مصرفيون لـ «الشرق الأوسط»: التحقيق مع رجال الأعمال يرفع درجة «الحذر» بالجهاز المصرفي المصري

قالوا: إن البنوك ستزيد من تشددها في منح الائتمان

TT

تخوف مصرفيون وخبراء الاقتصاد من تعثر رجال أعمال مصريين يجري التحقيق معهم حاليا وأغلبهم مدين للبنوك بقروض ضخمة، من سداد قروض حصلوا عليها من البنوك، وتوقعوا تشدد المصارف في منح الائتمان للمستثمرين الفترة المقبلة. وأكد مصرفيون لـ«الشرق الأوسط» أن التحقيقات الجارية مع رجال أعمال كانوا بارزين في الحياة الاقتصادية المصرية وشديدي الصلة بنظام الحكم السابق ستزيد من درجة مخاطر منح الائتمان لدى المصارف رغم حاجة الاقتصاد المصري في الوقت الراهن إلى التوسع في عمليات الإقراض للمساهمة في عودة نمو الاقتصاد لطبيعته.

وتوقع مصطفى الصحن الخبير المصرفي المدير الإقليمي السابق لبنك جي بي مورغان تشيس لـ«الشرق الأوسط» أن ترفع البنوك المصرية درجة «الحرص» في منح الائتمان الفترة القادمة بعد إحالة عدد كبير من رجال الأعمال الكبار على التحقيق بتهم مخالفات مالية، موضحا أن تزايد «الحرص» سيكون من خلال التوسع في معلومات الاستعلام الائتماني للعميل طالب الائتمان حتى تتجنب البنوك التعثر في سداد القروض إضافة إلى التوسع في البيانات حول الأصول المملوكة للعميل. ونبه إلى أن تشدد المصارف في منح الائتمان سيضر بالوضع الاقتصادي الحالي الذي يحتاج إلى تزايد مساهمة البنوك في عودة الحياة الاقتصادية لطبيعتها.

ونبه الصحن إلى عدم وجود صعوبة في تحصيل القروض التي منحت لرجال الأعمال المحالين للتحقيق لأنها ليست قروضا للأفراد بل لمؤسسات كبرى تستحوذ على جانب كبير في الاقتصاد المصري، مضيفا أن تلك المؤسسات قادرة على سداد هذه القروض لأن نشاطها لن يقف عند إحالة رئيس مجلس إدارتها للتحقيق. وقال الدكتور إسماعيل حسن محافظ البنك المركزي المصري السابق لـ«الشرق الأوسط» إن البنوك مطالبه بزيادة «الحرص» في منح الائتمان في كل الأوقات وليس في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن التحقق من سلامة الجدارة الائتمانية للعميل من أولويات عمل البنوك.

وأضاف إسماعيل حسن رئيس مجلس إدارة بنك مصر إيران لـ«الشرق الأوسط» أن منح القروض لرجال الأعمال الذين يتم التحقيق معهم، لم يتم بصفتهم الشخصية ولكن بحجم شركاتهم في السوق، مشيرا إلى أن البنوك مطالبة بالتوسع في زيادة الائتمان وليس بالتشدد لأن ذلك سيعود عليها أيضا بالفائدة.

ومن جهته قال الدكتور نبيل حشاد رئيس المركز العربي للدراسات والاستشارات المالية والمصرفية لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع الحالي للاقتصاد المصري والتحقيق مع عدد كبير من رجال الأعمال القريبين من النظام السابق يرفع درجة المخاطر لدى البنوك في منح الائتمان وهو ما سيضعف القطاعات الاقتصادية التي تحتاج الآن أكثر من أي وقت سابق إلى دعم البنوك.

ورأى حشاد أن هذا العدد الهائل من كبار رجال الأعمال المحالين للتحقيق سيرفع معدلات الديون المتعثرة لدى البنوك وعدم مغامرة البنوك في منح الائتمان إلا بقيود مشددة. ونبه حشاد إلى أن الوضع الراهن للاقتصاد المصري بمجمله لا يشجع البنوك على التوسع في منح الائتمان تخوفا من تكرار تجربة التعثر الشهيرة في منتصف التسعينات والتي كان من توابعها هروب عدد كبير من رجال الأعمال. وأحال النائب العام عددا من رجال الأعمال للتحقيق معهم بشأن عدد من قضايا الفساد، ومن أبرزهم أحمد عز رئيس مجلس إدارة شركة «العز» لحديد التسليح وهشام الحاذق «هارب» وحسين سجواني رجل الأعمال الخليجي وحسين سالم ومحمد أبو العينين ومجدي راسخ صهر الرئيس السابق حسني مبارك. ويعد إبراهيم كامل آخر رجل أعمال مصري تم إحالته إلى التحقيق، وتوصل بنك مصر معه بنهاية 2010 إلى جدولة المديونية المستحقة لمدة 5 سنوات، بعد فترة انقطاع عن السداد بلغت 10 سنوات، وسدد كامل دفعة من المديونية بنهاية العام الماضي بلغت نحو 280 مليون جنيه، بينما كان من المفترض أن يسدد 770 مليون جنيه.

وقال مصرفيون إن بنوكهم تلقت تعليمات من البنك المركزي تؤكد على ضرورة مراجعة اتفاقيات التمويل الخاصة برجال الأعمال الذين يخضعون للتحقيق أو تعرضوا للحبس على ذمة قضايا فساد، وإعادة النظر كذلك في التسويات التي أبرمتها البنوك قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني). وقال طارق عامر رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي (أكبر بنك حكومي مصري) إن نظام الرئيس السابق حسني مبارك خطط لتدمير البنوك الوطنية لصالح رجل أعمال منتم للحزب الوطني.