إدارة الطيران الفيدرالية تأمر خطوط الطيران بفحص طائراتها من طراز «بوينغ 737»

بعد إصابتها بتشققات وثقوب واجتيازها 30 ألف رحلة

طائرة من طراز «بوينغ 737» تابعة لشركة «ساوث إيست»
TT

أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية، أول من أمس، أنها سوف تطالب بإجراء فحوصات موسعة على بعض النماذج الأقدم لطائرات «بوينغ 737» للتحقق من حدوث تشققات في الجسم الهش للطائرات، التي يمكن أن تحدث بفعل تباين قوة الضغط على كابينة القيادة بفعل استخدام الطائرة في عشرات الآلاف من عمليات الإقلاع والهبوط.

وقبل ثلاثة أيام، توسعت تشققات غير مكتشفة في ثقب قياسه 5 أقدام بسقف طائرة تابعة لشركة «ساوث إيست إيرلاينز»، وهو ما أجبر الطائرة، وهي من طراز «بوينغ 737 - 300»، على الهبوط اضطراريا في قاعدة عسكرية. وينطبق إعلان إدارة الطيران الفيدرالية على 175 طائرة في شتى أنحاء العالم، من بينها 80 طائرة موجودة في الولايات المتحدة.

ويتم تشغيل معظم الطائرات، من قبل شركة «ساوث إيست»، التي بدأت في إجراء فحوصات خلال نهاية الأسبوع الماضي، واكتشفت وجود 3 طائرات إضافية مصابة بشقوق بسيطة.

كما ألغت شركة الطيران أيضا 70 رحلة طيران من جدولها لعدد 3.400 رحلة مغادرة يوم أول من أمس (الاثنين). وتم إلغاء نحو 300 رحلة طيران يومي السبت والأحد الماضيين.

وكان الحادث الذي وقع يوم الجمعة الماضي هو ثالث عيب معدني، على الأقل، يحدث خلال السنوات القليلة الماضية، وأكثر الحوادث إثارة للقلق والرعب. وأصابت الحوادث الأخرى طائرة أخرى من طراز «بوينغ 737 - 300» تابعة لشركة «ساوث إيست» في عام 2009 وطائرة «بوينغ» من طراز «757» تابعة لشركة الخطوط الجوية الأميركية خلال العام الماضي.

وأصابت السلسلة الأخيرة من المشكلات المشابهة خبراء السلامة بالارتباك. وقال الخبراء إن المعنيين بصناعة الطيران كان من المفترض أنهم حلوا مشكلة الإصابات المعدنية بعد حادث وقع في عام 1988 لطائرة «بوينغ» من طراز «737» تابعة لشركة طيران «ألوها». وخلال الرحلة، انخلع جزء قياسه 18 قدما من سقف كابينة الركاب الأمامية وانفتح، وشفط الهواء أحد مضيفي الرحلة الجوية من الطائرة.

وأصرت شركة «ساوث إيست» على أنها كانت قد أجرت كافة الفحوصات المطلوبة لطائراتها. ولكن المشكلة الأخيرة ركزت الانتباه على كيفية استخدام شركة النقل الجوي لطائراتها بمعدل يصل إلى 12 رحلة جوية في اليوم أحيانا. وفي المقابل، تسير خطوط طيران أخرى، تقطع في كثير من الأحيان خطوط طيران أطول، رحلات طيران تتراوح ما بين 6 إلى 8 رحلات طيران لطائراتها. وكانت الطائرة التي تعرضت للحادث يوم الجمعة الماضي قد قامت بنحو 39.000 عملية إقلاع وهبوط، وهو عدد مرتفع نسبيا لطائرة عمرها 15 عاما فقط.

وركزت توجيهات وكالة الطيران الفيدرالية على الطائرات التي راكمت عددا كبيرا من دورات الإقلاع والهبوط. ولا تنطبق هذه التوجيهات على طائرات «بوينغ» من طراز «737 - 300» فحسب، ولكنها تنطبق على طائرات مشابهة من طراز «737 - 400» و«737 - 500» أيضا، وهو تصميم يعود إلى بدايات عقد الثمانينات من القرن الماضي، يعرف بأنه سلسلة 737 الكلاسيكية.

وقال ويليام فوس، الرئيس التنفيذي لمؤسسة سلامة الرحلات الجوية، وهي جماعة غير ربحية مستقلة: «كان هذا فشلا خطيرا جدا. فهل ثمة شيء خاطئ فيما يتعلق بالفحوصات كنا نستخدمه خلال العشرين عاما الماضية، أم هل كان هناك شيء خاطئ فيما يتعلق بالفحوصات الخاصة بهذه الطائرة؟».

ومن جانبه ذكر هانز ويبر، مالك شركة «تيكوب إنترناشيونال»، وهي شركة استشارية في مجال الطيران تتخذ من مدينة سان دييغو مقرا لها، أن الطائرات الكبيرة يمكن أن تقاوم بسهولة التشققات الصغيرة في جسمها المصنوع من الألمنيوم. ولكن ما وقع في حادثة «ألوها» والحوادث الأخيرة الإضافية حدث بسبب ظهور تشققات صغيرة بالقرب من المسامير في المناطق التي تتعرض الطائرات فيها لمعظم الضغط، وهو ما يتسبب في حدوث تقشر لجسم الطائرة. وقال ويبر: «إن هذا الحادث يشبه عمليات انشقاق وانفتاح الأجسام المعدنية».

وتهدف إدارة الطيران الفيدرالية إلى اكتشاف التشققات في أماكن يحدث فيها تداخل في الأجسام ونقاط ضعف هيكلية أخرى، حسبما ذكر راندولف بابيت، مدير إدارة الطيران الفيدرالية في بيان. وجاء التوجيه بعد فترة قصيرة من إعلان شركة «بوينغ» مصنعة الطائرات، عن أنها كانت توصي خطوط الطيران بفحص المناطق التي يغطي فيها جسم الطائرة الفواصل في طرازات «737» الأقدم.

وأفادت لجنة سلامة النقل الوطنية، التي تجري تحقيقا بشأن الحادث الذي وقع يوم الجمعة الماضي، بأن هذا الحادث ربما كان نتيجة للتشققات الإجهادية في هذه الفواصل. وبدأت شركة «ساوث ويست» في تسيير الطائرة، التي حملت 118 راكبا في عام 1996، وهي واحدة من أقدم الطائرات في أسطولها.

وأشار ويبر إلى أنه بعد حادثة «ألوها»، كان الإجهاد المعدني يمثل قضية كبيرة، وبدأت إدارة الطيران الفيدرالية في مطالبة خطوط الطيران بإجراء فحوصات أكثر تكرارا وأشد تركيزا مع تقدم الطائرات في السن وزيادة عمليات الإقلاع والهبوط الخاصة بها.

وقال ويبر: «على مدار السنوات القليلة الماضية، كان التوجه السائد يرى أننا نجحنا في حل مشكلة الإجهاد. ولكن هل رأينا ما حدث عندما يتحرك الانتباه إلى شيء آخر، ومع سقوطنا بشكل محدود قليلا في جودة العمل الذي نفعله؟ إنه مجرد توقع، ولكن هذا ما أشعر بالقلق إزاءه».

وأفادت وايتني إيتشنغر، المتحدثة باسم شركة «ساوث ويست» بأن شركة الطيران كانت ملتزمة تماما بكل شروط إدارة الطيران الفيدرالية ومتطلبات الفحص في شركة «بوينغ». وقالت: «نحن نأخذ موضوع السلامة على محمل الجد بشكل بالغ، مثلما يفعل الأشخاص في قسم الصيانة، وهذا هو السبب في أن سجل السلامة الخاص بنا قوي جدا».

وأشار الخبير جون غوغليا، وهو رئيس سابق لشركة «N T S B» إلى أن حادث الرحلة رقم 812 قد يؤدي إلى حدوث تغيير في كيفية تعامل خطوط الطيران مع الإجهاد المعدني. وقال: «كانت مسألة تشقق جسم الطائرة معروفة لنا منذ فترة طويلة. إنها ليست شيئا جديدا. وما قد يكون جديدا هو العثور على الشقوق في هذا الموقع».

ولكن ويبر قال إنه حتى وإن كان الموقع الدقيق مختلفا عن الحوادث السابقة، فإن حقيقة أنه حدث في سقف الطائرة «لم يمثل أي مفاجأة». وأضاف بقوله: «كل فرد يعرف أن أعلى مناطق الإجهاد توجد في قمة الطائرة».

وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض خلالها طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» لتشقق أثناء رحلة جوية. وفي شهر يوليو (تموز) عام 2009، تعرضت طائرة أخرى لمشكلة إجهاد في جسمها أدت إلى حدوث ثقب صغير في جسمها.

وخلال العام الماضي، تعرضت طائرة «بوينغ» طراز «757» تابعة للخطوط الجوية الأميركية لعملية انضغاط مفاجئة بعد حدوث ثقب قياسه 1 قدم X 2 قدم في قمة الجسم العلوي للطائرة فوق الباب الأيسر.

وحفز هذا إدارة الطيران الفيدرالية على إصدار توجيه صلاحية طيران جديدة يطالب بإجراء فحوصات متكررة لأكثر من 680 طائرة «بوينغ» من طراز «757» تشغلها خطوط طيران داخل الولايات المتحدة. ويطالب التوجيه الأخير الصادر عن إدارة الطيران الفيدرالية بإجراء فحوصات أولية تستخدم تيارات كهربائية منخفضة الجهد الكهربائي، تعرف باسم «التيارات الدوامة» لمساعدة المفتشين على اكتشاف التشققات في طائرات «بوينغ» طراز «300» و«400» و«500» التي قطعت أكثر من 30.000 رحلة طيران. ويطالب التوجيه بإجراء «فحوصات متكررة» على فواصل منتظمة. ومن المتوقع الحصول على تفاصيل إضافية يوم الثلاثاء عندما يتم نشر التعليمات بشكل رسمي.

وقال مايك بويد، الرئيس التنفيذي لمجموعة «بويد»، وهي شركة استشارية في مجال الطيران، إنه بينما قد يبدو أن حادثة الطائرة التابعة لشركة «ساوث ويست» قد وقعت بفعل تعرض الطائرة لصدمة، وخصوصا فيما يتعلق بالركاب على متن الطائرة، فإنها في الحقيقة نادرة جدا وقد لا تترك تأثيرا كبيرا على كيفية تشغيل شركة «ساوث ويست» أو خطوط الطيران الأخرى لأعمالها.

وقال بويد: «لا يمكنك دائما العثور على شقوق على طائرة، ولكنني لا أعتقد بأن هذا الأمر سوف يكون مزلزلا لأي فرد».

* خدمة «نيويرك تايمز»