خطط التقشف في البرتغال تؤتي ثمارها.. وبلجيكا وإسبانيا تسعيان لطمأنة الدول الأوروبية

لشبونة سددت 4 مليارات يورو من القروض وسجلت فائضا قدره 431 مليونا

TT

تتصاعد موجة الاحتجاجات في أكثر من بلد أوروبي تنديدا بالإجراءات التقشفية التي تقوم بها بعض الحكومات للحد من تداعيات الأزمة المالية والخروج بالاقتصاديات المنهكة إلى بر الأمان.

وفي الوقت الذي تعد فيه البرتغال آخر ضحايا الأزمة المالية حيث أدى العجز في الميزانية وارتفاع الدين العام إلى سقوط الحكومة لتجبر إثر ذلك لشبونة على طلب المساعدة الأوروبية التي كانت رفضتها سابقا.

ويأتي ذلك فيما حسنت البرتغال من حساباتها خلال الربع الأول من العام الجاري وسجل الميزان بين نفقات وإيرادات الدولة فائضا بقيمة 431 مليون يورو.

وأفادت البيانات الأولية للحكومة البرتغالية بأن إجراءات التقشف المتخذة في حزم متوالية، والتي تم التصديق عليها حتى الآن، قد آتت بعض ثمارها.

وسجل الربع الأول من العام الجاري نتائج إيجابية ابتعدت عن العجز بقيمة مليار و311 مليون يورو، الذي سجل في الربع الأول من عام 2010.

ورغم وضعها المالي الحرج، قامت البرتغال بسداد أربعة مليارات و300 مليون يورو لمانحي القروض عن طريق إصدار سندات خزانة، بينما يبحث الخبراء سبل مساعدة هذا البلد.

وذكرت مصادر رسمية أن عملية السداد تتعلق بخط ديون تم الحصول عليها في عام 2005 بفائدة سنوية تقدر بنسبة 3.2%، وهو ما يمثل ثلث ما سيتعين على لشبونة أن تدفعه الآن لسداد ديونها السيادية.

وسددت البرتغال نحو 139 مليون يورو للفوائد على هذه الديون التي كانت في الأصل تبلغ ثلاثة مليارات يورو، لكنها زادت بالحصول على مبالغ إضافية.

ولا تزال البرتغال، التي طلبت الأسبوع الأول من الشهر الجاري مساعدة مالية دولية لتفادي الإفلاس، تعاني في مواجهة الأسواق. وكانت البرتغال قد قررت مؤخرا الاستجابة لضغوط الأسواق، واللجوء للمساعدات الخارجية بعد أن اشتد حولها الخناق بسبب أزمة الديون السيادية وأعطى رئيس المفوضة الأوروبية جوزيه مانويل باروزو موافقته المبدئية لتقديم مساعدة مالية للبرتغال التي تشهد أزمة مالية شبيهة بتلك التي شهدتها اليونان. نحو ثمانين مليار يورو هي قيمة المساعدات المالية الدولية التي تحتاجها لشبونة لتخطي أزمتها. ومن المقرر أن يقدم الاتحاد الأوروبي نحو ثلثي المساعدة المالية التي ستستفيد منها البرتغال في حين يقدم صندوق النقد الدولي القيمة المالية المتبقية. وللاستفادة من هذه المساعدات المالية، على لشبونة إجراء سلسلة من المفاوضات حول إصلاحاتها الهيكلية، فمجموعة المانحين لا ترغب في المجازفة حتى على حساب الاستقرار في منطقة اليورو.

عملت كل من بلجيكا وإسبانيا خلال الاجتماع الأخير لوزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي، على إزالة أي مخاوف لدى الدول الأعضاء الآخرين في منطقة اليورو، من انتقال العدوى إليهما بعد أن وصلت إلى البرتغال، ووافق الاتحاد الأوروبي، على تقديم مساعدة مالية إلى لشبونة بقيمة ثمانين مليار يورو، على أن تعتمد الحكومة البرتغالية خطة تقشف صارمة. وبعد أن عبر وزراء المالية في دول الاتحاد، عن مخاوفهم من انتقال عدوى العجز المالي إلى إسبانيا نظرا لارتباط اقتصادها بشكل وثيق مع الاقتصاد البرتغالي، لكن وزيرة المالية الإسبانية إيلينا سالغادو نفت ذلك إذ تقول: «لا أرى أي خطر عدوى، نحن بعيدون عن ذلك تماما». من جانبه جاءت ردود وزير المالية البلجيكي ديدير رايندرز هادئة للغاية وهو يتحدث عن الموازنة البلجيكية، وقال إن بلاده حققت نتائج جيدة للغاية في موازنتها، وتعتبر من أفضل النتائج على الصعيد الأوروبي، وأكد لنظرائه الأوروبيين استمرار بلاده في تقليص الدين العام، وهو أمر كان قد توقف خلال السنوات الماضية بسبب عمليات إنقاذ البنوك، وأشار إلى أن هناك خططا ابتداء من 2012 للوصول إلى معدل أقل من 3% طبقا للشروط الأوروبية للموازنة، على أن يتحقق ذلك في 2015. من ناحيته، قال وزير المالية السويدي أندرس بورغ في اجتماع المسؤولين الماليين الأوروبيين الأسبوع الماضي بالعاصمة المجرية بودابست: «إن كل دولة عضو قد تحتاج إلى مبالغ كبيرة من المال، سواء كانت داخل منطقة اليورو أو خارجها، والإشكالية في حالة البرتغال أن طلب المساعدة المالية جاء متأخرا»، وعقب الاجتماع قال وزراء مالية الاتحاد الأوروبي إن على الحكومة البرتغالية خفض موازنتها بشكل أعمق، وخصخصة الشركات الحكومية مقابل حصولها على مساعدة مالية قد يقرها الاتحاد الأوروبي قبل منتصف مايو (أيار) المقبل. وقال وزير المالية البرتغالي تيشيرا دوش سانتوش: «يجب على المركزي الأوروبي والمفوضية والسلطات البرتغالية أن تشارك في تقييم المبلغ المطلوب، وبالطبع فإن ذلك مرتبط بطول الفترة الزمنية للدعم المالي». وتقدر الحكومة البرتغالية أن يبلغ العجز السنة الجارية عشرة مليارات ونصف مليار يورو، وأن ينكمش الاقتصاد بتسعة أعشار نقطة مئوية مع ارتفاع كبير لنسبة البطالة. من جانبه أكد المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين أن قيمة المساعدة التي ستتلقاها لشبونة تقارب ثمانين مليار يورو، تقدم على مدى ثلاث سنوات، مضيفا أن المفاوضات ستبدأ في أقرب الأوقات مع كل الأطراف السياسية الفاعلة في البرتغال للتوصل إلى اتفاق قبل السادس عشر من مايو (أيار) القادم. وفي الوقت نفسه طالب المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين، الحكومة والمعارضة البرتغالية بتحمل مسؤولياتها في التفاوض على برنامج التقشف الذي يعد ضروريا من أجل تقديم المؤسسات الدولية لخطة إنقاذ لهذا البلد. وأكد رين في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع وزراء المالية بالاتحاد الأوروبي: «أثق أن جميع أحزاب الحكومة والمعارضة ستأخذ في الاعتبار مسؤوليتها الكبرى لتجاوز الصعوبات الحالية من أجل مصلحة البرتغال ومواطنيها واستقرار الاتحاد الأوروبي». ورد المفوض بذلك على سؤال حول رفض الحكومة البرتغالية للتفاوض مع المعارضة حول برنامج التقشف باعتبار أن هذا التفاوض يخص المؤسسات الدولية (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي). وتسبب الخلاف بين الحكومة البرتغالية والمعارضة حول برنامج التقشف الاقتصادي الذي يجب أن تتخذه البرتغال لتجاوز الأزمة في الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد. وتعاني البرتغال من أزمة سياسية واقتصادية خطيرة أدت إلى إجراء انتخابات مبكرة في الخامس من يونيو (حزيران) المقبل بعد استقالة رئيس وزرائها جوزيه سوكراتيس. وسبق أن أعلن مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس كان، أن البرتغال طلبت مساعدات مالية من الصندوق، مؤكدا أن الهيئة المالية جاهزة لمساعدة هذا البلد. وأكد مدير صندوق النقد الدولي في بيان: «إننا جاهزون للانضمام إلى جهود شركائنا الأوروبيين للمساعدة في إعادة النمو والاستقرار المالي بالبرتغال». وأضاف: «إننا جاهزون للتحرك بسرعة في هذا المطلب وعقد محادثات عاجلة مع الحكومة البرتغالية والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي حول برنامج اقتصادي مدعوم من قبل الأحزاب السياسية الرئيسية».