الملياردير الأميركي بافت يعترف بخطئه ويتبنى لهجة أكثر حدة في قضية سوكول

بعد أن تبين شراؤه أسهما في «لوبريزول» قبل ترشيح الشركة إلى «بيركشاير»

TT

وجه الملياردير الأميركي وارن بافت انتقادات حادة يوم السبت الماضي، لديفيد سوكول، الموظف السابق والبارز بشركة «بيركشاير هاثاواي»، قائلا إن سوكول قد انتهك سياسة المضاربة للشركة، ووصف الإجراءات التي اتخذها سوكول بـ«غير المبررة ولا يمكن العفو عنها».

وفي كلمة أمام الآلاف من المستثمرين في الاجتماع السنوي للمستثمرين في شركة «بيركشاير»، تحدث بافت لمدة طويلة وعلى العلن للمرة الأولى بشأن الخلاف مع سوكول، الذي استقال من «بيركشاير» قبل شهر بعد أن تبين أنه اشترى أسهما في شركة «لوبريزول» للمواد الكيميائية قبل ترشيح الشركة إلى بافت باعتبارها هدفا لعملية استحواذ محتملة. وقال بافت «لا أعتقد أن هناك أي شك في أن ذلك أمر لا يغتفر. لقد انتهك أخلاقيات الأعمال، وانتهك قواعد التداول الداخلية، وانتهك المبادئ التي أضعها كل عامين».

ومنذ الكشف عما فعله سوكول قبل شهر، أجرت «بيركشاير» ما وصفتها بأنها تحقيقات أكثر شمولية في هذه المسألة، ووجدت الكثير من الأدلة التي وصفها بافت بأنها «بالغة السوء»، والتي تمت إحالتها إلى لجنة الأوراق المالية والصرف.

وفي بيان له الأسبوع الماضي، قال محامي سوكول، الذي كان رئيسا لشركة «ميد أميركان إنيرجي هولدنغ» إن موكله «لن يضارب في المستقبل ولم يضارب في الماضي بشكل غير صحيح»، ولم ينتهك سياسات شركة «بيركشاير».

ورغم ذلك، اعترف بافت (80 عاما) بأنه أخطأ في عدم طرح المزيد من الأسئلة على سوكول حول استثماره في شركة «لوبريزول»، لا سيما أن سوكول كان يعرض الشركة على أنها استحواذ محتمل. وأضاف «من الواضح أنني ارتكبت خطأ كبيرا عندما لم أقل (حسنا) متى قمت بشرائها».

وقال بافت إنه شعر بالقلق لأول مرة إزاء صفقة شركة «لوبريزول» بعد محادثة له مع جون فرويند، الذي يعمل بشركة «سيتي غروب» ووسيط شركة «بيركشاير» منذ فترة طويلة، والذي ذكر دور بنك الاستثمار في تسليط الضوء على الشركة الكيميائية ولفت انتباه سوكول إليها باعتبارها صفقة استحواذ محتملة لشركة «بيركشاير»، وهو ما جعل شركة «بيركشاير» وشركتها القانونية بالخارج تبدأ في سلسلة من الاستعلامات عن هذا الأمر. وأضفت السحابة التي كانت تخيم على شركة «بيركشاير» في أعقاب رحيل سوكول مزيدا من الجدية إلى الاجتماع السنوي، الذي كان في معظم السنوات عبارة عن احتفال مرح بالنجاح الثابت والمذهل للمجموعة.

وفي وقت سابق من ذلك اليوم، كان هناك الكثير من الأشياء التقليدية التي تتم خلال اجتماعات حملة أسهم شركة «بيركشاير»، حيث قام بافت بجولة في معارض مركز «كويست»، بما فيها تلك التي أقامتها شركات «بيرلينغتون نورثرن سانتا» و«سييز كاندي» و«ديري كوين»، والمملوكة جميعها لشركة «بيركشاير». وكان هناك أكثر من 100 مساهم ومصور موجودين بالقرب من رئيس شركة «بيركشاير»، مع محاولة المارة للحصول على صورة لهم بالقرب من بافت.

وخلال التوقف عند كشك «جوستين براندس» الذي يبيع أحذية رعاة البقر، كان في استقبال بافت أربعة من جامعة نبراسكا يهتفون له.

وبينما ركزت معظم أسئلة الصحافيين، بما في ذلك صحافي من صحيفة «نيويورك تايمز»، على المسألة المتعلقة بسوكول، ركز المساهمون على أسئلة أوسع نطاقا حول استراتيجية الاستثمار والأداء في شركة «بيركشاير».

ومن أكثر الأشياء التي أثارت قلق المساهمين كان أداء أعمال إعادة التأمين، والتي تعد المحرك الأساسي للربح بشركة بيركشاير. وأضاف السيد بافت «نظرا للكوارث الطبيعية التي وقعت هذا العام، بما في ذلك الزلازل في اليابان ونيوزيلندا والأعاصير الأخيرة التي اجتاحت الجنوب، من المرجح أن تتكبد عمليات التأمين بشركة (بيركشاير) خسائر هذا العام».

ومع ذلك، تمثل قضية سوكول التحدي الأكبر لسمعة الملياردير بافت، منذ أن قام بإنقاذ شركة «سالومون براذرز» قبل 20 عاما عندما تعرض بنك الاستثمار لفضيحة سندات التداول. وقد أسفر إنقاذ شركة سالومون من مأزقها المالي عن واحد من أوضح وأقسى التصريحات المتعلقة بأخلاقيات الأعمال عندما قال بافت «سأتفهم الوضع عند خسارة المال، لكني لن أكون رحيما عند فقدان ذرة من سمعة الشركة».

لكن عند الكشف عن عملية المضاربة التي قام بها سوكول الشهر الماضي، كتب بافت في خطاب علني أنه لم يكن يري الإجراءات التي اتخذها سوكول غير قانونية، وتعرض رد فعله الضعيف لانتقادات على نطاق واسع لكونه وديعا ولطيفا للغاية.

يوم الأربعاء الماضي، اتخذ مجلس إدارة شركة «بيركشاير» موقفا أكثر صرامة، عندما اتهم سوكول بأنه كان ينوي خداع وتضليل بافت، وكتب المديرون تقريرا مطولا أنهم كانوا يدرسون رفع دعوى قضائية ضد سوكول، وكانوا يتعاونون بشكل كامل مع المنظمين. ويقول المطلعون على هذا الشأن إن لجنة الأوراق المالية والصرف تقوم بالفعل بدراسة هذا الموضوع.

ويوم السبت الماضي، وعلى الرغم من أنه كان قاسيا في تقييمه للأعمال التجارية لسوكول، فقد هاجم مجلس الإدارة سوكول شخصيا وبحدة، بدلا من إلقاء الضوء على سنوات الخدمة التي قضاها سوكول وأدائه الجيد في العمل.

وحسب تصريحات رئيسه السابق، رفض سوكول 12.5 مليون دولار على سبيل التعويض، وطلب بدلا من ذلك إعطاءها لمن يليه في الدرجة الوظيفية في شركة «ميد أميركان إنيرجي»، وهي وحدة تابعة لشركة «بيركشاير هاثاواي». وتساءل بافت بصوت عال «ما الذي يدفع من يرفض 12.5 مليون دولار لعمل مضاربة غير لائقة بعد عقد من الزمان حتى يحصل على 3 ملايين دولار؟».

واعترف بافت بأن أول تصريح له بشأن رحيل سوكول ربما جاء داعما لمساعده السابق، وأضاف «أعتقد أن ما يزعج بعض الناس هو أنه لم يكن هناك شعور كبير بالغضب في البيان الصحافي. أنا أشعر بالذنب لذلك، لكن هذا الزميل قدم الكثير من الأشياء الجيدة».

وقال كل من بافت وتشارلز مونغر، شريكه في العمل منذ فترة طويلة ونائب رئيس شركة «بيركشاير»، إن مجلس الإدارة قد رفع تقريره عن سوكول، وقدمت الشركة أكثر من دليل إلى لجنة الأوراق المالية والصرف، ووفرت مالا للشركة لأنها لم تقم بفصله من العمل. وقال مونغر، مدافعا عن البيان الصحافي لشركة «بيركشاير»: «أشعر وكأنك لا تريد اتخاذ قرارات مهمة في وقت الغضب. يمكنك دائما القول للمرء أن يذهب إلى الجحيم غدا».

وفي خطاب استقالته قال سوكول إنه لم يطمح أبدا إلى خلافة بافت، وترك الباب مفتوحا للتساؤل مرة أخرى حول من سيرأس شركة «بيركشاير». وكان بافت غامضا في خططه، إلا إذا أصبح ابنه (هوارد) في نهاية المطاف هو رئيس شركة «بيركشاير» لكن من دون أجر. وفي ما يتعلق بمن سيصبح المدير التنفيذي في نهاية المطاف، قال بافت لأحد المساهمين «سأضع الكثير من المال لأضمن أنه سيكون مستقيما كالسهم».

وفي وقت لاحق أثناء الاجتماع، أشاد بافت مرارا بمرشح وافر الحظ وهو اجيت جاين، رئيس عمليات إعادة التأمين في شركة بيركشاير، الذي وصفه بافت بأنه موال بشكل استثنائي، وأنه يملك عقلا «مثل الآلة».

* خدمة «نيويورك تايمز»