مهنة التقييم.. الشورى يتدخل

سعود الأحمد*

TT

تواجه المشاريع التنظيمية في الدول النامية معضلة البطء في تنفيذها لأسباب، من أهمها صعوبة التنسيق والاتصال بين الجهات المعنية. رغم وجود وسائل وتقنيات الاتصال الحديثة والخطوات المتقدمة في مجال الحكومة الإلكترونية. إلى درجة أن القرارات التنظيمية عندما تصدر، نجدها بحاجة إلى إعادة تكييف لكي تتواكب مع الوضع الراهن. وبالنظر إلى أن الجهة الاستشارية صاحبة القرار النهائي تكون في كثير من الأحيان بعيدة عن الممارسة الفعلية على أرض الواقع، ناهيك عن أثر بعدها عن فحوى وماهية كل مادة من مواد النظام!.

وحول موضوع تنظيم مهنة التقييم، الذي طال انتظاره. لعلي أذكر بالندوة التي عقدت بفندق الإنتركونتيننتال في مدينة الرياض يوم الأربعاء 30/6/2004 بعنوان «ندوة تطوير وتنظيم مهنة التقييم في المملكة العربية السعودية»، التي نظمها مكتب «الراشد مستشارون ومحاسبون قانونيون» وتحت إشراف «المجلس الاقتصادي الأعلى».. وبالنظر إلى أن النظام ما زال يتداول ويتدارس طيلة هذه المدة، فإنني أطرح سؤالا: هل بيئة مهنة التقييم السعودية اليوم، هي نفسها التي كانت يوم أن أعدت مسودات أنظمة ولوائح تنظيم المهنة؟!. وكم من الأحداث والمستجدات حصلت مما يؤثر على مهنة التقييم؟!.

وأهمية التعجيل تنبع من الضرر الحاصل من حالة العشوائية التي تعيشها مهنة التقييم، ومنها تقييم العقارات في السوق السعودية. آخذين بالاعتبار حجم القطاع العقاري، الذي يعد الثاني في المملكة بعد قطاع النفط ومشتقاته. وحاجة البنوك لجهات معول عليها لتقييم الأصول العقارية المقدمة للرهن. وما يقيم منها لبيعه على حساب المقترضين والمتعثرين عن السداد والمفلسين. كما أن واقع الحال يؤكد أننا نواجه مشكلة حقيقية، تتمثل في عدم عدالة في تقييم أصول بعض الشركات التي تطرح للاكتتاب العام، وهناك شركات ومؤسسات عائلية قائمة تتأهب هذه الأيام لطرح أسهمها للاكتتاب العام. كما أن غياب نظام التقييم يتسبب في طرح أسهم شركات لتعرض للاكتتاب العام بأسعار مضخمة، وبعد أن تتداول في سوق الأسهم تنهار لتصل إلى أسعار بخسة نسبة لأسعار الاكتتاب، ومنها ما يوقف طرحه قبل أيام بسبب تضخيم أسعار أقيام!. وهذه الأوضاع المشاهدة تؤثر تأثيرا سلبيا على الاقتصاد السعودي، والسبب الحقيقي وراء ذلك يكمن في تأخر صدور هذا النظام؟!.

وفي هذا السياق.. أود التعليق على خبر نشرته جريدة «الاقتصادية» الأسبوع الماضي مفاده أن الشورى يدرس إنشاء هيئة للمثمنين العقاريين ترخص للعاملين في السوق، وأطرح سؤالا: لماذا لم نسمع ومنذ سبعة أعوام مضت عن خطوات تطور نظام مهنة التقييم؟!. وأخص بالمسؤولية المعنيين بالمجلس الاقتصادي الأعلى والمختصين بهيئة سوق المال السعودية!. فنحن نعرف أن النظام يتداول بين أكثر من جهة معنية، ومنها هيئة الخبراء ومجلس الشورى. وهذه يبدو أنها من أهم مسببات تأخر التنظيمات. لأن كل جهة تحتاج لدراسة كل مادة في النظام. ثم تكتب رأيها في خطابات متبادلة بين هذه الجهات الحكومية. وكلنا يعلم ما يحتاجه «روتين» دورة المعاملات في الجهات الرسمية من وقت وجهد معظمه غير مبرر!.

وختاما.. فإن الخبر المنشور يتحدث عن تدخل مجلس الشورى بصفته جهة استشارية ومصدرة للأنظمة، وعليه فإن المرجو أن هذا التدخل لا يتسبب في تأخر صدور النظام.. نظرا لحاجة بيئة العمل الماسة إلى استعجال صدور هذا النظام.

* كاتب ومحلل مالي