توجه سعودي لاستخدام الطاقة الشمسية لتغطية 10% من الاستهلاك الكهربائي

ضمن خطتها لإنفاق 100 مليار دولار لتلبية زيادة الطلب على الكهرباء

TT

في الوقت الذي تسجل فيه دول المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط نموا اقتصاديا متواصلا، يعتقد أن الحاجة باتت ملحة لإنتاج المزيد من الطاقة الكهربائية للمحافظة على معدل النمو الاقتصادي في المنطقة والبالغ نحو 10 في المائة سنويا.

وبما أن إنتاج الطاقة الكهربائية بات يكلف المزيد من النفط والغاز الطبيعي اللذين يعدان مصدرين مهمين للاقتصاد، برزت الحاجة إلى ضرورة إيجاد بديل لإنتاج الطاقة الكهربائية يعزز من الحضور الاقتصادي ويخفض الاعتماد على الموارد الطبيعية، التي قد تتسبب في حال استنزافها في استخدام الطاقة الكهربائية في النضوب في مدة تتراوح ما بين 50 و100 عام.

ويرجح الخبراء أهمية استخدام مصدر «الشمس» لإنتاج الطاقة، وبحسب تقرير صادر من وزارة المياه والكهرباء السعودية، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه فإن منطقة الخليج تقع في قلب ما يسمى الحزام الشمسي، حيث إن مستوى سطوع الشمس يتراوح بين 1400 و1800 ساعة في السنة، مما يعد من مستويات السطوع الشمسية العالية حسب المقاييس العالمية.

وقال التقرير إنه بقدر ما يمكن أن تسببه الشمس من خلال أشعتها ذات السطوع العالي من ارتفاع في درجة الحرارة خلال الصيف، بشكل يسبب القلق والضيق، ويرغم على استخدام وسائل التكييف التي تستنزف قدرا هائلا من الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها بحرق المزيد من النفط والغاز، إلا أن هذه الأشعة والسطوع تحمل أيضا نعمة عظيمة تتمثل في الطاقة الشمسية التي لو استغلت وابتكرت التقنيات المناسبة لاستثمارها لكسب منها ما يمكن أن يقلل بقدر كبير من هدر ذلك المخزون من الطاقات الأحفورية (النفط والغاز) الذي تجمع على مدى ملايين السنين.

ويتوقع أن تولد «الطاقة الشمسية» أكثر من 5 غيغاواط من الطاقة في السعودية بحلول عام 2020، ويشكل السعي إلى استخدام الطاقة الشمسية جزءا مهما من جهود المملكة المستمرة لاستهداف الطاقة المتجددة ضمن خطتها لإنفاق 100 مليار دولار بهدف تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب على الكهرباء وتخفيض الاعتماد على النفط الخام.

ويتوقع أن يبلغ الطلب على الطاقة ذروته عند 120 غيغاواط في عام 2012 معززا بعدة عوامل رئيسية مثل وجود قاعدة صناعية متنامية ومتنوعة للغاية والتي تساهم بـ61.9 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للمملكة والنمو السكاني المطرد الذي يتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2032.

وتشير التقارير أيضا إلى أن الطلب على الكهرباء في المملكة في ازدياد مستمر، حيث وصل إلى 40 غيغاواط في عام 2010، ويتوقع أن يبلغ 120 غيغاواط في عام 2032.

وتتطلع السعودية إلى تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية من خلال الطاقة الشمسية وغيرها من المصادر غير الهيدروكربونية (غير النفطية) كخيارات استراتيجية تهدف لتعزيز حجم الطاقة المولدة بنسبة 50 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة.

وتقود مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية حاليا مبادرات الطاقة الشمسية وذلك بهدف افتتاح أكبر محطة لتحلية المياه في العالم تعمل بالطاقة الشمسية بحلول عام 2012 في مدينة الخفجي، التي ستورد عند اكتمالها، 30 ألف متر مكعب من المياه النظيفة يوميا، مستخدمة تكنولوجيا الأغشية المطورة حديثا وتكنولوجيا الفولتية الضوئية فائقة التركيز.

وسيعرض «المعرض السعودي للطاقة 2011»، المعرض الدولي الرابع عشر للكهرباء والإنارة وتوليد الطاقة وتقنية المياه والتكييف والتهوية، الذي ينطلق في 29 مايو (أيار) الحالي وحتى 1 يونيو (حزيران) المقبل في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، أحدث المعدات والخدمات وأفضل الممارسات المساعدة في إيجاد الحلول الفعالة لمواجهة التحديات المرتقبة في مجال الطاقة. وقال محمد الحسيني، نائب مدير عام شركة «معارض الرياض المحدودة»: «تبذل الجهود في المملكة حاليا لإيجاد بدائل مختلفة تمكن المملكة من زيادة توليد الطاقة لتلبية الطلب المتزايد».

ويوفر «المعرض السعودي للطاقة» الذي تنظمه وزارة الكهرباء والمياه السعودية تجمعا استراتيجيا لعرض الحلول الرئيسية المتعلقة بالطاقة، وتعد دورة هذا العام حدثا رئيسيا للأطراف المعنية من كافة المجالات المرتبطة بقطاع الطاقة بغية بناء العلاقات التجارية والاستفادة من الفرص التجارية وفرص تعزيز المبيعات في المملكة وكافة أنحاء الشرق الأوسط.

وسيضم «المعرض السعودي للطاقة 2011» كلا من «المعرض السعودي للكهرباء»، المعرض الدولي الرابع عشر للهندسة الكهربائية وتوليد وتوزيع الطاقة و«المعرض السعودي للإنارة 2011»، المعرض الدولي الحادي عشر لمعدات الإنارة و«المعرض السعودي للتكييف والتهوية»، المعرض الدولي الثاني عشر للتكييف والتدفئة والتهوية والتبريد و«المعرض السعودي لتقنيات المياه»، المعرض الدولي التاسع لتقنيات المياه ومحطات التحلية ولوازمها. كما يعقد «منتدى ومعرض كفاءة وترشيد استهلاك الكهرباء» بالتزامن مع المعرض برعاية المهندس عبد الله بن عبد الرحمن الحصين وزير المياه والكهرباء.

وقال تقرير وزارة المياه والكهرباء إنه على الرغم من الجهود السابقة فإننا ما زال هناك حاجة ماسة وبدرجة كبيرة في العالم العربي للأبحاث والاستثمار في مجال استخدام الطاقة الشمسية في التكييف، باستخدام نظام التبريد بالامتصاص، حيث يمكن استخدام الطاقة الشمسية كمصدر حراري لهذا النظام للانتفاع منها في منازل المناطق النائية والمزارع والبيوت المحمية الزراعية، التي يمكن أن تدمج فيها تقنيات كهرضوئية تمكن مع تزامن شدة الإشعاع الشمسي والارتفاع العالي لدرجة الحرارة من تشغيل نظام تكييف امتصاصي يمكن من تبريد تلك البيوت المحمية عند درجات حرارة مناسبة للنباتات.

كما أن هناك دراسات أخرى لنظام توزيع الألواح الشمسية على أسطح المنازل، بتكلفة إنشائية منخفضة نسبة إلى الوفرة التي تنتج عن تخفيض فاتورة الكهرباء، وقد برزت فكرة متميزة في دولة جنوب أفريقيا، حيث قامت إحدى الشركات هناك بمشروع لتأجير الألواح الشمسية المنتجة للكهرباء ودفع إيجارها من خلال استقطاعه من فاتورة الكهرباء الشهرية.

وفي إحصائية نشرتها الشركة في نهاية عام 2008، أشارت إلى أنها تخدم نحو 2700 مستهلك للكهرباء، بالإضافة إلى خفض ما يقارب من 250 مليون كيلوغرام من غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو أو بما يعادل إيقاف 63 ألف سيارة من السير لمدة عام كامل.

وبين التقرير أنه رغم أن المؤشرات على عائد الاستثمار في الطاقة الشمسية فإن دراسات الجدوى الاقتصادية، أشار بعضها إلى أن الوصول إلى أقصى سعة لتوليد طاقة كهربائية من أشعة الشمس يقدر بـ7 غيغاواط، والمتوقع أن تكفي استهلاك السعودية بنسبة 10 في المائة مع تزايد الطلب المتوقع حتى عام 2020، وهو ما يدعو إلى مزيد من البحث لدراسة الجدوى من ذلك في ظل التكاليف الإنشائية لمثل هذا المشروع الضخم، وكم سيحقق من الوفرة المادية وما يقابل ذلك من توفير النفط بدلا من حرقه في توليد الكهرباء إضافة إلى الحصول على طاقة نظيفة وصديقة للبيئة. ويشترك كل من القطاعين العام والخاص في أهمية الاستثمار في الطاقة الشمسية عبر الجهات الأكاديمية والبحثية والتشريعية من جهة والمستثمرين لنقل وتوطين تقنيات الانتفاع من طاقة الشمس من جهة أخرى، فالجهات الأكاديمية والبحثية تعمل من أجل تجاوز الصعوبات التقنية، فيما تضع الجهات التشريعية التنظيمات والحوافز الاستثمارية للدخول في هذا المضمار، وعلى القطاع الخاص الشروع والدخول بقوة في الاستفادة من هذه الفرصة الثمينة والاستثمار في سوق الطاقة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي. ويأتي تنظيم وزارة المياه والكهرباء لمنتدى ومعرض كفاءة الكهرباء وترشيد استخدامها ليركز على الطاقة الشمسية في أحد محاوره الرئيسية، ويستعرض ويناقش التجارب العالمية والمحلية في مجال استغلال هذه الطاقة الحيوية المهمة والاستفادة منها، وذلك بمعرفة ماهية الوضع الراهن لاستخدامات تلك الطاقة والسبل المتاحة والخطط المستقبلية للاستثمار فيها، ومناقشة مخرجاتها الاقتصادية ومدى جدوى الاستثمار فيها مما يسهم في تنمية الاقتصاد الوطني السعودي واستدامته.