ماذا ستفعل «أبل» بسيولتها النقدية الضخمة البالغة 66 مليار دولار؟

«سامسونغ» ترفع دعوى عليها كرد انتقامي بشأن براءات الاختراع

أحد محلات «أبل»
TT

«فائض».. «صعب المنال».. «سخيف» هي الصفات التي يستخدمها محللون لتوصيف السيولة النقدية الضخمة لشركة «أبل». في آخر تقرير للشركة عن الأرباح التي حققتها يوم الأربعاء الماضي، أشارت إلى جني ما يعادل نحو 65.8 مليار دولار بعد حساب الأرباح التي تم تحقيقها في الربع السابق، التي بلغت 6 مليارات دولار. بالطبع فاق هذا الرقم ما حققه منافسو «أبل»، حيث جاءت شركة «غوغل» في المركز الثاني بأرباح بلغت 36.7 مليار دولار بحسب تقريرها الصادر الأسبوع الماضي، أي أقل من نصف مخزون «أبل» النقدي.

وقال تقرير لـ«نيويورك تايمز» أعده إيفلين راسلي، إنه لم يبد على شركة «أبل» التي تحظى منتجاتها «آي فون» و«آي باد» بشعبية قوية، أثار أي تراجع، فقد ارتفعت عائداتها بنسبة 83 في المائة لتصل إلى 24.67 مليار دولار خلال الربع الأخير. لكن يقول المحللون إنه في الوقت الذي تزداد فيه العائدات، سيتعين على «أبل» في وقت من الأوقات أن تسحب الأموال من حساباتها المصرفية وربما تذهب للتسوق.

يقول يير رينير، أحد المحللين بشركة «أوبينهايمر آند كامباني»: «سيصبح الدفاع عن الأمر صعبا بحق. منذ عامين كنت سأقول إنه سيكون من الصعب حماية السيولة التي تمتلكها الشركة إذا وصلت إلى 50 مليار دولار، والآن وصلت إلى 70 مليار دولار. سينبغي اتخاذ إجراء ما في مرحلة ما». فقد ارتفع سعر سهم «أبل» بنسبة 2.7 في المائة، ووصل إلى 351.5 مساء الخميس. وحتى هذه اللحظة ارتفع سعر السهم بنسبة 9 في المائة.

ويقول المحللون إنه طالما ظلت شركة «أبل» قادرة على الحفاظ على مسارها، فسيكون من الصعب على حاملي الأسهم الشكوى من زيادة السيولة النقدية. لكن الضغوط تتصاعد، حيث تصل تداولات أسهم الشركة إلى ما دون مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بحسب حسابات رينير. ويتعدى متوسط تداول الشركات بحسب مؤشر الأرباح المتوقعة لعام 2012 بـ13 مرة. إذا خصمنا السيولة النقدية من سعر سهم «أبل»، فسيصل تداولها إلى نحو الأرباح المتوقعة في عام 2012 بتسعة أمثال على حد قول رينير. ويضيف: «أما وأن تداول (أبل) أقل من سعر السوق، فمن السهل القول إنها تعاقب على التمسك بنقودها».

إذا قررت شركة «أبل» الإنفاق، فمن غير الواضح ما الذي ستفعله الشركة بهذا المال. قد تسعى الشركة إلى شراء أسهمها مرة أخرى أو دفع أرباح على السهم، حيث لا تقوم بذلك حاليا أو القيام بعمليات استحواذ. قال ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إن الشركة ربما تسعى إلى اقتناص «فرصة استراتيجية أو فرصتين»، لكن قد تتمثل صفقة كبيرة في تغيير الشركة لاستراتيجيتها الخاصة بالاستحواذ على الشركات الصغيرة بحثا عن المواهب أو التكنولوجيا في أكثر الأحوال.

قامت الشركة العام الماضي بعمليات استحواذ كان منها، الاستحواذ على تطبيق «سيري»، وهو من تطبيقات جهاز «آي فون» وشركة «إنترينسيتي» الصغيرة المصنعة للشرائح. لكن كانت أكبر عملية استحواذ في عام 2010 هي الاستحواذ على شركة «كواترو» لإعلانات الهواتف الجوالة مقابل 300 مليون دولار تقريبا. إن كانت شركة «أبل» تأمل أن تسحب من مخزونها النقدي الحالي، فسوف تقوم بعملية شراء كبيرة أو تبدأ عملية تسوق استثنائية ضخمة.

يقول رينير: «ليس للشركة أي تجربة سابقة في شراء الشركات التي تنتج مجموعة متكاملة من المنتجات، وهذا ما يفسر تردد الشركة في القيام بمخاطرة دمج شركات وثقافات جديدة».

ويرى محللون أنه إذا قامت الشركة بعملية استحواذ ضخمة على المدى القريب، يمكنها إشراك شركة محتوى. ومع زيادة ارتباط قيمة منتجات شركة «أبل» بالمحتوى والتطبيقات المتاحة لهذه الأجهزة، فسيزيد اهتمام الشركة بمزودي المحتوى، على حد قول المحللين.

قد تكون «نيتفليكس» التي تقدم خدمة تأجير الأفلام على الأجهزة الإلكترونية الشخصية للمستخدمين من الشركات المستهدفة. قد تكون هذه الخدمة المتاحة على جهاز «آي تي في» الذي تنتجه شركة «أبل» مكملة لخدمة «آي تيونز» التي تقدمها شركة «أبل» وتوفر من خلالها آلاف الأفلام والمقاطع المصورة بحسب جيمس كوردويل، المحلل في شركة «أتلانتيك إيكويتيز». ويوضح قائلا: «نظرا لحاجة شركة (أبل) إلى تقديم خدمة منتظمة، فهي بحاجة إلى المزيد من الخدمات التي تقوم على شبكة الإنترنت؛ سواء كانت مقاطع مصورة أو موسيقى أو تطبيقات. سيكون من الرائع شراء «نيتفليكس»، حيث تقدم لهم فرصة الانخراط في مجال استهلاكي ومحرك يدعم جوانب أخرى من عمل الشركة».

بحسب كوردويل، سيكون أي عرض للاستحواذ على شركة «نيتفليكس» مرتفعا، حتى إنه قد يصل إلى نحو 20 مليار دولار، لكن يظل هذا الرقم لا شيء بالنسبة إلى مخزون «أبل» النقدي. ويبلغ نصيب الشركة من السوق حاليا نحو 13.2 مليار دولار.

وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، تم تحويل نحو 60 في المائة من السيولة النقدية لشركة «أبل» إلى الخارج من خلال حسابات مصرفية. يقول بريان مارشال، أحد المحللين في شركة «غليتشر آند كامباني» إن الاستحواذ على شركة «نيتفليكس» كان ممكنا. لكنه قد لا يكون مثيرا للاهتمام بالنسبة إلى شركة «أبل» حيث لا تمتلك «نيتفليكس» حقوق عرض الجزء الأكبر من محتواها.

لكن يوضح مارشال قائلا إن «أبل» يمكنها أن تستهدف عمليات معالجة البيانات من خلال الاستحواذ على شركة مثل «أكامي تكنولوجيز». وتساعد خدمة تقديم المحتوى أعمالا مثل محتوى «أبل» للبث على شبكة الإنترنت وتطبيقات من خلال شبكة خدماتها المتشعبة. ويضيف قائلا: «سوف تساعدهم على استغلال تكنولوجيا الشبكات الخاصة بهم بشكل أفضل وتمنحهم مرونة تشغيل الشبكات كما يتراءى لهم». ويبلغ نصيب شركة «أكامي» من السوق 7.6 مليار دولار.

وقال محللون في مقابلات إن الاستحواذ على موقع الـ«فيس بوك» لا يزال احتمالا بعيدا. على الرغم من إبداء جوبز اهتمام الشركة بالمواقع الاجتماعية، حيث أطلق مؤخرا «بينغ»، وهي مجموعة تتمحور حول الموسيقى، سوف يكون من الصعب تقبل هذا الاستحواذ حتى بالنسبة إلى شركة «أبل».

ما زال تداول أسهم موقع «فيس بوك»، الذي حقق 1.5 مليار دولار في دورة تمويل بقيادة «غولدمان ساكس» قيمتها 50 مليار دولار في الأسواق الثانوية مرتفعا، حيث بلغت قيمة التداول 70 مليار دولار. من جهة أخرى، قالت شركة «سامسونغ إلكترونيكس» الكورية الجنوبية، أمس الجمعة، إنها رفعت دعاوى قضائية على شركة «أبل» زاعمة أن جهازي «آي فون» و«آي باد» اللذين تنتجهما الشركة الأميركية ينتهكان براءات اختراعها.

تأتي الخطوة بعد أن تقدمت «أبل» بشكوى أمام محكمة ولاية كاليفورنيا ضد ثاني أكبر منتج للهواتف الجوالة في الخامس عشر من أبريل (نيسان) الحالي، بدعوى أن منتجات «غالاكسي» للشركة الكورية الجنوبية قريبة الشبه جدا من حيث التصميم بأجهزتها الجوالة.

وقال بيان للشركة إن «(سامسونغ) ترد بشكل فعال على الإجراء القانوني المتخذ ضدنا من أجل حماية ملكيتنا الفكرية».

وقالت «سامسونغ» إنها رفعت دعاوى أمام المحاكم في كوريا الجنوبية لمزاعم بانتهاك خمس براءات اختراع. كما ذكرت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية أن الشركة تقدمت بشكاوى أمام المحاكم في اليابان وألمانيا لانتهاك خمس براءات اختراع.

وقالت «يونهاب» إن اتهامات «سامسونغ» تردد أنها ستركز على تكنولوجيا الاتصالات بالأجهزة.

وتشمل شكاوى «أبل» انتهاك علاماتها التجارية ومواصفات المظهر المادي للمنتج التي تشير إلى خصائص مظهر المنتج التي يمكن أن تدلل على مصدره للمستهلكين.

وطالبت «أبل» «سامسونغ» بالتوقف عن النسخ المزعوم لتصميماتها ودفع تعويضات عن تلك الأضرار.

من جانب آخر قال عدة أشخاص مطلعين على خطط شركتي «أبل» و«غوغل» إن شركة «أبل» أتمت العمل على خدمة تخزين الموسيقى على الإنترنت ومن المتوقع أن تدشنها قبل شركة «غوغل» التي توقفت مجهوداتها في الموسيقى. وبحسب «رويترز» قال اثنان من المطلعين طلبا عدم الكشف عن اسميهما؛ لأن المحادثات لا تزال سرية، إن خطط «أبل» ستسمح لعملاء «آي تيونز» بتخزين جميع أغانيهم على خادم بعيد ثم الوصول إليها من أي مكان تتوافر فيه خدمة اتصال عبر الإنترنت. وقالت ثلاثة مصادر إن أبل مصنعة «آي فون» و«آي بود» ذوي الشعبية الكاسحة لم توقع أي ترخيص جديد للخدمة، وتأمل أسماء تجارية موسيقية كبرى في الحصول على صفقات قبل تدشين الخدمة.

وقالوا إن «أبل» لم تطلع شركاءها الموسيقيين عن الموعد التي تعتزم فيه تقديم خزانتها الموسيقية. ورفض متحدث باسم «أبل» التعليق.