مقترح قانون أميركي لتنظيم سوق المشتقات المالية

حجم السوق 600 تريليون دولار.. وتسبب في الأزمة المالية

جانب من التداولات في بورصة نيويورك («الشرق الأوسط»)
TT

اقترحت لجنة تداول عقود السلع الآجلة في هيئة الأوراق المالية الأميركية، أمس، قواعد جديدة لتنظيم سوق المشتقات المالية، التي تقدر قيمتها بنحو 600 تريليون دولار. وستجبر صناديق التحوط والشركات الأخرى التي تتاجر في منتجات غير شفافة على زيادة احتياطي رأس المال، على أمل تقليل المخاطر وتفادي حدوث كوارث مالية مثل تلك التي ضربت العالم عام 2008. كما أصدرت اللجنة أيضا توضيحا طال انتظاره عن أنواع تعاقدات المشتقات التي ستخضع للقواعد الجديدة.

وتشهد سوق المشتقات في أميركا، التي تبلغ قيمتها 600 تريليون دولار، عملية ترويض بطيئة منذ صدور قانون «دود - فرانك» للإصلاح المالي في سبتمبر (أيلول) الماضي. ومعلوم أن سوق المشتقات المالية تتم المتاجرة فيها دون تسجيل الصفقات، ولا تحكمها قواعد محددة.

وتستهدف القواعد الجديدة الخاصة برأس المال على نطاق واسع، نحو 200 متداول في تجارة المقايضات المالية (الرهانات في السوق الآجلة على حركة الأسعار والفائدة)، وهي تجارة يتم أغلبها على المكشوف. ويستهدف المقترح تنظيم عمل شركات السمسرة ومؤسسات التداول الكبيرة التي تعمل في مجال الطاقة وكيانات تابعة لـ«وول ستريت» ترتب الصفقات في الأسواق الآجلة. وستطبق خطة اللجنة أيضا على صناديق التحوط وشركات أخرى لديها وضع كبير في مقايضات مالية، وهي عقود مشتقات مرتبطة بقيمة السلع أو معدلات الفائدة أو أوراق الرهن العقاري المالية.

ونسبت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس إلى غاري غينسلر، رئيس اللجنة، قوله إن القواعد الجديدة ستساعد على حماية الشركات وغيرها من المشاركين في السوق. لكنه شكك في قوة الشروط، قائلا خلال اجتماع علني للجنة يوم الأربعاء إن مبعث قلقه أن المقترح متساهل للغاية. وقد وافق مسؤولون آخرون يدعون لإجراء إصلاح مالي، غينسلر، وأكدوا على هذه المخاوف يوم الأربعاء. وعلى الرغم من الجدل المثار، فقد صوت أربعة في مقابل شخص واحد داخل اللجنة لصالح طرح المقترح لنقاش عام على مدار 60 يوما. ومن المتوقع التصويت على الصورة النهائية لهذه القواعد بحلول الخريف. وصوّت سكوت أوماليا، أحد مفوضين اثنين من الحزب الجمهوري داخل اللجنة، ضد الخطة. وفي هذه الأثناء قدم مشرعون جمهوريون مسودات قوانين داخل الكونغرس بهدف تأجيل أو إعاقة شروط رأس المال وغيرها من قواعد اللجنة.

وتنبع القواعد المقترحة من قانون «دود - فرانك» الذي تم تفعيله العام الماضي. ويسمح القانون بفحص تداول الرهونات المالية في تداولات السوق الآجلة، وهو قطاع لا يخضع لأطر تنظيمية وكان في قلب الأزمة المالية. وقد اقترحت اللجنة على مدار العام الماضي عشرات من القواعد التنظيمية الجديدة الخاصة بالمشتقات، بما في ذلك خطة تشترط تداول الكثير من عقود المقايضات المالية ببورصات لها قواعد تنظيمية. لكن على مدار أشهر رفضت اللجنة أن تحدد أنواع المقايضات المالية التي ستخضع للقواعد الجديدة، وتسبب ذلك في إثارة الرعب لدى لاعبين داخل السوق يرغبون في نوع من الوضوح في ما يتعلق بنطاق الفحص. ويوم الأربعاء، قالت اللجنة إن تحديدها سيغطي معظم المقايضات المالية المعروفة، فيما يعفي منتجات تأمين وتعاملات مالية خاصة بالمستهلكين.

وجاء توضيح اللجنة بالتعاون مع لجنة الأوراق المالية والبورصة، التي تشترك في الإشراف على سوق المقايضات المالية. وصوتت لجنة الأوراق المالية والبورصة يوم الأربعاء بالإجماع على مقترح التحديد. ومن المتوقع أن يساعد مقترح لجنة السلع المنفصل، والذي يؤكد على وجود احتياطي رأسمال بقطاع المشتقات، على منع تكرار الانهيار المالي الذي حدث عام 2008، بحسب ما يقوله منظمون.

وفي الفترة السابقة للأزمة، قام مستثمرون بشراء مقايضات ائتمان متعثرة تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات كضمان لأوراق مالية مدعومة بالرهن العقاري تحفها المخاطر. وعندما ساء وضع الرهون العقارية المدرجة، لم يكن لدى مجموعة «إيه آي جي» للتأمين وشركات أخرى باعت المقايضات المالية رأس مال يكفي للوفاء بهذه الاتفاقات.

ووفق خطة اللجنة الجديدة، سيكون على هذه الشركات تخصيص أموال نقدية كافية لتغطية أي أزمات غير متوقعة. وحتى وقت قريب لم تكن لدى المنظمين سلطات كافية لوضع أي قواعد بهذه السوق المحفوف بالمخاطر، بيد أنه لا يوجد ضمان بأن مستويات رأس المال الأكبر ستحول دون وقوع كوارث مستقبلية. ولا يوجد مستوى معين من رأس المال يرى المنظمون فيه حلا لكل المشكلات. وستقوم الشركات المختلفة باستخدام أنواع مختلفة من رأس المال للوفاء بالمتطلبات. وسيكون على المتداولين في المقايضات المالية وشركات التداول الكبرى المسجلة بالفعل لدى اللجنة كسماسرة عقود آجلة إبقاء 20 مليون دولار على الأقل في ما يطلق عليه صافي رأس المال المعدل. وسيكون على مجموعة أخرى من الشركات الإبقاء على «صافي أسهم ملموسة» تصل قيمتها إلى 20 مليون دولار. وسيسمح هذا المعيار لشركات الطاقة، على سبيل المثال، بحساب النفط داخل الأرض كجزء من احتياجاتها النقدية. ويرى البعض تساهلا في هذا الشرط. ويقول دينيس كيلر، رئيس «بتر ماركتس»: «لا يقلل ذلك الأمر من المخاطر بالقدر الكافي. وبدلا من ذلك، يجب على اللجنة أن تدرس تطبيق معيارا أعلى، مثل الأصول السائلة، لمنع حدوث مشكلة، مثل مشكلة مجموعة (إيه آي جي) مرة أخرى».