احتياطي النقد الأجنبي المصري يفقد ملياري دولار في شهر

وسط مطالبة شركات قطاع الأعمال العام بضخ استثمارات جديدة

TT

في الوقت الذي تظهر فيه المؤشرات الاقتصادية التي تعلنها الحكومة المصرية مدى التأثر السلبي الشديد للبلاد بعد ثورة 25 يناير، تطالب شركات قطاع الأعمال العام التابعة للدولة بضخ استثمارات جديدة بها لكي تساعدها على نمو أعمالها وتحقيق أرباح، مع اتجاه إحدى الشركات التابعة لطرح جزء من حصتها للاكتتاب العام وضخ حصيلته لدعم نشاط الشركة.

وفقدت مصر نحو ملياري دولار من احتياطي النقد الأجنبي لديها خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، ليصل إلى 28 مليار دولار وهو أدنى مستوى له منذ أربع سنوات تقريبا. وقالت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني إن مصر الأكثر تأثرا بالاضطرابات السياسية مقارنة بتونس والبحرين، متوقعة أن تخفف المساعدات المالية الخارجية من وطأة التداعيات الاقتصادية، وأن تتراوح معدلات النمو خلال العام المالي الجاري، الذي ينتهي في يونيو (حزيران) القادم، بين 2 إلى 3%.

ومن المتوقع أن يصل عجز الموازنة خلال العام المالي القادم إلى 10% بحسب تصريحات وزير المالية المصري سمير رضوان، في ظل تراجع إيرادات الدولة وتراجع معدلات النمو.

وتدرس إحدى الشركات القابضة التابعة للقطاع طرح جزء من حصتها في أسهم إحدى الشركات التابعة للاكتتاب في البورصة وضخ حصيلته لدعم استثمارات الشركة لزيادة إيراداتها. وقال عادل الموزي المسؤول عن شركات قطاع الأعمال العام إنه أخبر رئيس مجلس الوزراء المصري عصام شرف أن شركات قطاع الأعمال العام تحتاج إلى استثمارات جديدة لكي تدر أرباحا.

وكان من المقرر خلال العام المالي الجاري ضخ نحو 6.7 مليار جنيه (1.1 مليار دولار) في تلك الشركات بهدف زيادة إيرادات نشاطها لتصل إلى 63.8 مليار جنيه.

وقال الموزي خلال اجتماع الجمعية العمومية للشركة القابضة للكيماويات إن شركات قطاع الأعمال العام تحتاج إلى استثمارات جديدة لكي تستطع مزاولة نشاطها وتحقيق أرباح خلال الفترة القادمة، مشيرا إلى أنه يدرس حاليا إمكانية طرح 30% من حصة الشركة القابضة للكيماويات في الشركة القومية للأسمنت بالبورصة المصرية خلال الفترة القادمة، لاستخدام حصيلة هذا الطرح في ضخ استثمارات جديدة بالشركة.

وأضاف: «لا توجد نية لخصخصة أي من الشركات الحكومية، فالاستراتيجية القائمة الآن هي تحسين وضع الشركات وإعادة هيكلة الشركات الخاسرة، لتحويلها إلى شركات رابحة».

وتولى عادل الموزي مسؤولية شركات قطاع الأعمال العام في مارس (آذار) الماضي، بعد أن كان يشغل رئيس «الشركة القابضة للكيماويات»، وكانت حكومة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور نظيف قد عدلت طريقة خصخصة تلك الشركات لتقتصر فقط على طرح جزء منها في سوق الأوراق المالية.

وتعاني الحكومة المصرية خلال العام الجاري، من تراجع معدلات النمو، وانخفاض إيرادات قطاعات رئيسية مثل السياحة، وهو الأمر الذي أثر بشكل مباشر على عجز موازنة الدولة الذي من المتوقع أن تكون في حدود 9%، كما أعلن وزير المالية المصري عن احتياج بلاده لنحو ملياري دولار قبل نهاية العام المالي الجاري. ووضعت حكومة النظام السابق استراتيجية لوصول أرباح شركات قطاع الأعمال العام البالغ عددها 147 شركة بنهاية العام المالي الجاري إلى 5.5 مليار جنيه، حققت الشركات ارتفاعا في صافي أرباحها (بعد خصم خسائر الشركات الخاسرة) خلال العام المالي 2009/2010 بنسبة 18% لتصل إلى 4.6 مليار جنيه مقارنة بصافي ربح 3.9 مليار جنيه عن عام المقارنة 2008/2009، وبلغ عدد الشركات الرابحة 104 شركات عن العام المالي 2009/2010، وكان من المتوقع أن تصل إلى 121 شركة خلال العام المالي الحالي.

وانتهت وزارة الاستثمار أثناء تولي محمود محيي الدين (يعمل حاليا مديرا بالبنك الدولي) مسؤولياتها خلال العام الماضي من خطة تطوير تلك الشركات من خلال سداد جميع مديونياته المستحقة لدى البنوك، عبر ثلاث مراحل، بعد أن كانت تتحمل نحو 3 مليارات جنيه سنويا عبارة عن أعباء وفوائد.

ويعاني عدد من شركات قطاع الأعمال العام من مشكلات كبرى خاصة تلك التي تعمل في مجال الغزل والنسيج التي تضم الشريحة العظمى من العمالة بالقطاع، وشهدت عدة شركات تابعة للقطاع مظاهرات فئوية، أثرت على معدلات الإنتاج بشكل كبير. وقال وائل النحاس الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» إن الوقت الحالي غير مناسب لضخ استثمارات في شركات حكومية، فالدولة لديها أعباء إنفاق كبيرة مع تراجع الإيرادات بسبب الاضطرابات الحالية، وتواجه مشكلة في سد عجز الموازنة التي تواجهها خلال العام المالي الجاري والقادم.

وأضاف أن ضخ استثمارات في شركات قطاع الأعمال العام يعتبر خطوة جيدة، ولكن تلك الخطوة تفتقد رؤية استراتيجية كاملة. وتابع: «شركات قطاع الأعمال العام أغلبها شركات صناعية، تستطيع الحكومة من خلالها ضبط الأسعار في السوق، ولكن يجب أن يتم وضع ذلك ضمن رؤية استراتيجية كاملة لمصر على المدى الطويل».

وأشار النحاس إلى أن الحكومة الحالية قد تضيف أعباء إضافية على تلك الشركات في حالة إقرار الحد الأدنى للأجور، وتقليص حجم دعمها للطاقة، وفي تلك الحالة قد تضيع أي مخصصات مالية إضافية تقدمها الحكومة لشركات قطاع الأعمال العام، في بنود إضافية في ميزانية تلك الشركات.