بروكسل تنفي تلقيها طلبات من دول أعضاء في منطقة اليورو للاستفادة من آلية الإنقاذ

رغم استفحال أزمة الديون في البرتغال

TT

قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل الأربعاء إنها لم تتلق أي طلب من أي دولة من الدول الأعضاء للحصول على مساعدة مالية لمواجهة عجز في الموازنة، ونفى أماديو ألتفاج المتحدث باسم المفوض الأوروبي للشؤون النقدية أن تكون البرتغال طلبت من الجهاز التنفيذي للاتحاد الحصول على مساعدة أو الاستفادة من آلية الإنقاذ الأوروبية لمساعدة الدول الأعضاء المتعثرة، ويأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات لمدير الصندوق الدولي، أشاد فيها بخطوات قامت بها إسبانيا مؤخرا، وقال إنها لن تكون في حاجة إلى خطة إنقاذ مالي، بينما اعتبر الأمر في البرتغال بيد الحكومة، وأشار إلى أن الوضع في لشبونة ليس بالسهولة نفسها بالنسبة للجارة إسبانيا، وفي الوقت نفسه، قالت الأرقام الأوروبية إن الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو شهد نموا خلال الربع الرابع من العام الماضي.

من جانبه، أكد مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس كان، أن السياسات الاقتصادية التي طبقتها حكومة إسبانيا كانت جميعها صائبة، لذا لن تكون في حاجة إلى خطة إنقاذ مالي. وفي مقابلة أجرتها معه عدة صحف عالمية من بينها صحيفة «إلباييس» الإسبانية التي نشرتها الأربعاء، قال شتراوس كان: «لا أعتقد أن إسبانيا في حاجة لخطة إنقاذ». وأوضح أن السياسات كافة التي طبقتها حكومة مدريد كانت صائبة، سواء على صعيد الإصلاحات التي تضمنت المعاشات وسوق العمل والبنوك أو في مجال الضرائب. وأضاف: «أرى أنه تم خلال الأشهر الأخيرة وضع إسبانيا في القالب نفسه مع دول مثل اليونان مع العلم بأن الموقف مختلف تماما داخل البلدين، ولكن حكومة إسبانيا تقوم باتخاذ السياسات الصحيحة على الرغم من صعوبة هذا الأمر». وفي ما يتعلق بأزمة البرتغال، قال شتراوس إن الأمر بيد حكومة هذه الدولة، ولكن الوضع داخل لشبونة ليس بالسهولة نفسها لوضع إسبانيا لأنه يعتمد على عدة عوامل على رأسها وضع السوق.

وأشار إلى أن حكومة البرتغال عليها أن تحدد إذا ما كانت في حاجة لطلب قرض أم لا، «فمشكلة البرتغال الأساسية تكمن في التمويل وتوفير السيولة أكثر من مسألة زيادة الديون، لذا وضعها يختلف عن اليونان، ولكن مصيرها متعلق بقرارات حكومتها».

وفي الإطار نفسه، أظهرت القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع من العام الماضي، استمرار نمو منطقة اليورو بنسبة 0.3% وإن كان متراجعا عن الربع الثالث، الذي شهد فيه نموا بنسبة 1%. على الرغم من ذلك، فإن الآمال معلقة على الاقتصادات الكبرى في المنطقة لدفع عجلة النمو. وعلى المستوى السنوي بقيت القراءة النهائية للناتج المحلي عند مستوى نمو 2%، بينما أظهرت البيانات الفرعية انكماش الاستثمارات في تلك الفترة بنسبة -0.5% وأدنى من التوقعات التي كانت تشير إلى -0.6%. بينما بقي معدل إنفاق القطاع العائلي عند مستوى 0.4% ودون تغير عن القراءة التمهيدية، أما بالنسبة لإنفاق القطاع الحكومي فقد سجل نموا بنسبة 0.1%.

وعلى الرغم مما تشهده منطقة اليورو من اختلال لمستويات النمو بين اقتصادات منطقة اليورو الـ17، فإن استمرار نمو الاقتصادات الكبرى في المنطقة مثل الاقتصاد الألماني والفرنسي دعم من قراءة الناتج المحلي للمنطقة ككل. وحقق الاقتصاد الألماني - أكبر اقتصادات المنطقة - نمو بنسبة 0.4% في الربع الرابع بينما حقق الاقتصاد الفرنسي نموا بنسبة 0.3%.

بينما ارتفعت وتيرة النمو في الاقتصاد الإسباني رابع أكبر اقتصادات المنطقة بنسبة 0.2% في الربع الرابع بعد أن ثبت في الربع الثالث.

على الجانب الآخر، فإن الانكماش لا يزال يلاحق الدول المتعثرة ماليا مثل اليونان التي كانت أول من أشعل شرارة أزمة الديون السيادية في المنطقة حيث سجلت انكماشا اقتصاديا بلغ -1.4% في الربع الرابع، وكذا البرتغال التي تعد الأقرب لطلب المساعدة من الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة حيث اتجهت إلى دائرة الانكماش في الربع الأخير من العام السابق بنسبة -0.3% بعد أن كانت محققة لنمو بنسبة 0.2% في الربع الثالث. وبشكل عام، فإن منطقة اليورو باتت تشهد مخاطر تتمثل في اتجاه الحكومات نحو تطبيق خطط لخفض الإنفاق العام من أجل خفض عجز الموازنة، هذا فضلا عن ارتفاع المخاطر التصاعدية للتضخم التي تؤدي إلى إضعاف القدرة الشرائية للمستهلكين. وهو الأمر الذي من شأنه أن يدفع بالبنك المركزي إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة ارتفاع التضخم.

تتجه الأنظار إلى قرار البنك المركزي الأوروبي بشأن سعر الفائدة الذي تنتظره الأسواق بشغف، خاصة أن رئيس البنك قد لمح في وقت سابق إلى أنه قد يتم رفع سعر الفائدة من أجل كبح جماح التضخم الذي سجل في شهر مارس (آذار) مستوى 2.6% وهو أعلى من المستوى الآمن لاستقرار الأسعار بنسبة 2% منذ شهر ديسمبر (كانون الأول). في المؤتمر الصحافي الأخير للبنك المركزي الأوروبي، أشار فيه إلى أن التوقعات الخاصة بالنمو تتسم بالإيجابية، وإن كانت تلك التوقعات لا تزال في حالة من عدم التأكد.

ووفقا لتوقعات البنك بشأن نمو منطقة اليورو، فقد تم رفعها لتصبح ما بين 1.3% و2.1% في عام 2011 بعد أن كانت التوقعات السابقة التي صدرت في ديسمبر تشير إلى ما بين 0.7% و2.1%. وبالنسبة لعام 2012، فإن البنك يتوقع أن تسجل نمو إلى ما بين 0.8% و2.8%. ويأتي ذلك بعد أن قال هيرمان فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي إنه منذ توليه المنصب قبل ما يقرب من 250 يوما شارك في رئاسة ثلاثة اجتماعات للمجلس الأوروبي وقمة لدول منطقة اليورو، وأضاف: «خرجت بحقيقة واضحة وهي أن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات كبيرة سواء على المستوى الاقتصادي أو الدبلوماسي»، وأشار إلى أن القمة التي عقدها قادة دول التكتل الموحد في 24 مارس الماضي، أقرت مجموعة من التدابير الاقتصادية، التي أعدت ونوقشت على مدار العام الماضي، وجرى التطرق إليها في قمة الحادي عشر من مارس الماضي، وقال فان رومبوي: «لكن اتخاذ مثل هذه التدابير للتعامل مع الأزمة لا يأخذنا على الفور إلى الأزمة نفسها، ولكن يتطلب الأمر المزيد من المثابرة والجهد المتواصل»، وجاء ذلك في مداخلة لرئيس مجلس الاتحاد أمام البرلمان الأوروبي الذي يعقد جلساته الأسبوع الحالي في ستراسبورغ، وقال إن القمة الأخيرة وافقت على التعديل المحدود واللازم لمعاهدة لشبونة لتوفير الغطاء القانوني لآلية الإنقاذ والاستقرار الدائمة وهو الأمر الذي طالب به البرلمان الأوروبي في منتصف ديسمبر الماضي وأقر التعديل في 23 مارس. وأشار فان رومبوي إلى أن القمة توصلت إلى اتفاق مفصل حول نطاق وحجم وطريقة تشغيل آلية الاستقرار المستقبلية، وثالثا اتفق القادة على المقترحات التشريعية الستة حول الموازنة، وسوف تستمر الاجتماعات حول هذا الصدد والانتهاء منها في يونيو (حزيران) المقبل، ورابعا اتفق القادة على بداية الفصل الدراسي الأول وهي عملية تتابع تنفيذ استراتيجية الاتحاد الأوروبي 2020 وميثاق النمو والاستقرار الاقتصادي والمراقبة المالية، وسوف تصدر الاستنتاجات بشأنها في يونيو المقبل، وخامسا اتفق القادة على مصداقية اختبارات التحمل للبنوك، وهناك عمل مزدوج في هذا الاتجاه حيث يتعين على البنوك الالتزام بالاختبارات بينما على الحكومات أن تكون مستعدة للتعامل مع نتائج الاختبارات. وسادسا، هناك نوعية جديدة من التنسيق الاقتصادي. واختتم فان رومبوي بالقول: «نحن نريد أن نتأكد أن لدينا اقتصادات تنافسية بما يكفي لخلق فرص عمل والرعاية الاجتماعية»، وقال: «تلك هي العناصر الأساسية لخطة اقتصادية لمساعدتنا على الخروج من الأزمة»، ويذكر أن هناك دولا تعاني من أزمات بسبب عجز الموازنة مثل اليونان وآيرلندا بينما تزداد مخاوف من انتقال العدوى إلى البرتغال وإسبانيا. وكانت المفوضية الأوروبية وافقت على تخصيص مساعدات إضافية بقيمة 30 مليار يورو لبرنامج ضمانات المصارف الذي بدأت الحكومة اليونانية تطبيقه بعد تفجر الأزمة المالية. وأشار بيان للمفوضية الأوروبية إلى أن هذه الزيادة كانت متوقعة في المراجعة الثالثة لبرنامج المساعدات المالية لليونان، الذي يموله الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وأعطت المفوضية الأوروبية الضوء الأخضر لزيادة مخصصات هذا البرنامج الذي تمت الموافقة عليه بشكل مبدئي في 19 من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2008 بعد تحققها من استيفاء أثينا شروط تلقي المساعدات لتجاوز الأزمة المالية. وتعتبر بروكسل أن مدة الضمانات ستساعد على تدعيم الانسحاب التدريجي للمساعدات المخصصة للبنوك، وهي «وسيلة مناسبة لمعالجة التقلبات الخطيرة القائمة في الاقتصاد اليوناني بسبب الأزمة المالية، من جهة ثانية، ارتفعت نسبة البطالة في إسبانيا ارتفاعا قياسيا خلال مارس الماضي، وذلك بثمانية أعشار نقطة مئوية إلى عشرين نقطة ونصف نقطة مئوية»، حسب البيان الصادر عن وزارة العمل الذي أكد أن عدد العاطلين عن العمل ازداد بأربعة وثلاثين ألفا مقارنة بالشهر الذي قبله. الوزارة أضافت أن عدد العاطلين الإجمالي بلغ أربعة ملايين وثلاثمائة وثلاثين ألف شخص، مما يمثل أكبر عدد يسجل في تاريخ الإحصاءات. وقالت وزيرة العمل الإسبانية ماري لوث رودريغيث: «هناك الكثير من الناس، نحو ثلث المسجلين، لم يخسروا وظائفهم. هذه هي الحقيقة. هناك أكثر من عشرة آلاف شخص من الذين قرروا تسجيل أنفسهم لأول مرة في مارس 2011». البطالة هي الشغل الشاغل للإسبان، وارتفاعها المتواصل أضعف كثيرا شعبية رئيس الوزراء الاشتراكي خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو، الذي أعلن يوم السبت الماضي أنه لن يترشح لولاية ثالثة في الانتخابات المقررة في مارس المقبل. وأبدت المفوضية الأوروبية ببروكسل، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، تفاؤلا بشأن قدرة إسبانيا والبرتغال على تفادي الانزلاق إلى هوية أزمة الديون السيادية، وقالت إنها لا تعتقد أن أيا من الدولتين سيتقدم بطلب للحصول على مساعدات مالية من آلية الإنقاذ المخصصة لدول منطقة اليورو التي تعاني من أزمة العجز في الموازنة. وقال أولي ريهن المفوض الاقتصادي في تصريحات نشرت في بروكسل إنه لا يزال يعتقد أن لا إسبانيا ولا البرتغال ستتقدم بطلب للحصول على مساعدة مالية في إطار صندوق الإنقاذ الأوروبي. وقال ريهن إن «الدين الوطني الإسباني أقل من المتوسط بالنسبة للمعدلات في الاتحاد الأوروبي، كما أن إسبانيا بدأت العام الماضي إجراءات تتعلق بتقليل الإنفاق الحكومي وإعادة هيكلة نظام المعاشات وسوق العمل وأيضا نظام بنوك الادخار في إسبانيا وهي إجراءات مهمة جدا». وعن البرتغال، قال إنه ليس متشائما بشأن البرتغال، ولكن لا بد على القيادات السياسية التحرك للعمل من أجل وقف العجز الحكومي.