السعودية: رئيس هيئة مكافحة الفساد يحصر أسباب تعثر المشاريع في 4 مشكلات

وكيل وزارة الاقتصاد: المتطلبات المالية لتنفيذ المشاريع ستتجاوز 373 مليار دولار في 2014

محمد الشريف (تصوير: خالد الخميس)
TT

حدد رئيس هيئة مكافحة الفساد السعودية، في أول ظهور إعلامي له، 4 أسباب وراء تعثر المشاريع الحكومية، تتمثل في عدم الاعتناء بإعداد مواصفات المشاريع وشروطها قبل طرحها في المنافسة، وإسناد الأعمال بالباطن، وضعف الإشراف على المشاريع، إضافة إلى ضعف كفاءة أعضاء لجان الاستلام الابتدائي والنهائي للمشاريع.

ودعا محمد الشريف، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، خلال كلمته الرئيسية، التي افتتح بها «المؤتمر الثالث لإدارة المشاريع»، الذي يعقد في العاصمة السعودية، الرياض، أعمال يومه الأول من أمس، المشاركين في أعمال المؤتمر، إلى الخروج بتوصيات مفيدة، والنهوض بمستوى قطاع المقاولات، وتلمس أفضل السبل لتنفيذ المشاريع، والتركيز في البحث والنقاش لعلاج مشكلات قطاع المقاولات، لا سيما التي تشكي منها المشاريع الحكومية.

وذكر الشريف في كلمته أن المشكلات التي تواترت المؤشرات على أن المشاريع كانت تشكو منها، 4 مشكلات، يكمن أولها في عدم الاعتناء بإعداد مواصفات المشاريع وشروطها قبل طرحها للمنافسة، بدليل كثرة أوامر التغيير التي تصدر للمقاول أثناء التنفيذ، مما يؤدي إلى تأخر المشروع وعدم إمكان إنجازه خلال مدته، وربما يؤدي إلى تعثره وتوقفه نهائيا، نتيجة الخلافات التي تنشأ بسبب ذلك المقاول والجهة المالكة.

وأضاف الشريف أن المشكلة الثانية التي أرقت المشاريع، هي إسناد الأعمال من الباطن، سواء تم ذلك بعلم الجهة صاحبة المشروع وموافقتها، أو دون ذلك، وما يسببه ذلك من ضياع جزء من قيمة المشروع دون استفادة، لرغبة كل طرف في التربح من المشروع وإن لم ينفذه، وعدم التمكن بعد ذلك من إنجازه على المستوى المطلوب بما يتبقى من قيمته.

ويأتي ضعف الإشراف على المشاريع، بحسب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، السبب الثالث وراء تعثر المشاريع، سواء تم الإشراف ذاتيا من قبل الجهة المالكة، أو خارجيا، من قبل استشاري، وذلك لعدم متابعة الجهة المتعاقدة للمشروع ميدانيا ومكتبيا، للتأكد من تواجد جهاز الإشراف الفني بذات الكفاءات والمؤهلات المنصوص عليها في العقد.

أما المشكلة الرابعة، وفق الشريف، فهي ضعف كفاءة أعضاء لجان التسلم الابتدائي والنهائي للمشاريع، وربما تجاهلها أو عدم قدرتها على إبراز بعض الأخطاء وأوجه التقصير في التنفيذ، الأمر الذي يضر بالمشاريع ضررا بالغا، ويحد من الانتفاع بها، لظهور عيوب بها فور تسلمها.

وأوضح الشريف في كلمته أن قطاع المقاولات كان متواضعا في مرحلة الطفرة الأولى، بسبب قلة أعداد وقيمة المشاريع، مما جعل الدولة تدرك أنه لا بد من النهوض بقطاع المقاولات لمواكبة حجمه وقدرته مع حجم المشاريع، لتنشئ صندوق إقراض المقاولين الذي كانت مهتمة منح المقاولين قروضا ميسرة تساعدهم على بناء كياناتهم الفنية والإدارية.

ولفت الشريف إلى أن قطاع المقاولات في المرحلة الثانية لم يكن مهيئا للقيام بالكم الهائل من المشاريع، وهو الأمر الذي أدى إلى الاستعانة بمقاولين أجانب، أو تكدس معظم المشاريع في يد عدد محدود من المقاولين، كما هو الحال حاليا، مبينا أنه لو قدر وأعيد فتح صندوق إقراض المقاولين من جديد لأدى هذا إلى عودة القطاع قويا كما كان.

إلى ذلك، طالب الدكتور أحمد صلاح، وكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط لشؤون الاقتصادية في السعودية، بإنشاء هيئة للمقاولين، إضافة إلى إنشاء صندوق لقطاع المقاولات، وإنشاء مؤسسات مالية متخصصة لتلك القطاع للنهوض بالمشاريع التنموية.

وأوضح صلاح خلال الجلسة الأولى في المؤتمر الثالث لإدارة المشاريع، التي جاءت تحت عنوان «التخطيط الاستراتيجي وأثره في المشاريع» أن المشاريع التنموية تواجهها صعوبات في كثير من الأمور، منها الإغراق، والشركات العائلية المعرضة للاهتزازات والعمالة.

كما كشف صلاح عن بعض ملامح الخطة التاسعة واستراتيجيات الاقتصاد السعودي لعام 2014، مشيرا إلى أن معدل دخل الفرد في عام 2014 سيصل ليوازي 86 ألف ريال (22.9 ألف دولار)، وأن معدل نمو الكهرباء سيبلغ ما نسبته 7.5 في المائة، لافتا في ذات الوقت إلى أن المتطلبات المالية لتنفيذ المشاريع حتى عام 2014، ستتجاوز الـ1.4 تريليون ريال (373 مليار دولار).

وفي ذات الجلسة، نفى الدكتور حبيب زين العابدين، وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية، خلال كلمته التي شارك بها، وجود أي مشكلة من وزارته مع المقاولين، داعيا جميع الشركات المصنفة في قوائم الوزارة للمشاركة في تنفيذ المشاريع، مشيرا إلى أهمية إعادة النظر في إلغاء وزارة الأشغال، وبحث أسباب ذلك، في إشارة منه إلى إمكانية عودتها.

وأشار زين العابدين في كلمته إلى أن سعر مشروع قطار الحرمين في عرضه الأول كان عاليا مع الشركة المنفذة، والبالغ نحو 9 مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، إلا أنه تم بعد ذلك تقليصه إلى 6.5 مليار ريال (1.7 مليار دولار)، مفصحا عن أنه من الممكن أن يبلغ سقف الطاقة الاستيعابية له نحو 500 ألف حاج خلال حج هذا العام، مشيرا في ذات الوقت إلى وجود معارضة «فنية» على وجود خمسة خطوط لقطار المشاعر.

وشدد زين العابدين على أهمية وضع كادر للمهندسين، وأن هذا الأمر يعد إشكالا على المهندسين، مستشهدا بنجاح قطاع الطب في السعودية بسبب الكادر الجيد الذي يتمتع به.

ومن جهته، يتفق المهندس محمد القويحص، عضو مجلس الشورى، مع ما ذهب إليه الدكتور حبيب زين العابدين، من أهمية وضع كادر وظيفي، حيث دعا إلى إقرار لائحة الوظائف الهندسية والفنية.

وأكد المهندس محمد القويحص، في ورقته التي جاءت بعنوان «إدارة المشاريع الحكومية بين الواقع والمأمول»، خلال الجلسة الثالثة والأخيرة لليوم الأول للمؤتمر، أمس، التي حملت عنوان «تنظيم المشاريع في القطاع العام»، أن إجمالي الاعتمادات التي لم يستفد منها خلال عام واحد بلغت 18.7 مليار ريال (4.9 مليار دولار)، وذلك بحسب تقرير ديوان المراقبة العامة.

وأرجع القويحص التأخير في تنفيذ المشاريع إلى ضعف كفاءات بعض المقاولين، وبطء الإجراءات الإدارية المتعلقة بطرح المشروع وترسيته، وضعف الإشراف على التنفيذ، وعدم توفر أراض، ونقص الاعتمادات المرصودة للمشاريع، وافتقاد بعض الأجهزة الحكومية للخبرات العلمية في الإعداد الفني والهندسي للمشاريع، مضيفا أن من أسباب تعثر المشاريع ضعف الجهاز الإشرافي الحكومي على المشاريع.

وأشار القويحص إلى أن إجمالي مبالغ المشاريع المتعثرة يبلغ 30 مليار ريال (8 مليارات دولار)، وهو ما نسبته 25 في المائة من إجمالي المشاريع، في حين تم تنفيذ ما نسبته 25 في المائة، من المشاريع في وقتها دون تأخير، بينما تأخر تنفيذ ما نسبته 50 في المائة من المشاريع.

وقال القويحص إن تأخر تسديد مواقع المشاريع عائد إلى عدم وجود أراض، التي ذهبت بحسب وصف القويحص لـ«المنح»، وتركت المشاريع دون أراض لها.

وأكد القويحص على أن دراسة ملاحظات أسباب تعثر وتأخر تنفيذ المشاريع بينت عدم كفاءات أسلوب إدارة المشاريع الحكومية، بسبب مشكلات وعوائق إجرائية وإدارية وفنية أدت إلى تأخير تنفيذ المشاريع وعدم تحقيق التنمية وعدم الاستفادة القصوى من الميزانية المالية وعدم تطبيق مفهوم الجودة الشاملة لمستوى التنفيذ.

من جانبه، قال الدكتور سليمان العريني، خبير التخطيط الاستراتيجي والرئيس التنفيذي لشركة «الإبداع» للاستشارات، إن الجهات الحكومية تضع في حسبانها مدة زمنية قدرها 4 سنوات لتنفيذ المشاريع، وهو أمر «مستحيل» نظير الخطط الاستراتيجية، واصفا إدارة المشاريع في الأجهزة الحكومية بـ«العاجزة» عن تنفيذ المشاريع بنفسها، وإنما الاعتماد على الشركات الأجنبية.

وطالب العريني بإعادة النظر في الاستراتيجيات، ووضع رؤى واستراتيجيات موحدة لتنفيذ المشاريع وفق جودة «عالية»، بالإضافة إلى إعادة النظر في أسلوب تمويل الميزانية ونظام المشتريات الحكومية.

وأوصى العريني بإعادة النظر في نظام المناقصات الحكومية وتسهيل إجراءاتها بشكل عام، لكون عمليات التعقيد تسهم في «الفساد».