ستراوس كان: ندرس مؤشرات جديدة لقياس أفضل للوضع الاقتصادي في الشرق الأوسط

مدير الصندوق الدولي يحذر من ارتفاع «عدم المساواة» بين دول المنطقة

TT

ينشغل صندوق النقد الدولي حاليا بتقييم التطورات السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكيفية قياس تلك التطورات، خاصة أن الصندوق أشاد بدول، مثل مصر وتونس، في التقدم الاقتصادي الكلي. وأعلن مدير الصندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس كان، أن الصندوق يعمل على مراجعة طريقة عمله كي لا يركز فقط على مؤشرات الاقتصاد الكلي، بل يشمل مؤشرات أساسية، مثل كيفية توزيع ثروة البلاد بين فئات المجتمع وحماية الضعفاء في البلد.

وقال ستراوس كان، خلال اجتماع مع مجموعة من الصحافيين العرب في واشنطن، في مقر الصدوق، إنه «من الممكن أن نواجه الانتقادات، لأننا لم نعط الاستشارات (حول توزيع الثروة)، ولكن ذلك لم يكن موقع عملنا، ولكن يمكن أن يصبح موقع عملنا».

وأضاف: «عملنا كان مركزا بشكل كبير على جعل الاقتصاد الكلي للدولة ناجحا»، وأوضح ستراوس كان أن صندوق النقد الدولي يعي الآن أن «النظر إلى النمو في المنطقة يستوجب أخذ القضايا التي قد تزعزع استقرار النمو في عين الاعتبار، ليس فقط من حيث البنوك والتضخم والعجز العام، ولكن أيضا قضايا متعلقة بتوزيع الثروة». وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول طرق القياس الجديدة التي قد يعتمدها الصندوق مستقبلا لقياس النمو، قال ستراوس كان: «مؤشرات قياس الاقتصاد الكلي يسهل تحديدها، ولكن طريقة تقييم كيف يتصور المجتمع ما يحدث، خاصة في التوزيع (للثروات)، أكثر صعوبة، وقياسها أصعب، لأنه متعلق بتصرفات البشر وتصوراتها، بدلا من النظر إلى الأرقام الناشفة، مثل نسبة التضخم أو النمو». وأضاف أنه بينما صندوق النقد الدولي كمؤسسة ليس مختصا بذلك، فإن هناك مؤسسات مهمة يمكن أن تساعد في تنسيق هذه الجهود، موضحا: «نبحث عن مؤشرات تجعل التنبؤ أكثر نجاحا، ولكن الأمر ما زال يتطلب الكثير من العمل».

ويقوم صندوق النقد الدولي بـ3 مهمات حاليا، أولها المساعدة التقنية والاستشارة، بالإضافة إلى تقييم الأوضاع الحالية وإعطاء النصائح حول «تجنب المشكلات مستقبلا»، بحسب ستراوس كان. ويخشى صندوق النقد الدولي من أن إجراءات مثل زيادة الدعم الحكومي على السلع الأساسية قد تؤدي إلى أزمة مالية مستقبلا، لذا يسعى مسؤولو الصندوق إلى العمل مع دول المنطقة لبلورة سياسات استراتيجية بعيدة الأمد للتعامل مع الأزمة بدلا من سياسات قصيرة الأمد لتهدئة الشارع.

وبينما لفت ستراوس كان إلى أن «عدم المساواة» بين الفئات المختلفة في مجتمع غالبية دول المنطقة أدى إلى الاضطرابات الحالية، قال إن في الوقت نفسه «الأزمة وما يحدث الآن قد يزيد من عدم المساواة بين الدول نفسها».

وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن تتراجع نسب النمو في كل دول المنطقة، قال ستراوس كان إن «المستوردة للنفط ستعاني أكثر غيرها، وعلينا أن نقيم الصدمة»، التي ستضرب اقتصادات تلك الدول.

وكان ستراوس واضحا في الرسالة التي يريد أن يوصلها إلى حكومات الدول العربية وشعبها، وهي: «المشكلات قد تظهر، ونحن هنا للمساعدة».

والتقى ستراوس كان بالصحافيين العرب في وقت يقوم مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى صندوق النقد الدولي، مسعود أحمد، في زيارة إلى دمشق للقاء وزراء مالية دول المنطقة.

وأوضح ستراوس كان أن الاجتماع في دمشق يأتي في إطار جهود صندوق النقد الدولي في أن يكون «على قرب من الدول المعنية، وأن نقدم أي مساعدة تطلب منا». وبينما أقر مدير الصندوق الدولي بأن الدول عادة لا تريد الاعتماد على المؤسسة الدولية لمساعدتها في التمويل، فإنه في الوقت نفسه وجه تحذيرا بأنه «من الأفضل حل مسألة ما أجل بدلا من التأخر.. وقد تكون دولة ما محتاجة إلى التمويل بسبب أحداث خاصة».

وكان ستراوس كان واضحا في التعبير عن الحيرة من حيث توقع الخطوات المقبلة، قائلا: «لا نعرف ماذا سيحدث»، لكنه أضاف: «نعتقد أن هذه لحظة تاريخية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهة، وهي حركة مهمة من حيث حرية المواطنين والديمقراطية، ولكن أيضا تشكل تحديات جديدة ليست فقط من الناحية السياسية بل الاقتصادية».

واعتبر أن «النتائج الاقتصادية» ستكون كبيرة لما يحدث في ليبيا من عمليات عسكرية وانقطاع في تصدير النفط، موضحا أن التبعات الحقيقية غير معروفة بعد؛ إذ إن مدة الحرب الحالية وكيف ستنتهي مبهمة، مما يزيد من صعوبة الاستعداد للمرحلة المقبلة.

وشرح ستراوس كان أن مصر وتونس تواجهان تحديات عدة، على رأسها جهود إعادة إحياء القطاع السياحي الذي من غير الواضح بعد إذا كان سيتعافى نسبيا قبل فصل الصيف لجلب الإيرادات لهذا القطاع الحيوي. وأضاف أن من جهة أخرى، سيكون من الضروري أن تحقق حكومتا البلدين تقدما في «تزويد الشعب بالأمور التي يطلبها، خاصة في وقت تتصاعد فيه أسعار الغذاء والنفط، ولكن من جهة أخرى قد يؤدي ذلك إلى تحديات مستقبلا من حيث الدعم الحكومي والتبعات المالية على الميزانية».