الصدد، وأضاف ديفيد «في إطار محاولة لإعادة النظر وتقييم سياسة الجوار الأوروبية أخذنا بعين الاعتبار التطورات الأخيرة ويجب أن نأخذ مما حدث درسا حيث إن لكل بلد خصوصياته ولا بجب تعميم الأحكام، فعلينا تشجيع الديمقراطية وبناء المؤسسات وحكم القانون ويمكن أن نساهم بخبراتنا في هذا الصدد ولكن إذا ما طلبت دول الجنوب منا ذلك، ولا بد من التقرب من المجتمع المدني، وبالنسبة إلى الهجرة لا بد من فتح الأبواب أمام رجال الأعمال والدارسين». ويأتي ذلك في أعقاب التطورات التي عرفتها المنطقة على طريق التحول إلى الديمقراطية، وبحسب مصادر داخل المؤسسة التشريعية الأوروبية في تعليق لها على التقرير «التحول إلى الديمقراطية في منطقة جنوب المتوسط لاقى الترحيب من جانب المؤسسات والفعاليات الأوروبية المختلفة ولكن في الوقت نفسه أثار القلق والمخاوف من تداعيات الأحداث والاضطرابات التي تشهدها بعض دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط من أجل التحول إلى الديمقراطية، وتتمثل المخاوف الأوروبية في إمكانية حدوث تداعيات اقتصادية واجتماعية بل وسياسية تؤثر على خطط تعامل التكتل الموحد مع منطقة جنوب المتوسط، ودول جنوب المتوسط والقريبة جغرافيا وثقافيا وتاريخيا بالدول الأوروبية على الضفة الشمالية للمتوسط، وخاصة دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، شهدت ولا تزال توترات واضطرابات لا بد أن تؤثر تداعياتها على الشركاء الأوروبيين، واعترفت أوروبا بأنها تتخوف من ارتفاع موجات الهجرة غير المنظمة القادمة من تونس وليبيا، وربما مصر ودول أخرى، وترى المفوضية الأوروبية ببروكسل أنه سيسجل فراغا سياسيا معينا في البلدان الحديثة الديمقراطية، بما في ذلك بروز أحزاب إسلامية، مع شعور بالقلق في بعض البلدان من عدم احترام هذه الأحزاب لقواعد اللعبة الديمقراطية. وعرفت عواصم أوروبية ارتفاعا في أسعار النفط ووصل إلى تحطيم أرقام قياسية سابقة إلى درجة دفعت البعض إلى الاعتماد على وسائل النقل العامة بدلا من السيارات، ويقول لوك سيميونس مدير القسم الاقتصادي في مركز التقييم والدراسات الأوروبي ببروكسل «يجب أن ننظر لهذه التأثيرات من جانبها الإيجابي، إذا أدت الأمور إلى ديمقراطية هذا أمر جيد أما بالنسبة إلى تأثر أسعار النفط واستخدام وسائل النقل بدلا من السيارات الخاصة فأقول إن الأمر سيختلف من دولة إلى أخرى من حيث مدى قدرة وسائل النقل على استيعاب ذلك، كما أن هناك شركات تعتمد على سياراتها في عملها. وهناك أيضا مخاوف أوروبية حيال ملف الاستثمارات الخارجية والتبادل التجاري وخاصة أن أحدث التقارير في بروكسل أشار إلى أن بلدان الاتحاد الأوروبي استثمرت فعلا 54 في المائة من المبلغ الذي أعلنته وهو 32.3 بليون يورو، في 13 بلدا من منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واعتمدت القمة الأوروبية الأخيرة وثيقة تفيد بتصحيح توجه العمل الأوروبي المستقبلي تجاه منطقة جنوب المتوسط، وتعكس الوثيقة تنبه أوروبا إلى الأخطاء التي ارتكبتها في السابق في تعاملها مع هذه المنطقة»، وتشمل الوثيقة الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية للعمل الأوروبي، مع إعطاء اهتمام بالغ للحقوق والحريات وسيادة القانون وحسن الإدارة ومحاربة الفساد وتعزيز الديمقراطية في هذه البلدان. من جانبه عبر رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، عن قناعته بضرورة أن يستمر الاتحاد الأوروبي في خطه الرامي إلى وضع استراتيجية جديدة لعمله في جنوب المتوسط، تكون أكثر توجها نحو الشباب وتطلعاته الديمقراطية. وكان فان رومبوي تحدث أواخر الأسبوع الماضي أمام البرلمان الأوروبي، لعرض نتائج القمة الأوروبية التي عقدت في عاصمة التكتل الموحد في الحادي عشر من الشهر الحالي، حيث أوضح ضرورة استمرار العمل من أجل تحديث سياسة الجوار الأوروبية، «على الرغم من أن التغيرات التي تحصل في بلدان شمال أفريقيا تبدو غير مؤكدة النتائج، بل ومثيرة للجدل في بعض الأحيان، فإن على أوروبا مواصلة الجهد من أجل توجيه سياستها نحو مزيد من الاستثمارات ودعم قطاع الحريات وخطوات التحول نحو الديمقراطية»، وأوضح أن القمة الأوروبية القادمة، المقررة يومي الرابع والعشرين والخامس والعشرين من الشهر الحالي في بروكسل، سوف تناقش وثيقة جديدة تحدد الاستراتيجية التي على أوروبا اتباعها في التعامل مع دول الجوار، خاصة المتغيرات التي تجري في شمال أفريقيا، وذلك بالتعاون مع كبرى المؤسسات المالية الدولية لتمويل مشاريع تنموية وتحديث وتأهيل لخلق فرص عمل للشباب. وحول مخاطر الهجرة، أكد فان رومبوي أن الاتحاد الأوروبي يعي المخاطر التي تنتظره في مجال الهجرة، التي مردها بشكل مباشر أو غير مباشر ما يجري في الجوار الأوروبي، داعيا الدول الأعضاء في الاتحاد إلى حشد جميع الموارد المالية والتقنية والبشرية من أجل دعم العمل الأوروبي من أجل ضبط حدود التكتل الموحد عبر العديد من الوسائل، من أهمها تعزيز قدرة وكالة حراسة الحدود الأوروبية (فرونتكس).