وزارة للإسكان في السعودية لحل الفجوة بين العرض والطلب على المنازل

الحكومة تحاصر الأزمة الإسكانية بحلول من جميع الجهات التشريعية والتنفيذية

تحتاج السعودية إلى مليون وحدة سكنية خلال الخمس سنوات المقبلة وإنشاء وزارة جاء لأهمية تنفيذ تلك الحاجة (تصوير: خالد الخميس)
TT

جاءت إعادة وزارة الإسكان في السعودية بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم أول من أمس، لتأكيد مدى اهتمام الحكومة السعودية بإيجاد الحلول الخاصة لإنهاء مشكلة الإسكان، في الوقت الذي تحتاج فيه المملكة لبناء مليون وحدة سكنية على مدى 5 سنوات.

ويوضح القرار الملكي أهمية وجود تواز بين الجهات الخاصة بالإسكان، خاصة بعد تشكيل مجلس إدارة جديد لصندوق التنمية العقاري، برئاسة وزير الإسكان، وذلك في خطوة أعادها مراقبون إلى دعم مهمة وزارة الإسكان إلى إيجاد كافة السبل لتنفيذ مشروع بناء الوحدات السكنية للمواطنين في السعودية.

وتشهد المملكة حاليا حاجة إسكانية مرتفعة عطفا على المتغيرات التي تشهدها البلاد، إذ يشكل الشباب نسبة كبيرة من المجتمع، في الوقت الذي يقدر فيه عدد من الإحصائيات حاجة البلاد بنحو 200 ألف وحدة سكنية سنويا، وهو الأمر الذي لا يمكن للقطاع العام أو الخاص تنفيذه بشكل مستقل، إلا أن الخطوة التي اتخذتها الحكومة بوضع 265 مليار ريال (70.6 مليار دولار) في يد وزارة الإسكان الجديدة كفيلة بإنهاء الخوف من وجود أزمة سكن على مدى 5 سنوات مقبلة.

المملكة التي تعد أكبر اقتصاد عربي عملت الفترة الماضية على محاصرة الأزمة قبل حدوثها من خلال تصورات مختلفة، قد يكون أبرزها القرار الملكي الأخير بإنشاء وزارة الإسكان وتعيين الدكتور شويش بن سعود بن ضويحي الضويحي وزيرا لها، وهو الذي كان يشغل منصب محافظ هيئة الإسكان.

وقد يكون القرار الملكي بإنشاء الوزارة وإلغاء الهيئة له مردود كبير في مدى أهمية قضية الإسكان عند الحكومة السعودية، حيث إن الوزارة لها بعد أقوى وأكثر تأثيرا وأسرع لمتابعة سير العمل عند مجلس الوزراء، وتعيين الدكتور الضويحي جاء نتيجة عمله السابق في إيجاد آليات مختلفة لمعالجة الإسكان عندما كان محافظا للهيئة.

الدكتور الضويحي من مواليد عام 1965 في العاصمة السعودية الرياض، وهو متزوج، وحاصل على الدكتوراه في تخصص الهندسة الصناعية من خلال استراتيجيات التصنيع من جامعة كرانفيلد، في المملكة المتحدة، وشهادة الماجستير في الهندسة الميكانيكية في أنظمة التصنيع، من جامعة الملك سعود بالرياض، بالإضافة إلى حصوله على الشهادة الجامعية في الهندسة الصناعية من الجامعة نفسها.

وتم تعيينه عضوا في مجلس الشورى منذ 1997، وشغل خلال فترة وجوده في المجلس منصب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة، ونائب رئيس الشؤون الاقتصادية في المجلس.

وتقلد قبل انضمامه للمجلس منصب مدير عام شركة صناعية في القطاع الأهلي ما بين عام 1996 و1997، بالإضافة إلى منصب كبير مهندسي التصنيع، في شركة الإلكترونيات المتقدمة، وعمل مهندسا صناعيا في المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق ما بين عام 1986 وحتى 1991. كما عمل في المشاركة لتطوير عدد من الأعمال من خلال الانتماء إلى جمعيات دولية صناعية وهندسية، حيث شغل منصب عضو جمعية التصنيع في الولايات المتحدة الأميركية، في مجالات هندسة التصنيع، وهندسة صناعة الإلكترونيات، وأنظمة الكومبيوتر والتحكم، وتقنية التشغيل، بالإضافة إلى عضو جمعية المهندسين الصناعية في المملكة المتحدة، وعضو جمعية المهندسين السعودية، وعضو جمعية الاقتصاد السعودية.

مصادر أشارت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الدكتور الضويحي عمل خلال الفترة السابقة على بحث نماذج عالمية وتطبيقات دولية لمعالجة قضية الإسكان حول العالم، في الوقت الذي وصلت فيه الهيئة إلى إيجاد آلية من وجود استراتيجية للإسكان وحتى تحديد العلاقة بين المستأجر والمالك في عقود الإيجار.

وقال أحمد اليوسف عضو جمعية الاقتصاد السعودية لـ«الشرق الأوسط» إن إنشاء هيئة للإسكان جاء ليواكب خطة الحكومة ورؤية خادم الحرمين الشريفين في بناء 500 ألف وحدة سكنية خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن المملكة قد شهدت في وقت سابق وضعا مماثلا لإنشاء الإسكان الحكومي والذي أوجد حلا لأزمة الإسكان التي شهدتها السعودية في السابق.

وأضاف أن «تلك العملية تأتي لتؤكد أهمية قطاع الإسكان عند الحكومة، في إنشاء حقيبة وزارية تعمل على إنشاء العدد الضخم من الوحدات السكنية لمواجهة الطلب المتنامي في مختلف أرجاء البلاد».

ودعا اليوسف إلى إيجاد آلية تمويلية لوزارة الإسكان الجديدة، من خلال آلية التطوير الشامل بالتعاون مع مطورين عالميين، من خلال إيجاد الأحياء السكنية المغلقة متعددة الأغراض، بحيث تحتفظ الوزارة بالاستثمار في القطاعات التجارية بتلك الأحياء.

التصورات الأخرى تتمثل في وضع تشريع لقانون الرهن العقاري، وهو الأمر الآخر الذي سيساعد في تسهيل عملية تملك المواطنين للمساكن، وهو الذي يعتقد أن يقر اليوم في مجلس الشورى، خاصة أنه وصل إلى مراحله الأخيرة، ولم يتبق له إلا مواد بسيطة يتوقع أن تنتهي خلال الفترة القليلة المقبلة، وبالتالي انتهاء التشريع لمعالجة التملك، وهذا التصور أيضا يعتبر من الإجراءات التي تسعى الحكومة السعودية لتنفيذ وحل مشكلة السكن من خلالها.

وكانت الخطة الخمسية التاسعة الممتدة من 2010 إلى 2014، تهدف إلى بناء نحو 80 في المائة من الطلب، أي نحو مليون وحدة سكنية يتم تنفيذها من قبل الهيئة العامة للإسكان، وصندوق التنمية العقارية، والقطاع الخاص.

وستبني الهيئة العامة للإسكان (سابقا) بحسب خطة التنمية التاسعة نحو 66 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة، وصندوق التنمية العقارية يمول بناء نحو 109 آلاف وحدة سكنية من خلال تقديم نحو 90 ألف قرض في مختلف مناطق المملكة، وبناء نحو 50 ألف وحدة لمنسوبي عدد من الجهات الحكومية، في حين يتولى القطاع الخاص تمويل وبناء 775 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق السعودية، في الوقت الذي يتم توفير نحو 266 مليون متر مربع من الأراضي لإقامة المشروعات السكنية المتوقع بناؤها من القطاعين العام والخاص خلال سنوات الخطة في مختلف مناطق المملكة مع توفير البنى التحتية لها.

وشهدت الأعوام السابقة دعم إنشاء شركات التمويل العقاري، وذلك من خلال الترخيص لها لدعم العملية التمويلية لأفراد وشركات التطوير العقاري في خطوة تؤكد السعي إلى حصر الأزمة من كل الجهات، إضافة إلى استعدادات البنوك المحلية لتشريع الرهن العقاري من خلال رفع رؤوس الأموال خلال الفترة الماضية.