الشهرستاني لـ «الشرق الأوسط»: لا نرى ضرورة للعودة إلى حصص «أوبك» في المستقبل المنظور

نائب رئيس الوزراء العراقي أكد في حديثه أن استراتيجية بلاده النفطية ليست تعظيم الإنتاج بل زيادة الإيرادات

حسين الشهرستاني (أ.ف.ب)
TT

لمس نائب رئيس الوزراء العراقي حسين الشهرستاني المكل بالتنسيق بين وزارات النفط والكهرباء والمياه اهتماما واضحا من قبل السلطات الفرنسية بمناسبة زيارته باريس للمشاركة في «قمة» النفط الثانية عشرة التي ينظمها المعهد الفرنسي للنفط ومجلة «بترو- استراتيجي» المتخصصة في مجال النفط والغاز. والتقى الشهرستاني وزير الصناعة الفرنسي أريك بيسون ووزير الخارجية ألان جوبيه كما سيلتقي وزيرة الاقتصاد كريستين لاغارد ووزير التجارة الخارجية بيار لولوش فضلا عن مسؤولين من عدد من الشركات الكبرى المهتمة بالسوق العراقية النفطية وغير النفطية. وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، نقل الوزير العراقي عن المسؤولين الفرنسيين تأكيدهم أن باريس «تحث» الشركات الفرنسية على الاستثمار في كافة قطاعات الاقتصاد العراقي، ولأنها تحظى بدعم رسمي «كامل». وفي ما يلي نص الحديث:

* ما هي الأجندة المستقبلية للقطاع النفطي العراقي لجهة العروض الإضافية التي ستطرحونها على الشركات العالمية؟

- أنت تعلم أننا وقعنا عقودا مع كبريات الشركات النفطية في العالم للارتفاع بمستوى إنتاج النفط العراقي من معدله الحالي وهو بحدود 2.5 مليون برميل يوميا تقريبا والوصول إلى زيادة تصل إلى عشرة ملايين برميل إضافي في السنوات الست أو السبع القادمة. وفي تقديرنا، فإن هذه الزيادة ستكون كافية لتلبية الطلبات المتزايدة على النفط للفترة المنظورة المقبلة. ولذا وعلى الرغم من امتلاك العراق لحقول نفطية عملاقة وكثيرة لم تشمل في جولتي التراخيص الأولى والثانية، فإننا لا نخطط اليوم لزيادة الطاقة الإنتاجية لمستوى أعلى وذلك استنادا لقراءتنا للسوق النفطية على مدى العقدين المقبلين. وينتظر أن ينمو الطلب على النفط بحدود 20 مليون برميل بحيث يصل إلى 106 ملايين برميل يوميا. والحال أن الاستجابة للطلب يجب أن تأتي من دول «أوبك» بالدرجة الأولى. وعليه، فإننا نرى أن للعراق دورا رئيسيا في السوق النفطية لتلبية حاجاته المتزايدة.

* هل يعني ذلك أنه لن تكون هناك جولة تراخيص ثالثة في المدى المنظور؟

- كانت لدينا جولة ثالثة لتطوير الحقول الغازية. وستكون هناك جولة رابعة خلال هذا العام ولكنها ستكون مقصورة على الحقول الاستكشافية بحيث تمسح المناطق التي لم تستكشف حتى الآن، وبالتالي فإن العقود التي ستعطى ليست عقودا إنتاجية. ونحن نتوقع أن يتم العثور على كميات كبيرة من النفط والغاز، لأن 70 في المائة من العمليات الاستكشافية السابقة أفضت إلى العثور على هاتين المادتين.

* ثمة اختلاف في توقعات العراق الرسمية، وما صدر من دراسات عن صندوق النقد الدولي الذي يرى أن هناك سيناريوهين للنفط العراقي: الأول منخفض ويفضي إلى توقع زيادة الإنتاج إلى 5 ملايين برميل في عام 2016 والآخر أكثر تفاؤلا إذ لا يستبعد الوصول إلى 10 ملايين برميل. والحال أن كليهما بعيد عن توقعاتكم الرسمية، وبالتالي سؤالي هو: أين يكمن الخلل؟

- هناك سوء فهم إذ نحن تحدثنا عن 12 مليون برميل. وهذا الرقم هو رقم تعاقدي أي ما توصلنا إليه مع الشركات النفطية التي تعاقدنا معها وهي ملزمة بالوصول بقدراتنا الإنتاجية إلى هذا الرقم. وبالمقابل، فإن صندوق النقد الدولي لم يتكلم عن الطاقات الإنتاجية بل عن الإنتاج نفسه. وهذا ينطبق على دول أخرى مثل السعودية التي تصل طاقاتها الإنتاجية إلى 12 مليون برميل يوميا، بينما إنتاجها الفعلي هو في حدود 9 ملايين برميل. وما نتحدث نحن عنه هو التزام تعاقدي مع الشركات النفطية للوصول إلى طاقات إنتاجية من 12 مليون برميل خلال 6 أو 7 سنوات. وأود أن أضيف في هذا السياق شيئا آخر أن استراتيجية العراق الوطنية ليست تعظيم الإنتاج بل تعظيم الإيرادات. وهذا الأمر مرهون بالأسعار. ولذا فإن خطنا هو الامتناع عن إغراق السوق بالنفط الخام، وهو ما يهدد الأسعار وبالتالي فإن المحصلة ستكون عدم زيادة الإيرادات لا بل تراجعها.

* ثمة تحفظات أخرى من قبل صندوق النقد الدولي وهي تتناول قدرة العراق على تصدير نفطه. هل يمكن توصيف الوضع الراهن وإعطاؤنا فكرة عن توقعاتكم المستقبلية؟

- صحيح أن «عنق الزجاجة» بالنسبة للنفط العراقي هو إمكانياتنا التصديرية ومن الجنوب بوجه خاص حيث تصدر الكميات الأكبر من نفطنا. ونحن محدودون بهذه الطاقة التصديرية في الوقت الحاضر. غير أننا أبرمنا عقودا لتوسيع قدراتنا التصديرية وتنفيذها يمضي بشكل جيد عبر بناء أربعة موانئ تصدير جديدة عائمة سينتهي العمل باثنين منها أواخر العام الحالي فيما الاثنان المتبقيان سينجزان منتصف العام المقبل. والقدرة التصديرية لكل منها هي بحدود 900 ألف برميل في اليوم. أما تمويل هذه المشاريع فإنه حكومي لـ3 منها، بينما الرابع يمول من القرض الياباني. وبالطبع، فإن هذه الإنشاءات الجديدة ستزيد من قدراتنا التصديرية بشكل كبير إلى درجة أنه لن يكون لدينا النفط المنتج الكافي لاستخدام كافة قدراتنا التصديرية. لذا سنعمد لإيقاف العمل ببعض المرافق التصديرية من أعمال الصيانة وإعادة التأهيل بانتظار زيادة الطاقات الإنتاجية والتصديرية.

* ثمة بلبلة ما زالت قائمة حول طبيعة تعاطي الحكومة العراقية المركزية مع نفط كردستان والعقود التي أبرمتها الحكومة المحلية هناك.

- العقود التي أبرمتها حكومة الإقليم لم تطلع عليها الحكومة المركزية ولم توافق عليها وقامت بإبلاغ الشركات المعنية أنه لا يحق لها العمل على الأراضي العراقية من غير موافقة الحكومة العراقية.

* أي أن العقود المبرمة مع حكومة الإقليم غير شرعية؟

- نعم هي عقود غير شرعية. غير أننا اتفقنا مع حكومة الإقليم على أن أي نفط ينتج في العراق بغض النظر عن شرعيته هو ملك للشعب العراقي ويجب أن يسلم إلى الحكومة العراقية التي تتولى تسويقه وتتسلم عائداته. مقابل ذلك، فإن الحكومة العراقية تقوم بتعويض التكلفة الاستثمارية إن كانت تحملت أعباءها حكومة الإقليم أو الشركات النفطية شرط تقديم فواتير مقبولة ووفق الأسعار المتعارف عليها في السوق العالمية. وأستطيع أن أؤكد لك أنه لدينا خبرة كافية في هذا المجال. وحكومة الإقليم قبلت التسوية وهم يسلمون النفط على هذا الأساس والنفط المسلم بلغ 115 ألف برميل الأسبوع الماضي، يسلم كاملا إلى شركة تسويق النفط العراقية ويمر عبر أنبوب التصدير على خط كركوك - جيهان.

* أنتم تهتمون، بالإضافة إلى النفط، كذلك بالغاز الطبيعي. ما هي توقعاتكم في هذا القطاع؟

- ذكرت لك أننا سنقوم بتقديم جولة تراخيص رابعة للشركات الدولية.

* هل من تاريخ محدد لذلك؟

- ليس عندي تاريخ دقيق اليوم وإنما سنعلن عن ذلك في الأسابيع القادمة. هناك 12 رقعة كبيرة ستعطى للاستكشافات في كل الأراضي العراقية من غربها إلى شرقها ومن شمالها إلى جنوبها. ونتوقع أن تفضي الاستكشافات إلى زيادة احتياطاتنا الغازية التي تصل اليوم إلى 112 تريلون قدم مكعب. والمرجح أن يرتفع هذا الرقم بشكل ملحوظ. أما في ما يخص احتياطاتنا النفطية، فإن الرقم المعلن والمدقق هو 143 مليار برميل يمكن أن نضيف إليها 30 مليار برميل في إقليم كردستان. وبالتالي، فإن المجموع سيصبح 173 مليار برميل.

* أي أن العراق سيتحول إلى ثالث احتياطي للنفط في العالم؟

- لماذا الثالث؟

* هناك السعودية وفنزويلا؟

- نحن نتحدث عن النفط المألوف المستخرج من الأرض وليس عن النفوط الثقيلة أو تلك المستخرجة من الرمال أو الصخور الشيستية. ووفق هذا المعيار، فإن العراق يملك ثاني احتياطي نفطي في العالم.

* هل سينضم العراق مجددا إلى منظمة «أوبك» بمعنى هل سيعود إلى الإنتاج وفق توزيع الحصص ضمن المنظمة المذكورة؟

- العراق كما تعلم عضو مؤسس لمنظمة «أوبك». غير أننا لا نرى ضرورة لنا للعودة إلى تطبيق نظام الحصص في المستقبل المنظور. فالجميع يقر بأن العراق لم يأخذ الحصة التي يستحقها من الصادرات النفطية في الفترة الماضية وبالتالي فإن دولا أخرى استفادت منها «مكانه». ولذا فإن العراق بحاجة لأن يعوض عما خسره في السنوات الماضية كما أنه بحاجة للعائدات النفطية من أجل إعادة إعماره. وفي أي حال، الموضوع لم يطرح بعد على بساط البحث وليس لدينا سقف زمني لذلك.