مسؤول مصرفي: أحداث المنطقة العربية تخلق فرصا للاستثمار رغم المخاطر

أكد لـ«الشرق الأوسط» أن مخاوف المستثمرين تتركز على إمدادات النفط واللاجئين وخسائر الشركات

TT

اعتبر بنك كريدي سويس أنه على الرغم من أن الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية قد تؤدي إلى انخفاض طفيف في أسعار الأسهم على المدى القصير، فإنها قد تكون فرصة للشراء على المدى المتوسط والطويل، وأن العوامل الإيجابية المحفزة ستظل موجودة على نطاق واسع، وسوف يتم احتواء المخاطر، فيما أكد البنك أنه سيبقى أكثر تيقظا على المدى القصير (من شهر إلى ستة أشهر) «معتبرا أن مخاوف المستثمرين على المدى القصير تتركز على إمدادات النفط واللاجئين والشركات الأوروبية والأميركية التي قد تكون تأثرت بصورة مؤقتة جراء ما يحدث.

وقال كامران بوت رئيس الخدمات المصرفية الخاصة وبحوث الأسهم في منطقة الشرق الأوسط والهند في البنك «إنه وعلى الرغم من أن عملية التغيير السياسية قد تؤدي على المدى القصير إلى حالة من عدم الاستقرار وخسارة مؤقتة في عمليات الإنتاج، فإن ذلك قد يقود بعد فترة من الزمن إلى إطلاق العنان لحالة من النمو السريع على المدى الطويل، وبشكل خاص في الدول التي تمتلك مؤسسات مدنية لها جذور تاريخية عميقة كما هي الحال في مصر.

وتأكيدا لكلامه استشهد كامران بعدة أمثلة قد تتشابه مع ما شهده العالم العربي، ففي الفترة التي تسارع فيها انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، انخفضت أسعار أسواق الأسهم الناشئة على المستوى الدولي بنسبة وصلت إلى 5% خلال شهر أغسطس (آب) الذي شهد في التاسع عشر منه اعتقال الرئيس غورباتشوف لفترة وجيزة. ومع ذلك، فقد نمت أسعار هذه الأسواق بنسبة 20% تقريبا خلال عام وما يزيد على 50% خلال عامين.

لافتا في حديثه لـ «الشرق الأوسط» إلى انخفاض أسعار سوق الأسهم المحلية في إندونيسيا بنسبة تصل إلى 40% في تعاملات الدولار عند رحيل الرئيس سوهارتو عن السلطة في 21 مايو (ايار) من عام 1998. إلا أن السوق استطاعت تعويض الكثير من الخسائر التي تعرضت لها خلال الأشهر الستة التالية. وخلال عام، ارتفعت قيمة سوق الأسهم إلى ما يزيد بكثير على 100%، كما حققت السوق نموا سنويا مركبا وصلت قيمته إلى 20% خلال الأعوام العشرة التالية. ويعتقد بنك كريدي سويس أن العوامل الإيجابية المحفزة ستظل موجودة على نطاق واسع، وسوف يتم احتواء المخاطر. ويردف المسؤول في البنك بالقول إن المستثمرين بعيدي النظر قد يرون فرصا أكبر من تلك المخاطر التي قد تتعرض لها الشركات العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جراء الأحداث الراهنة، معتبرا أن المستثمرين العالميين أبدوا ميلا يشير إلى التغاضي عن ارتفاع معدلات التضخم على المستوى العالمي وعن الأوضاع السياسية غير المستقرة في المنطقة، مركزين بشكل أكبر على تعزيز الاقتصاد العالمي والأرباح الصحية للشركات واستشراف معدلات الفائدة الجيدة.

«وفي ضوء هذه الاتجاهات وعلى الرغم من وجهة نظرنا التي لا تزال إيجابية في الوقت الراهن» يقول المسؤول في البنك «إلا أننا سنبقى أكثر تيقظا على المدى القصير (من شهر إلى ستة أشهر)»، معتبرا أن مخاوف المستثمرين على المدى القصير تتركز على إمدادات النفط واللاجئين والشركات الأوروبية والأميركية التي قد تكون تأثرت بصورة مؤقتة جراء ما يحدث.

إلى ذلك، يتوقع البنك أن يكون أداء الأسعار في الأسابيع المقبلة أكثر تقلبا، كما أن الآثار السلبية المترتبة على عمليات البيع لجني الأرباح قد تتغير نتيجة الآثار الإيجابية لانتشار السيولة النقدية، مشيرا إلى أن «كريديت سويس» يراقب هذا النوع من التنقلات على مستوى السوق عن كثب لمعرفة ما إذا كنا سنشهد تغيرا في الاتجاهات. ووفقا للبنك فإن البيانات الخاصة باستطلاعات الشركات في كافة أرجاء العالم تشير إلى التوسع الاقتصادي القوي والمتواصل على مستوى الاقتصاد العالمي «ويبدو أن هذا الاتجاه يتوسع في ظل زخم حكومي أقل وإعادة بناء قوائم الجرد، فضلا عن تنامي إنفاق المستهلكين والإنفاق على الجوانب الاستثمارية، وقد بات هذا التوجه يمتد إلى مناطق جغرافية أوسع بشكل لافت». ويرى كامران بوت أن الاقتصادات المتقدمة أظهرت تحسنا أكبر من ناحية المؤشرات الاقتصادية والبيانات الفعلية مقارنة مع الأسواق الناشئة، معتبرا أنه ينبغي على التوسع الأكثر وضوحا في نمو الاقتصادات المتقدمة أن يدعم النمو في الأسواق الناشئة أيضا، متوقعا أن يشهد زخم نمو الاقتصادات المتقدمة تباطؤا ضئيلا في وقت لاحق من العام الجاري، إلا أن عودة تسارع نمو الاقتصادات الناشئة ستبقي التوسع الاقتصادي العالمي متواصلا.

وتجدر الإشارة إلى أن العام الماضي شهد سباقا حثيثا من مفاجآت النمو في الأسواق العالمية، حيث شهدت الأسواق الناشئة خلال العام الماضي أهم مفاجآت النمو وأقواها، بينما انتقلت مفاجآت النمو إلى الأسواق المتقدمة في بداية العام الجاري. ومن المتوقع أن تعود عجلة النمو إلى الدول الناشئة خلال النصف الثاني من هذا العام، وفق ما تشير إليه أسواق الأسهم الناشئة وفقا للمسؤول في البنك.

وبحسب البنك، فإن المخاوف الحالية الناجمة عن التضخم، والتي قد تعكس بحق تحولا على المدى الطويل جدا، يمكن أن تتلاشى في منتصف العام الجاري، «وبحلول ذلك الوقت، فإننا نرى أن تسارع التضخم الأميركي سيشكل بكل وضوح نهاية صحية لمخاطر الانكماش عوضا عن إطلاقه لمرحلة فورية من ارتفاع الأسعار... كما نعتقد أيضا أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية يشكل ترقيعا للنكسات الدورية التي تشهدها بعض المناطق». وسوف يسمح هذا التضخم للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي - بحسب الخبير المصرفي - بالتمسك بالجدول الزمني المؤيد للأسواق، والذي يتم فيه خصم الارتفاع البطيء جدا من أسعار السندات. وتدعم التركيبة الناتجة عن النمو الصحي ومعدلات الفائدة المنخفضة، مع التقييمات التي لا تزال قنوعة حتى بعد الزيادة الأخيرة في الأسعار، من وجهة نظرنا، الاستراتيجية الإيجابية حول أسهم الأسواق الناشئة.