الجاسر: ربط الريال السعودي بالدولار قرار «اقتصادي صرف» ساعد المؤسسات على تقليل المخاطر

أكد أن معدل كفاية المصارف السعودية يتراوح بين 17 و22%

د. محمد الجاسر (رويترز)
TT

كشف الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي عن تراجع معدلات التضخم السنوي في السعودية من 11.1 في المائة خلال شهر يوليو (تموز) لعام 2008 إلى نحو 4.7 في المائة في شهر مارس (آذار) العام الحالي، متوقعا أن تسهم الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في زيادة المعروض من المساكن، الأمر الذي من شأنه أن يقلل الضغوط التضخمية الناجمة عن الإيجارات مستقبلا. جاء ذلك خلال كلمته أمس في حفل انطلاق فعالية تأسيس العمادة في جامعة عفت بجدة.

وأشار الجاسر إلى تبني مؤسسة النقد العربي السعودي لسياسة نقدية تهدف إلى تحقيق الاستقرار النقدي وتوفير متطلبات التنمية من التمويل ضمن بيئة يرى أنها تميزت باستقرار الأسعار وسعر صرف الريال، مبينا أن متوسط ارتفاع الأسعار السنوي منذ عام 1981 وحتى 2006 لم يتجاوز 0.5 في المائة.

وأكد على أن ارتفاع مستوى الأسعار الذي شهدته السعودية خلال السنوات الأربع الماضية عائد إلى عوامل لا علاقة لها بالسياسة النقدية، وإنما كان نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، فضلا عن أن أسعار العقارات والإيجارات جاءت بسبب تباطؤ الاستثمار في هذا المجال.

وأضاف: «إن سعر صرف الريال مقابل الدولار بقي مستقرا منذ نحو 25 عاما، وقد حاز على ثقة المتعاملين من مستثمرين ومستوردين ومصدّرين كونه استطاع أن يحميهم من مخاطر تقلبات سعر الصرف»، مفيدا بأن قرار ربط سعر صرف الريال بالدولار مبني على مصالح اقتصادية صرفه.

وأرجع سبب نجاح ذلك القرار إلى أن تسعير النفط يتم بالدولار، إلى جانب تسعيرات الجزء الأكبر من واردات السعودية، وهو ما جعل تلك السياسة تساعد في توفير الاستقرار للمستثمرين في منطقة تجري بها التدفقات المالية غالبا بالدولار، مشيرا إلى أن الثقة في ذلك الربط تساعد الشركات والمؤسسات الاقتصادية والمصارف المحلية في الحصول على الاقتراض الخارجي بتكلفة فاعلة وفارق مخاطر أقل.

ولفت محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن استخدام زيادة تكلفة التمويل الحقيقية للحد من التضخم لا يتماشى مع السعودية، حيث إن نسبة الائتمان المصرفي إلى الناتج المحلي الإجمالي تعد في مستوى منخفض عند 84 في المائة، إلى جانب أنه لا يمكن للسياسة النقدية وحدها معالجة التضخم الناجم عن صدمات العرض والتي من ضمنها التضخم في أسعار الغذاء والإيجار.

وأبان أن معدل كفاية رأسمال المصارف في السعودية وفقا لمعيار بازل الثاني يتراوح ما بين 17 و22 في المائة، والذي اعتبره يفوق كثيرا الموصى به وهو 8.0% في المائة، موضحا وجود العديد من اللوائح والقواعد المنظمة للعمل المصرفي بما في ذلك لوائح حوكمة الشركات وقواعد التدقيق الداخلي والخارجي، وغيرها من الأنظمة والتعليمات الهادفة إلى تعزيز وحماية النظام المصرفي والمالي.

وزاد: « أثبتت الأزمة المالية العالمية الأخيرة نجاعة السياسة الحصيفة التي اتبعتها مؤسسة النقد العربي السعودي، خصوصا أن المصارف السعودية ونظامها المالي استطاعت أن تعبر تلك الأزمة بأقل الأضرار» - حسب قوله -.

جاء ذلك خلال انطلاق فعالية احتفالية تأسيس العمادة في جامعة عفت بجدة والتي ألقى فيها كلمته يوم أمس، وذلك برعاية الأميرة لولوة الفيصل نائبة رئيس مجلس الأمناء والمشرف العام على جامعة عفت، حيث تهدف تلك الاحتفالية إلى التركيز على دور عمادة الدراسات العليا والبحث العلمي في تنمية المجتمع من خلال التعليم الأكاديمي العالي والاستشارات والبحوث وبرامج خدمة المجتمع، ودورها في إنتاج برامج دراسات عليا متميزة من ضمنها برنامج الماجستير التنفيذي في الإدارة المالية الإسلامية الذي ينبثق من كرسي الشيخ طارق الجفالي للمالية والصيرفة الإسلامية.

وهنا، علّق الدكتور محمد الجاسر قائلا: «إن إطلاق هذا البرنامج يأتي في وقت تتزايد فيه حاجة المؤسسات المالية والمصرفية إلى مختصين في ذلك المجال مع تزايد الطلب على الخدمات المصرفية غير المتعارضة مع الشريعة الإسلامية»، مؤكدا على أن القطاع المالي سيستفيد من مخرجات ذلك البرنامج الذي يتوقع أن يركز على النواحي العملية كونه يستهدف حاجة السوق المحلية لمثل هذا التخصص.

واستطرد بالقول: «تجاوز عدد طلاب وطالبات التعليم العام الماضي 6 ملايين طالب وطالبة، في حين بلغ عدد المسجلين في مؤسسات التعليم العالي نحو 707 آلاف طالب وطالبة، فضلا عن ارتفاع عدد الجامعات الحكومية إلى 23 جامعة بعد أن كانت لا تتجاوز 7 جامعات»، مبينا أن عدد الطلبة المبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي وصل لنحو 120 ألفا.

واعتبر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أن تلك الأعداد من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في تنمية الموارد البشرية وتهيئتها لتحمل مسؤولية قيادة عجلة التنمية في السعودية، مشددا على ضرورة مواتية سوق العمل لاستيعاب تلك الإعداد في بيئة تنافسية ترعى وتكافئ المنتج وتحاسب المقصر.

من جهته، أكد الأمير تركي الفيصل في كلمته ممثلا عن مجلس الأمناء خلال الاحتفالية على أن تأسيس هذه العمادة له دور كبير في تلبية احتياجات التطوير الأكاديمي والمهني لمنسوبات الجامعة وللمجتمع بشكل عام، إضافة إلى أنها عامل فاعل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لجامعة عفت والتي تهدف إلى تحقيق رؤية القيادة في تشجيع المجتمع المعرفي من خلال البحث العلمي والتطوير الأكاديمي المهني في كافة القطاعات للمساهمة في نقل الدولة إلى مصاف الدول المتقدمة.

وشهدت الاحتفالية أيضا مشاركة الدكتور محمد عزمي عمر عميد معهد المالية والصيرفة الإسلامية بالجامعة الإسلامية في ماليزيا، وذلك ضمن كلمة تناول فيها محور التجربة الماليزية الناجحة في المالية والمصرفية الإسلامية، فضلا عن الاتجاهات الحالية البحثية بماليزيا في مجال الأعمال المصرفية والتمويل الإسلامي، ودور المؤسسات الأكاديمية في دعم الاقتصاد الوطني والعالمي عن طريق تقديم برامج دراسات عليا وأبحاث في هذا المجال.