صناع السيارات في اليابان يتوقعون تأخيرات أطول أجلا

بعد أكثر من أسبوع من كارثة الزلزال والتسونامي المدمرين

تأثرت بالكارثة على الأقل 9 مصانع للسيارات («نيويورك تايمز»)
TT

بعد أكثر من أسبوع من الكارثة التي حلت باليابان ممثلة في صورة زلزال قوي وتسونامي وأزمة نووية، تتوقع شركات معتمدة على مصانع يابانية أن تتأثر عملياتها التجارية بصورة أكثر حدة – ولمدة أطول – مما قد أملوا من قبل.

على سبيل المثال، تأثرت بالكارثة على الأقل 9 مصانع للسيارات وأجزائها تمتلكها شركة «نيسان»، بالإضافة إلى 35 موردا من مورديها. وقد يتطلب الأمر وقتا طويلا جدا من مصنع المحركات التابع للشركة في إيواكي، الذي تعرض للتدمير بفعل الزلزال، كي يعود إلى حالته الإنتاجية الطبيعية مما جعل شركة «نيسان» تفكر في إجراء غير مسبوق بشحن المحركات التي تمت صناعتها في مصنعها تينيسي إلى اليابان لاستخدامها في السيارات التي يتم تصنيعها هناك، بناء على ما ذكره رئيس شركة «نيسان» في أميركا في مقابلة شخصية أجريت معه يوم الجمعة. ويقول كارلوس تافاريس، الرئيس التنفيذي لفرع «نيسان» في أميركا: «الوضع خطير، ويحتمل أن يمتد تأثيره إلى أسواق عدة، من بينها فرع شركة (نيسان) في الأميركتين». ويضيف قائلا: «سنعمل على التحقق من أننا نعالج الأمور بأقصى سرعة ممكنة. ولدينا ما يمنحنا قدرا محدودا من الوقت لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح».

غير أن تافاريس ذكر أن سلسلة الإمداد قد تحتاج إلى أسابيع، وربما إلى شهور، كي تعود مجددا إلى طبيعتها، وأنه لا يعرف المدة على وجه الدقة.

وما زالت شركات عدة أخرى كذلك غير متأكدة من الوقت أو الكيفية التي يمكنها من خلالها أن تعود إلى العمل بطاقتها الإنتاجية الكاملة، بدءا من الشركات المصنعة للرقائق المعتمدة على رقائق السيلكون اليابانية وحتى الشركات المصنعة للتليفونات الجوالة مثل «سوني وإريكسون». ومع تطور الأزمة، بدأ يخبو التفاؤل ليفسح المجال لتوخي الحذر.

وفي يوم الجمعة، أعلنت شركة «هوندا» التي كانت قد أعربت عن أملها في أن تعيد من جديد تشغيل مصانع تابعة لها أغلقت في اليابان يوم الاثنين، أنها ستمد فترة تعطيل العمل لمدة 3 أيام أخرى على الأقل، وستعيد تقييم الموقف بعد ذلك «اعتمادا على مدى انتعاش سلسلة الإمداد لديها، وداخل المجتمع الياباني ككل».

وقال مسؤولو الشركة لأصحاب التوكيلات داخل الولايات المتحدة إن الشركة ستؤجل تلقي طلبات شراء السيارات والشاحنات المصنوعة في اليابان التي يحتمل تلقيها في مايو (أيار) كما جرت العادة حتى يكون لديها تصور أفضل عن قدرتها الفعلية على شحنها.

وأشار توني إسكندر، صاحب «جودي هوندا» في ألهامبرا، كاليف، وأحد أكبر وكلاء بيع «هوندا»، إلى أنه حتى قبل وقوع الكارثة توقع تراجعا هذا الصيف في موديلات السيارات الأكثر اقتصادا في الوقود، مثل السيارة الصغيرة «فيت»، التي تأتي من اليابان، وذلك بسبب ارتفاع أسعار البنزين.

ويقول إسكندر: «على المدى القصير، سيتوفر لدينا عدد كاف من السيارات، ولكن في غضون أشهر قليلة، سيكون ذلك ضربا من الجنون». ويضيف قائلا: «إننا نحاول شراء أكبر كم ممكن من السيارات المستعملة. فعلى الأقل، سيكون هذا خيار متاح في حالة رغبة العميل في الحصول على سيارة هوندا. فيمكننا أن نقدم له سيارة مضمونة استخدام عام أو عامين».

وأعادت شركة «نيسان» تشغيل اثنين من مصانعها في اليابان يوم الخميس، ولكنها حذرت من أنها ربما تحتاج إلى إغلاقهما مجددا في أي يوم وذلك في حالة نفاد أجزاء السيارات. أما بقية المصانع، فستظل مغلقة حتى الأسبوع القادم على الأقل. وقال تافاريس إن 35 من الموردين الذين تتعامل معهم «نيسان» «يواجهون مشكلات في مصانعهم»، بالإضافة إلى أن بعض الموردين من الشركات الأصغر يتعين عليهم بلا أدنى شك إصلاح منشآتهم، بل وربما معداتهم وتجهيزاتهم.

ولا تزال مصانع «تويوتا» في اليابان مغلقة، علما بأنها تنتج ما يقرب من نصف السيارات التي تبيعها الشركات حول العالم. ويولي الكثير من الوكلاء اهتماما خاصا بالسيارة «بريوس»، وهي سيارة هجينة تعمل بالغاز والكهرباء ويتم تجميعها في اليابان فقط وشهدت زيادة هائلة في الطلب عليها.

وقد ذكر موقع TrueCar.com، المتخصص في تعقب أسعار السيارات ومبيعاتها، أن حالة الشك بشأن توافر السيارة «بريوس» قد تسببت في ارتفاع متوسط السعر الذي يدفعه العملاء مقابل الحصول على سيارة «بريوس» بنحو 1800 دولار منذ وقوع الزلزال. ويتوقع جيسي توبراك، نائب رئيس شركة «ترو كار» ومحلل اتجاهات الصناعة والرؤية العامة في الشركة، أن تجار السيارات سيحددون سعرا أصعب – أو ربما سعرا أعلى بمئات أو آلاف الدولارات، وهو الإجراء الذي يمكن أن يزعج صانعي السيارات، غير أنه لا يمكن أن يمنعهم من مواصلة طرح منتجاتهم – بحلول الأسبوع المقبل.

يقول «توبراك»: «تكمن المشكلة في أن هناك درجة كبيرة جدا من عدم الوضوح. فمشكلة سلسلة الإمداد تعد أكثر ضخامة بكثير مما يصوره صانعو السيارات. وحتى إذا كانوا قادرين على الظهور على الساحة بقوة خلال أسبوعين، وهو الأمر الذي أعتقد أنه بمثابة تفكير خيالي، فإن هناك 200 ألف وحدة يتعين صنعها بالفعل، ولا أحد يعلم على وجه التحديد المدة التي ستستغرقها هذه العملية».

من ناحية أخرى تعتزم «جنرال موتورز» وقف الإنتاج بمصنعها الخاص بإنتاج الشاحنات المفتوحة من الخلف في لويزيانا الأسبوع القادم نظرا لهبوط وارداتها من اليابان بنسبة غير محددة، الأمر الذي يلقي بتأثيرات هائلة على عمليات «جنرال موتورز» الأخرى.

وفي أميركا الشمالية، ذكرت «نيسان» يوم الجمعة أن مصانعها ستتبع برامج عمل عادية على مدار السبعة أيام القادمة على الأقل – ما دام مسؤولوها متأكدين من أن لديها العدد الكافي من مكونات السيارات.

وأشار السيد تافاريس إلى أنه إذا ما واجهت «نيسان» صعوبة في الحصول على بعض المكونات، فإن بإمكانها أن تبقي على تشغيل مصانعها في أميركا.