تقاسم النفط في ليبيا.. سهل على الأرض صعب في السياسة

تنتج أقل من 2% من مجموع الإنتاج العالمي منه

TT

أظهرت قطر استعدادها لتسهيل بيع وتسويق كميات النفط الليبي التي تقع تحت سيطرة الثوار لتفتح بذلك المجال أمام تقسيم ثورات الطاقة في البلاد المنقسمة أصلا في ظل الحملة العسكرية الدولية التي تستهدف النظام فيها. وأبرم الثوار الليبيون اتفاقا مع قطر لتسويق النفط الخام من مناطق يسيطرون عليها مقابل شحنات غذائية وأدوية ومحروقات، كما أعلن مسؤول في المعارضة الليبية في بنغازي، معقل الثوار شرق البلاد، أول من أمس، الجمعة. وبحسب تحليل لوكالة الصحافة الفرنسية يرى خبراء أن تقاسم النفط الليبي أمر ممكن، تقنيا، بين غرب البلاد الذي يخضع لنفوذ العقيد معمر القذافي، وشرقها الذي يقع تحت سيطرة الثوار. إلا أن هؤلاء يؤكدون، رغم ذلك، أن المسألة صعبة التحقق على الصعيد السياسي. ويقول رفيق لاتا الخبير في نشرة «ميس» المتخصصة في الشؤون النفطية ومقرها في قبرص، إنه «يجب التوصل إلى تسوية دولية صريحة، وإلى التزام كامل من الأطراف المعنية بشأن احترام اتفاق بهذا المعنى». وتنتج ليبيا أقل من اثنين في المائة من مجموع الإنتاج العالمي من النفط، لكنها تحتوي على أكبر احتياطات النفط في القارة الأفريقية، حيث تقدر بما بين 40 و60 مليار برميل. كما أن نوعية النفط لديها السهل الاستخراج مرغوبة كونها منخفضة الكبريت. وتحتل دول أوروبية، على رأسها إيطاليا وفرنسا وألمانيا، المراتب الأولى على لائحة الدول المستهلكة للإنتاج الليبي من النفط، وكذلك للغاز المنقول عبر خط أنابيب يمتد على طول الحدود التونسية ويصل إيطاليا عبر مياه البحر المتوسط. وكان متحدث باسم الثوار الليبيين أعلن يوم الأحد الماضي أن حقول النفط الواقعة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار من البلاد تنتج ما بين 100 إلى 130 ألف برميل في اليوم. وتبين نظرة سريعة على خريطة انتشار الحقول النفطية ومرافق التصدير سبب اتجاه المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض نحو اعتماد نظرية تقسيم موارد الطاقة بين شرق البلاد وغربها. وتقول الخبيرة في مؤسسة «ليماس» للعلاقات الدولية ومقرها في روما، مارغيريتا باوليني: «من الوجهة التقنية، يمكن تحقيق هذا الأمر الذي يختصر صراعا على النفط بين شرق ليبيا وغربها». ويسيطر الثوار في الشرق على الحقول التي تقع في منطقة سرير ومصافي التكرير في طبرق وبنغازي والبريقة، وهي مناطق تسهم في أكثر من ثلث عائدات قطاع النفط الليبي، بينما يسيطر الموالون من جهتهم على الحقول في الفيل والزاوية وطرابلس. وتمتد في وسط البلاد منطقة صحراوية غير مستكشفة، إلا أن الخبراء يؤكدون أن باطنها واعد جدا. وتدور عند حدود هذه المنطقة، حيث تنتشر المصافي والمواقع المهمة مثل راس لانوف، المعارك الأقوى بين الثوار والموالين للنظام. وفي حال تمكن القذافي من مقاومة الضغوط الدولية المتمثلة خصوصا في حملة عسكرية جوية، فإن الحدود سترسم في هذه المنطقة التي تقع شرق مدينة سرت، مسقط رأس العقيد الليبي الذي يحكم البلاد منذ أكثر من 42 عاما. وتوضح باوليني أن «ليبيا كثيرا ما كانت منقسمة من وجهة نظر تاريخية»، بين المغرب والمشرق. وكان المجلس الانتقالي أعلن هذا الأسبوع أن قطر اختيرت لتسويق النفط في المناطق التي يسيطر عليها. ولم تعلن الدوحة تفاصيل هذا الاتفاق، علما بأن قطر هي أول دولة عربية تعترف بالمجلس الانتقالي ممثلا شرعيا للشعب الليبي، وتنخرط مباشرة في العملية العسكرية الدولية تحت راية مجلس الأمن الدولي. وقد تحرك نظام القذافي سريعا محذرا من أنه سيلاحق كل شركة توقع عقدا نفطيا مع الثوار. ويعكس هذا التنافس بين طرابلس وبنغازي أحد الأوجه الاستراتيجية للصراع الدولي في ليبيا التي كانت تحتضن قبل هذه المواجهة أكبر اللاعبين في هذا القطاع، وخصوصا الأميركيين والروس والصينيين، إلى جانب الإيطاليين والفرنسيين والبريطانيين. ويقول لاتا إنه قبل أن تقرر هذه الدول العودة، حتى إلى ليبيا منقسمة بين شرق وغرب، فإنها ستحتاج إلى الاطمئنان لهذه الخطوة. ويوضح: «صناعة النفط لا تحبذ العمل وسط الرصاص».