ماذا يحدث؟

علي المزيد

TT

حدث انهيار كبير في سوق الأسهم السعودية مطلع 2006، ولم يحتج عقلاء السوق على هذا الانهيار الذي رأوه مبررا بحكم ارتفاع الأسعار، وعدم مناسبة العائد للسعر السوقي، وارتفاع مكرر الأرباح، ووجود فرصة بديلة تتمثل في سوق العقار الذي كان عائده أفضل من عائد سوق الأسهم في حينه، وأنا أتكلم عن عائد الإيجار الذي بلغ نحو 12 في المائة، في حين بلغ عائد السوق واحدا في المائة.

وأعطت المؤشرات أن الأراضي البيضاء رخصت أسعارها وأنها تتجه للارتفاع مقابل أسعار أسهم تضخمت وأصبحت في طريقها للتصحيح، وفعلا صححت. تراجعت السوق من 21 ألف نقطة لنحو 4.2 ألف نقطة، مما جعل الأسعار مغرية للشراء، مرت بنا ظروف مختلفة أهمها الأزمة المالية العالمية، مما كان معه التراجع مبررا، في الوقت الذي صعدت فيه سوق العقارات مما يجعل القراءة صحيحة. ومن المعروف أن سوق الأسهم تتحرك وفق عاملين: عامل خارجي وله علاقة بالاقتصاد الكلي، وفي السعودية الاقتصاد الكلي في أفضل حالاته، فأسعار النفط بلغت أسعارا تاريخية لدرجة تدخل المنتجين بزيادة الإنتاج، مما يدلل على رضاهم عن الأسعار.

وفي السعودية، الدولة هي المنفق الرئيسي، وقد أعلنت ميزانية ضخمة عن العام الحالي وأتبعتها بزيادة نحو 50 في المائة عبر مراسيم ملكية ذهبت لمصلحة المواطن مما زاد السيولة. كذلك تخلت البنوك عن حذرها في الإقراض.

العامل الثاني المؤثر في السوق، داخلي ويتعلق بأرباح الشركات مقارنة بأسعار أسهمها في السوق وسعر الفائدة وغير ذلك من العوامل، وجميعها إيجابي، وقد أظهرت نتائج الربع الأول عن العام الحالي تحسنا في أرباح السوق، لا سيما في الشركات الكبرى وعلى رأسها «سابك»، التي حققت 7.7 مليار ريال وهي أرباح تاريخية، ومع ذلك لم ترتفع السوق سوى بشكل طفيف، إذن ما الذي يحدث؟ سيقول البعض إن السبب يعود للعوامل السياسية السائدة في المنطقة العربية، وأنا لا أقلل من هذا العامل المهم، ولكني أعتقد أنه وعلى أهميته أصبح التعايش معه ممكنا.

ولكن يبدو لي أن المتعاملين باتوا حذرين بعد أن جربوا هبوط 2006 واكتسبوا خبرة منه، وكذلك اعتمدوا توزيع السلة مهما كثرت المغريات، خروج كثير من المضاربين الوسط والصغار، ودخول المستثمرين طويلي الأمد، مما يجعل السوق تصعد ولكن بتدرج خلال الفترة المقبلة ووفق نتائج الشركات، وهذا في ظني على الأقل.

* كاتب اقتصادي