جدل حول مستقبل المجموعات المالية وبنوك الاستثمار الكبرى في الاقتصاد المصري

خبراء مال لـ «الشرق الأوسط» : طبيعة مناخ الاستثمار ستحدد وضعها

اقتصاديون وخبراء في الاستثمار تباينت ارؤاهم حول مستقبل المجموعات المالية (رويترز)
TT

تغيرت نوعية الإعلانات مدفوعة الأجر التي تنشرها المجموعات المالية والشركات الكبرى في مصر حاليا، فمنذ وقت قريب وقبل ثورة 25 يناير كانت تلك الكيانات الاقتصادية تنشر أخبارا عن استحواذات أو طروحات جديدة أو نشرة اكتتاب.. والآن بدا المشهد لافتا بعد التطورات الأخيرة بمصر، حيث تحولت إعلانات أغلب تلك المجموعات إلى نفي أو تصحيح أو توضيح لطبيعة العلاقة مع نافذين في نظام الحكم السابق.

وفتحت تلك التطورات المتلاحقة التي تشهدها مصر سياسيا في الوقت الحالي، وتأثيراتها على الاقتصاد، التساؤلات حول مستقبل المجموعات المالية وبنوك الاستثمار الكبرى بمصر ومدى توافقها مع المرحلة المقبلة. وهي التي نمت بشكل أكبر في شرايين الاقتصاد المصري خلال السنوات العشر الأخيرة، وامتدت إلى دول كبرى في الشرق الأوسط.. كما استحوذت تلك المجموعات على جانب مؤثر في الحياة الاقتصادية المصرية وبعض الدول العربية، ومن أشهرها «القلعة وهيرميس ويلتون».

اقتصاديون وخبراء في الاستثمار تباينت رؤاهم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» حول مستقبل تلك المجموعات، فمنهم من رأى أن من هذه المجموعات من لن يستطيع التكيف مع طبيعة الاقتصاد المصري في المستقبل، فيما اختلف آخرون في أن التأثير عليها سيكون على المدى القصير فقط. وتوقع كريم هلال الرئيس التنفيذي لشركة «سي آي كابيتال» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يتباطأ نشاط تلك المجموعات على المدى القصير، لحين استقرار الأوضاع واتضاح الرؤية.

ونبه هلال إلى أن نشاط الاندماجات والاستحواذ بين الشركات في السوق المصرية سينخفض نتيجة تراجع التوجه الاستثماري، مضيفا أن الأمر سيختلف على المدى البعيد نتيجة لتحسن مناخ الاستثمار متأثرا بالمناخ السياسي.

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة «سي آي كابيتال» أنه على المدى البعيد سيكون الوضع إيجابيا للغاية والمؤشرات كلها في صالح الاقتصادي المصري، ويدعمه في ذلك التدفقات الاستثمارية التي رأى هلال أنها ستكون كبيرة بفضل تحسن مناخ الاستثمار عقب الديمقراطية والشفافية التي سيتسم بها المناخ السياسي.

وعن مدى تغير خطط تلك المجموعات لتتواكب مع تلك التطورات قال الرئيس التنفيذي لشركة «سي آي كابيتال» إن شركته لن تغير خططها الفترة القادمة، معربا عن اعتقاده بأن المجموعات الأخرى قد تغير من بعض أطروحاتها أو أدواتها الاستثمارية.واستبعدت لميس نجم نائب رئيس سيتي بنك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تدفع تطورات المرحلة الحالية تلك المجموعات المالية الكبيرة إلى الاندماج في بعضها البعض، وقالت إنها كيانات قوية قائمة على أسس وقواعد مالية تتفادى بها أي تطورات اقتصادية.

واتفقت نجم مع القول بأن التأثير السياسي على تلك المجموعات المالية سيكون على المدى القصير في شكل ترقب لطرح فرص استثمارية جديدة، ونبهت إلى أن تلك المجموعات المالية وبنوك الاستثمار تخطت الأزمة المالية العالمية بنجاح ولم تترك عليها آثارا ملحوظة، وتوقعت ألا تدفع التطورات التي تشهدها مصر حاليا هذه الكيانات الاقتصادية إلى تعديل خططها الاستثمارية.

وقال الدكتور فرج عبد الفتاح الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» إن المجموعات المالية الكبرى التي تعمل في مصر حاليا منها ما يفشل في التوافق مع الاقتصاد المصري الفترة القادمة لارتباطها مع مسؤولين نافذين في نظام الحكم السابق، مضيفا أن خروجها من الاقتصاد المصري لن يؤثر على وضعه وتركيبته لأن الاقتصاد ستحدث له عملية «غربلة» (تصفية وتنقية) خلال الفترة القادمة.

واعتبر عبد الفتاح أن المجموعات المالية التي لم ترتبط مع النظام السابق ونشأت في ظل قوانين وتطور طبيعي بعيدا عن المجاملات هي التي ستستطيع التواصل مع المرحلة المقبلة في الاقتصاد. وعن رؤيته للاقتصاد المصري الفترة المقبلة، قال إن الفترة المقبلة لم تحدد بعد ملامحها، لذلك سيكون من الصعوبة الحكم على طبيعتها الآن معربا عن أمله بوجود فلسفة اقتصادية جديدة.

ومنع النائب العام المصري أحمد هيكل رئيس مجلس إدارة «القلعة»، التي تدير استثمارات تصل إلى أكثر من 8.6 مليار دولار، من السفر بعد اتهامات وجهت له بالاستيلاء على المال العام بعد تسهيلات منحت له من الدكتور عاطف عبيد إبان توليه رئاسة وزراء مصر.

وحسب بيان النائب العام المصري فقد اشترى هيكل شركة «أسمنت بورتلاند حلوان» بثمن بخس بتسهيلات من عبيد، فحقق من ورائها منافع مالية كبيرة من بيعها لأجانب بأضعاف ثمن شرائها مما ألحق ضررا بالغا بالمال العام. كما شهدت المجموعة المالية «هيرميس» أول من أمس تطورا مفاجئا، إذ أعلن شريف كرارة العضو المنتدب لقطاع السمسرة استقالته بعد رحلة عمل طويلة تجاوزت 15 عاما، فيما نفى ياسر الملواني الرئيس التنفيذي لـ«هيرميس» ما تردد حول تحقيق هيئة الرقابة المالية مع المجموعة بشأن مخالفات بتعاملات شركات السمسرة التابعة لها أو التقييمات الصادرة عنها للأسهم المقيدة بالبورصة، واصفا هذه الأنباء، بأنها «كلام فارغ».