مسؤول مصرفي: عمليات «غسل الأموال» في العالم تزيد على 3 تريليونات دولار سنويا

تعادل 5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي

«المركزي اللبناني» شدد الرقابة على الصرافات والنقد في لبنان (أ.ب)
TT

دعا مصرفيون وضباط التزام معنيون بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى التحوط من تسرب الأموال الملوثة إلى الاقتصادات العربية، نظرا لما تلحقه من أضرار كبيرة بسمعة الدول والمؤسسات المالية والخطط التنموية. وأكدوا أهمية إبعاد الأموال القذرة عن المصارف والحفاظ على سمعة عملائها وسلامة ودائعهم. وقدر رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزيف طربيه حجم الأموال المغسولة سنويا بما لا يقل عن 5% من إجمالي الناتج العالمي و8% من حجم التجارة الدولية، وبما يقارب 3 تريليونات دولار سنويا، وهذه الصناعة تحتل المرتبة الثالثة عالميا من حيث الحجم بعد تداول العملات وتصنيع السيارات. ورد توسع ظاهرة غسل الأموال إلى «تنامي العولمة وانفتاح الأسواق وتداخل الاقتصادات العالمية وسهولة التحويلات المالية، فيما ظهر الفساد في عالم الاقتصاد وأخذ أشكالا متنوعة من الرشوة والاختلاس والتزوير والمتاجرة بالمخدرات وبالرقيق الأبيض، وتوسعت مصادر واستعمالات الأموال غير المشروعة لتشمل كافة أنواع الجرائم المعاقب عليها قانونا من قتل وإرهاب، والتهرب الضريبي واستغلال الوظائف والمناصب والتجسس والاتجار بالسلع الفاسدة والمحرّمة والتزوير في النقود والوثائق والعلامات التجارية، وغير ذلك من النشاطات المحرّمة التي تجري عادة في الظل، وتعرف باقتصاد الظل أو الاقتصاد الأسود، وتلتقي كلها على قاسم مشترك وهو كسب الأموال من مصادر غير مشروعة، وسعي المستفيدين من هذه الأموال إلى إخفاء مصدرها الحرام وإدخالها ضمن النظام المصرفي لإضفاء الشرعية والقانونية عليها».

وأشار، أمام مندوبين من وزارة الخزانة الأميركية ومصارف عربية يشاركون في منتدى دولي لمكافحة غسل الأموال تستضيفه بيروت لمدة يومين، إلى الجهود العالمية المنسقة والمنظمة لمكافحة الأموال غير المشروعة التي يشارك فيها أعداد متزايدة من الدول والتنظيمات والمؤسسات العامة كما الخاصة في مختلف أنحاء العالم. وتزداد كفاءة هذه الجهات في الأداء، وفي تطوير أساليب العمل ومناهجه من خلال «مجموعة العمل المالي الدولي». واعتبر «أن المصلحة العامة تقضي بحفظ القطاع المصرفي العربي من العمليات غير المشروعة من خلال دراسة أعمق للمخاطر ووضع سياسات رقابية أكثر تشددا وتعاون وثيق بين المؤسسات المالية والدولة. فاقتصاد الجريمة لا يمكن الاعتماد عليه كبديل أو حتى كرديف للاقتصاد الشرعي في التأسيس لأي نمو داخلي أو إقليمي بالنسبة للمنطقة العربية، وحسنا فعلت الدول العربية في تجهيز إطارها المالي بقوانين وتشريعات تحصن مؤسساتها المصرفية من شبهة إمكانية استخدامها في عمليات غسل الأموال الجارية على الساحة الدولية».

من جهته، اعتبر حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة أن «البلدان كافة عرضة لعمليات غسل (تبييض) أموال وتمويل إرهاب، وبالتالي فإن التحدي الكبير في هذا المجال هو في إيجاد الوسائل الناجعة للمساعدة على كشف هذه العمليات والحد من تطورها وانتشارها باعتبار أن غاسلي الأموال وممولي الإرهاب في سعي دائم للبحث عن البلدان التي لا تتوفر لديها أنظمة حماية فعالة حيث يسهل خرقها دون إثارة أي شكوك أو تساؤلات». وأكد أن «لبنان يعمل على تطوير أنظمته القانونية كافة وتعزيز مكامن الضعف في التشريعات المطبقة بالإضافة إلى سن القوانين الضرورية وإصدار الأنظمة التطبيقية والتعاميم. وقام مصرف لبنان مؤخرا باقتراح مشروع لتعديل القانون رقم 318 لجهة إضافة جرم تمويل الإرهاب إلى جرم غسل الأموال، وتوسيع لائحة الجرائم التي ينتج عن ارتكابها أموال غير مشروعة، واعتبار جريمة غسل الأموال مستقلة ولا تستلزم إدانة المشتبه فيه بجرم أصلي». وأشار إلى أن مصرف لبنان بصدد تعديل التعميم المتعلق بشحن الأوراق النقدية الأجنبية من وإلى لبنان لجهة فرض شروط إضافية على المؤسسات الخاضعة لرقابته التي تقوم بعمليات الشحن، منها ضرورة الإعلام مسبقا عن رغبتها بذلك وضرورة تعيين «ضابط امتثال» لمراقبة تقيد المؤسسة المعنية بالقوانين والأنظمة والتوجيهات الصادرة عن المصرف ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة. كما يعمل البنك المركزي حاليا على إصدار مجموعة من التعاميم الوسيطة تتعلق بآلية عمل مؤسسات الصرافة العاملة في لبنان وذلك حفاظا على سمعة هذا القطاع ومنعا لاستعماله منفذا لتمرير عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب».