«الراجحي المالية» تستبعد تأثر الاقتصاد السعودي بكارثة اليابان

أكدت في تقرير اقتصادي أن الطلب المرتفع على النفط الخام سيؤدي إلى دعم إنتاج السعودية

TT

استبعد تقرير اقتصادي، أن يتأثر الاقتصاد السعودي بكارثة اليابان الحالية. مشيرا إلى وجود عاملين أساسيين يسهمان في ذلك، الأول يكمن في أن انخفاض الطلب على النفط السعودي من اليابان سيكون لفترة قصيرة ثم ما يلبث أن يعود إلى مستواه السابق مع عودة الأمور إلى حالتها الطبيعية، أما الثاني فيفيد بأن تأثير الأزمة في اليابان لن يكون له أثر يذكر على الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي سيؤدي فيه الطلب المرتفع على النفط الخام إلى دعم إنتاج النفط الخام في السعودية.

وأكد تقرير أصدرته شركة «الراجحي المالية» في السعودية، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، على أن حالة الركود المتوقعة في اليابان ستؤثر على الطلب من النفط الخام السعودي، «على الأقل في المدى القريب»، حيث سيزيد ارتفاع الطلب عليه، مضيفا أن ما تعرض له سوق الأسهم في السعودية، حيث هبط مؤشر تداول بنسبة 1.3 في المائة يوم الاثنين الماضي لا يعدو كونه رد فعل متماشيا مع انخفاض المعنويات في بقية الأسواق العالمية، نتيجة هبوط أسواق الأسهم العالمية.

وأوضح التقرير الاقتصادي، أن اقتصاد السعودية يرتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد الياباني من خلال التجارة, إذ إن الاقتصاد الياباني يحصل على 15 في المائة من إجمالي صادرات السعودية ويوفر 7.6 في المائة من إجمالي واردات السعودية، حيث بلغ إجمالي حجم التجارة بين البلدين 136 بليون ريال في عام 2009، مما يجعل اليابان شريكا تجاريا مهما للسعودية.

وعن تأثير الكارثة على الاقتصاد العالمي، اعتبر التقرير الاقتصادي، أن الاقتصاد الياباني يعد ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الاقتصادين الأميركي والصيني، إذ يسهم بنسبة 8.7 في المائة في الاقتصاد العالمي في 2010، وقد بلغت حصة البلاد في الصادرات العالمية 4.65 في المائة، وفي الواردات 4.35 في المائة خلال عام 2009.

وأضاف التقرير أن اليابان تستورد ما نسبته 22 في المائة من إجمالي وارداتها تقريبا من الصين وتصدر نسبة 19 في المائة من إجمالي صادراتها إلى نفس البلاد. وبناء عليه فإن الصين تعتبر أكبر شريك تجاري لليابان، إذ تمثل نسبة 40 في المائة تقريبا من إجمالي تجارتها، ومن المحتمل أن تشعر الصين بتأثير الكارثة الحالية أكثر من أي بلد آخر.

وزاد التقرير: «ورغما عن أن تأثير هذه الكارثة سوف ينعكس على إضعاف الاقتصاد العالمي، فإن المؤشرات الحالية تشير إلى أن هذا التأثير سيكون قليلا في الوقت الراهن، ووفقا لتقديرات منسوبة إلى «أي إتش إس غلوبال إنسايت»، فإن كارثة اليابان يمكن أن تخفض نسبة تتراوح بين 0.2 إلى 0.1 في المائة من النمو العالمي لهذا العام، ولكن هذا النمو يتوقع أن يتعزز بنسبة مماثلة في العام المقبل، بيد أن هذا التقدير يستند إلى افتراض حدوث ضرر محدود للمفاعل النووي، ونظرا لأن تأثيرات الكارثة لا تزال منتشرة في محطة فوكوشيما النووية، فإن أي حالة كارثية سوف يكون لها تأثيرات سلبية أكبر مما هو مقدر لها حاليا.

وأسهب التقرير في شرح الكارثة التي تعرضت لها اليابان بأبعاد اقتصادية عدة، حيث قال إن هذه الكارثة الطبيعية التي وصفت بأنها أسوأ أزمة تمر بها اليابان منذ الحرب العالمية الثانية، أدت إلى تدمير البنية الأساسية المادية المهمة للبلاد، بما فيها خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة والموانئ والمطارات والمفاعلات النووية التي تولد الكهرباء.

وزاد التقرير أن تأثير هذه الكارثة امتد إلى القطاعات الصناعية، إذ توقف الإنتاج تقريبا في معظم المصانع، في حين لا تزال هذه الكارثة منتشرة، نظرا لأن الخوف من تكرار الهزات الأرضية والتسونامي لا يزال كبيرا، إضافة إلى أن الكارثة النووية آخذة في الاتساع بالبلاد إذ تم تدمير الكثير من المفاعلات النووية جراء الزلزال.

ولفت التقرير إلى ما تعرضت له الأسواق المالية في اليابان، بعد أن هبط مؤشر نيكاي 225 بنسبة 7 في المائة عند افتتاحه يوم الاثنين الماضي، وأعقب ذلك انخفاض آخر بنسبة 11 في المائة يوم الثلاثاء، وهو ما جعل بنك اليابان المركزي يضخ مبلغ 15 تريليون ين (183 بليون دولار) في النظام المصرفي في البلاد لتهدئة حالة الاضطراب في السوق يوم الاثنين، ثم أضاف مبلغ 8 تريليونات ين يوم الثلاثاء.

وبين التقرير أن البنك المركزي دعم الأسواق المالية بتوسيعه لبرنامج لشراء الأصول من السندات الحكومية ليشمل الصناديق الاستثمارية المطروحة في البورصات بمبلغ 5 تريليونات ين، كما عزز البنك برنامجه الكلي الخاص بشراء الأصول بمبلغ إضافي ليصل حجمه إلى 10 تريليونات ين، وذكر البنك أنه سوف يرفع حجم مشترياته من الدين الحكومي بمبلغ إضافي ليصل إلى 500 مليون ين وزيادة مشترياته من الأوراق المالية الحكومية قصيرة الأجل بمبلغ تريليون ين.

وأوضح التقرير أنه ونتيجة لذلك، فقد هبطت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، نظرا لأن الكارثة لا تزال آخذة في الانتشار، وتتمثل المخاوف الرئيسية للسوق في الوقت الراهن في درجة تأثير الدمار الذي لحق بالمفاعلات النووية على الاقتصاد، وقد كان رد فعل سوق الأسهم في السعودية متماشيا مع انخفاض المعنويات في بقية الأسواق العالمية، حيث هبط مؤشر «تداول» بنسبة 1.3 في المائة يوم الاثنين الماضي، وتداول في النطاق السلبي يوم الثلاثاء أيضا.

ويبدو أن تأثير الكارثة كما جاء في التقرير، كبير على جانب الإنتاج الفعلي من الاقتصاد أيضا، فقد تسببت الكارثة في إزالة البنية الأساسية من المنطقة الشمالية الشرقية من الوجود تماما، وقد تم تدمير الطرق والمطارات والموانئ تدميرا تاما، الأمر الذي من شأنه الحاجة لعدة أشهر من أجل إعادة تشغيلها.

وإلى جانب إغلاق الكثير من مصافي تكرير النفط ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، خاصة محطات إنتاج الطاقة النووية، فقد أثرت الكارثة على خط الإنتاج في جميع قطاعات الاقتصاد تقريبا، في حين توقفت شركات صناعة السيارات الكبرى، مثل «سوني» و«تويوتا» وغيرهما، عن الإنتاج وأغلقت مصانعها مؤقتا لإجراء عمليات فحص دقيقة لمباني مصانعها.

وأكد التقرير أن أكبر تحد يواجه الاقتصاد في المدى القريب هو إمدادات الطاقة خاصة بعد الانفجارات التي وقعت في 3 من مفاعلات إنتاج الطاقة النووية في البلاد، إذ يشكل الوقود النووي نسبة 30 في المائة من الكهرباء المنتجة في البلاد، ويأتي ذلك في الوقت الذي يبلغ فيه مجموع عدد المفاعلات الموجودة في اليابان 54 مفاعلا، أدى الزلزال إلى إغلاق 11 منها.

وبالنسبة للتوقعات الاقتصادية للمدى القريب في اليابان، فقد أوضح التقرير أن النمو الاقتصادي في اليابان يعد سلبيا في الربع الأخير من العام السابق، إذ تعرض الاقتصاد الياباني لكارثة طبيعية بدرجة لم يسبق لها مثيل، بعد أن تأثر الإنتاج في قطاع الصناعات التحويلية بدرجة كبيرة، حيث سيستغرق الأمر بعض الوقت لتحديد حجم الضرر الذي لحق بالاقتصاد.

وقال التقرير إنه من المحتمل أن يكون النمو الاقتصادي سلبيا خلال الربع الحالي.

وعن تكلفة إعادة الإعمار، ذكر التقرير أنه سيكون بمقدور اليابان إعادة بناء بنيتها الأساسية المدمرة في فترة زمنية أقصر نسبيا، ولكن تكلفة إعادة إعمار البلاد سوف تكون أكبر إذا ما أخذ في عين الاعتبار أن اليابان لديها أعلى نسبة دين عام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وعلى الرغم من أنه لا يزال من المبكر جدا إعطاء تقدير دقيق للمبلغ الذي سوف تحتاجه اليابان لإعادة إعمار بنيتها الأساسية، فمن المؤكد أن تكلفة الاقتراض للحكومة سوف تكون أعلى، وبناء عليه، فالبلاد لن تواجه أي صعوبة في تدبير الحصول على التمويل اللازم لإعادة الإعمار، نظرا لأن معدل الادخار في اليابان يعتبر واحدا من أعلى معدلات الادخار في الأسواق المتقدمة مقرونة بارتفاع في فائض الحساب الجاري.

وأوضح التقرير أن المدخرات الوطنية الكلية لليابان بلغت كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 23.2 في المائة، بينما بلغت نسبة فائض الحساب الجاري 3.1 في المائة في 2010، إضافة إلى أن اليابان تملك ما يقرب من 1.1 تريليون دولار في شكل أصول احتياطيات أجنبية.