مصر: الغرامات المالية تؤرق المواطنين وتلامس طبقات واسعة في البلاد

خبراء: الهدف منها زيادة إيرادات الحكومة للوفاء بالتزاماتها

أكد رئيس شركة الكهرباء السعودية أن الوضع في الصيف مطمئن من خلال قدرة شركته (تصوير: خالد الخميس)
TT

زادت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية من فرض غرامات كبيرة، مما أثار سخط المواطنين، واصفين تلك الغرامات بـ«الجباية» التي تسعى الحكومة إلى جمعها من المواطنين لتسد عجز ميزانيتها. وتبحث الحكومة المصرية عن موارد لسد عجز موازنتها التي توقع وزير المالية سمير رضوان أن تصل إلى 9% خلال العام المالي الحالي المنتهي في يونيو (حزيران)، على أن تصل إلى 10% خلال العام المالي القادم.

ويرى خبراء أن الغرامات التي بدأت تفرضها الهيئات الحكومية الآن على المواطنين، بمثابة أداة لزيادة الإيرادات في الوقت الذي تعاني فيه أغلب القطاعات تراجع عجلة الإنتاج ونقصا في الإيرادات، الأمر الذي أثر بشكل كبير على فئات عريضة من المجتمع. وتضررت العائدات الحكومية بشدة نتيجة انهيار السياحة والاستثمارات الأجنبية عقب اندلاع الاحتجاجات في مصر، كما قدر رضوان أن اقتصاد البلاد انكمش سبعة في المائة بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار). الأزمة الحالية يلامسها بشكل أكبر الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، إلا أنه في الفترة القادمة قد تتسع الدائرة لتضم فئات أخرى، فربما تلجأ الحكومة خلال الفترة القادمة لفرض ضرائب تصاعدية أو زيادة الضريبة الحالية لسد العجز لديها كما تقول «بسنت فهمي»، مستشار بنك «البركة» المصرفي لـ«الشرق الأوسط». وقالت فهمي إن الحكومة لا تستطيع سد العجز لديها في الوقت الحالي إلا من خلال زيادة إيراداتها من الضرائب أو الاعتماد على بعض الموارد الداخلية مثل الصناديق الخاصة التي تعتمد مواردها على الدمغات والرسوم التي تحصلها الهيئات الحكومية. وأشارت إلى أن البنوك لا تستطيع الآن الوفاء بمتطلبات الدولة من أذون الخزانة، وقالت: «كل فائض السيولة لدى البنوك المصرية مستثمر حاليا في أذون الخزانة، وهو ما يمثل عائقا أمام البنوك في منح ائتمان جديد للمستثمرين». ودعا وزير المالية المصري سمير رضوان المصريين في الخارج للاستثمار في أذون الخزانة، واصفا إياها «بالوعاء الاستثماري الجيد والمربح»، وترى بسنت أن تلك الدعوى بمثابة جذب رؤوس أموال جديدة لإقراض مصر، بعد أن عجزت البنوك على تمويل عجز موازنة الدولة. وقالت بسنت إن المؤسسات الدولية قد تتردد في إقراض مصر في الوقت الحالي، فالاتفاقات الدولية للتمويل تتطلب وجود هيكل حكومي كامل ومستقر، ولا تصلح حكومة انتقالية للتصديق على اتفاقيات تمويل كبيرة، لأنها غير ممثلة للشعب. وقال مسؤول بصندوق النقد الدولي أمس الأربعاء إن مصر أشارت إلى حاجتها لما بين 10 و12 مليار دولار لسد فجوة تمويلية، لكنها لم تطلب رسميا بعد الحصول على قرض من الصندوق. وقال مسعود أحمد، مدير الصندوق لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لـ«رويترز»: «ما نعرفه في هذه المرحلة هو أن السلطات المصرية أشارت إلى وجود فجوة تمويلية بواقع 10 (مليارات) إلى 12 مليار دولار.. تحليلنا ينبئ بأن هذا صحيح على الأرجح».

واتسعت دائرة الأزمة في مصر إلى أن أصبحت تمس أغلب المواطنين، فأضرب عدد كبير من سائقي مركبات النقل الخاصة (السرفيس) اعتراضا على المخالفات الكبيرة التي فرضتها عليهم إدارة المرور، مما أعاق حركة المرور في البلاد، التي يعتمد أغلب مواطنيها على سيارات السرفيس في تنقلاتهم. وقال أحد السائقين المضربين عن العمل إن احتجاجهم «نتيجة للمخالفات المرورية التي جاوزت ثمن سياراتنا، يبدو أن الحكومة تحتاج إلى إيرادات إضافية لتعويض تراجع إيراداتها». وأشار السائقون المضربون إلى أن «التقديرات الجزافية التي تفرضها إدارة المرور يجب أن يوضع لها حد حتى لا نتضرر، وألا يكون عملنا يهدف لتسديد الغرامات». وفي الوقت نفسه، تعاني العديد من المصانع توقف عجلة الإنتاج بسبب تراجع الاستهلاك الداخلي والخارجي، فمصانع السيراميك تعاني كثيرا الاضطرابات في الخارج والداخل وهو ما أدى تخفيض إنتاجها، أما المشكلة الأكبر في قطاع الصناعة المصرية فتتمثل في صناعة الغزل والنسيج المصرية التي تعاني بشكل حاد نقص السلع الأولية المتمثلة في الغزول إلى جانب إغراق السوق بالغزول المستوردة، وهو ما هدد تلك المصانع بإغلاقها، وتشريد العمالة بها. وقال أحد صناع الغزل لـ«الشرق الأوسط»، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن تأخر الحكومة في اتخاذ إجراءات لحماية تلك المصانع ليس لها سوى مبرر واحد، وهو المحافظة على إيرادات الدولة المتمثلة في رسوم استيراد الغزول من الخارج، ورسوم تصديرها إلى الخارج، وأضاف: «ليس لدينا سوى وقت قصير جدا حتى تنهار تلك الصناعة الذي يعمل بها مئات الآلاف من المصريين». والتقى أعضاء الجمعية التعاونية لأصحاب مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى مع وزير التجارة والصناعة أمس لحل أوضاعهم التي وصفوها بالمأساوية، ليعرضوا عليه مطالبهم التي تحافظ على عجلة الإنتاج.