المخطط المغربي للإقلاع الصناعي يحقق نجاحات على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية

خلق 17 ألف وظيفة جديدة منذ إطلاقه في 2009 وقفز بالاستثمارات الفرنسية والإسبانية

TT

ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس في الدار البيضاء الدورة الثانية للمناظرة الوطنية للصناعة، التي خصصت لتقييم حصيلة مخطط «الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي» بعد عامين من انطلاقه.

وكان الميثاق الصناعي قد أطلق في عام 2009 في إطار برنامج تعاقدي بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والتجمع المهني للبنوك المغربية ويتضمن 111 إجراء، وقالت مصادر حكومية إنه حقق نجاحا على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية حيث تم خلق 17 ألف وظيفة، في حين ارتفعت الاستثمارات الإسبانية بنسبة 76 في المائة والفرنسية بنسبة 50 في المائة.

ويهدف هذا المخطط الذي يغطي الفترة من 2009 وحتى 2015، إلى النهوض بالقطاع الصناعي عبر توجيه الاستثمارات نحو الفروع التي يتوافر فيها المغرب على ميزات تنافسية واضحة وقابلة للاستغلال، وعلى رأسها ترحيل الخدمات (الأوفشورينج)، وقطاع السيارات، وقطاع الطيران، الإلكترونيك. كما تضمن المخطط مجموعة من التدابير والإجراءات التي تهدف إلى تقوية تنافسية الصناعات الصغرى والمتوسطة، وتحسين مناخ الأعمال، وتكوين الكفاءات، وتطوير مناطق صناعية من الجيل الجديد، بالإضافة إلى إحداث هيئة مؤسساتية لمواكبة تنفيذ مخطط الإقلاع الصناعي.

ويتوخى المخطط خلق 220 ألف وظيفة في أفق 2015، وزيادة الإنتاج الداخلي الإجمالي خلال الفترة نفسها بقيمة 50 مليار درهم (6.25 مليار دولار)، والرفع من قيمة الصادرات بنحو 95 مليار درهم (12.5 مليار دولار).

وأشار أحمد رضا الشامي وزير الصناعة والتجارة والتقنيات، خلال تقديم حصيلة المخطط، إلى أنه برهن على فعاليته وقوته خلال العامين الأولين من انطلاقه، خاصة أن بداية تنفيذه صادفت أزمة اقتصادية عالمية. وأضاف الشامي أن المخطط المغربي للإقلاع الصناعي يوجد اليوم في وضعية جيدة إذ يستفيد من الانطلاقة الجديدة للاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى الآفاق الواعدة التي تفتحها أمامه الورش الإصلاحية الكبرى التي أطلقها العاهل المغربي، وعلى رأسها مشروع الجهوية الموسعة والإصلاح الدستوري الذي أعلن عنه الملك يوم التاسع من مارس (آذار).

وحول حصيلة تنفيذ المخطط خلال السنة الماضية، أشار الشامي إلى أنه أتاح خلق 17 ألف وظيفة جديد في القطاع الصناعي مقابل 15 ألف وظيفة في المتوسط السنوي بين 2004 و2009. وأتاح المخطط كذلك رفع جاذبية المغرب للاستثمارات الخارجية، إذ ارتفعت الاستثمارات الإسبانية في المغرب خلال العام الماضي بنسبة 76 في المائة والفرنسية بنسبة 50 في المائة.

وعلى مستوى الصادرات بدأ المخطط يعطي ثماره. وعرفت مساهمة المهن الدولية الأربع التي اختارها المغرب في إطار هذا البرنامج تطورا ملحوظا، إذ ارتفعت صادرات قطاع السيارات بـ50 في المائة وصادرات صناعة الطائرات ارتفعت بنسبة 36 في المائة، وصادرات قطاع الصناعات الإلكترونية شهدت زيادة بنسبة 23 في المائة، وارتفعت صادرات قطاع ترحيل الخدمات (الأوفشورينج) بنسبة 27 في المائة. وبلغ حجم صادرات هذه القطاعات الأربعة 35.3 مليار درهم (4.5 مليار دولار) خلال سنة 2010.

كما عرفت القطاعات الصناعية التاريخية للمغرب، خصوصا صناعة النسيج والملابس والصناعات الغذائية، معاودة النمو خلال العام الماضي مع عودة ارتفاع الطلب الدولي بسبب تراجع صادرات الصين نتيجة ارتفاع طلبها الداخلي. وأشار الشامي إلى أن صادرات قطاع النسيج ارتفعت خلال العام الماضي بنسبة 4 في المائة وبلغت 31 مليار درهم (3.9 مليار دولار)، أما صادرات الصناعات الغذائية فارتفعت بنسبة 5 في المائة لتبلغ 17 مليار درهم (2.2 مليار دولار). وقال الشامي إن الحكومة تولي لهذين القطاعين أهمية خاصة اعتبارا لكونهما يشكلان ثلثي عدد الشركات الصناعية في المغرب بالإضافة إلى أهميتهما الكبيرة في مجال العمل. وأضاف الشامي أن حملة الترويج لجلب الاستثمارات الدولية ما زالت متواصلة في فرنسا وإسبانيا، وأنها ستتوسع ابتداء من الأسبوع الثاني من هذا الشهر لتشمل ألمانيا وإيطاليا. كما أشار إلى مواصلة توسيع الشبكة الدولية للوكالة المغربية لتنمية الاستثمار عبر فتح مكاتبها في كل من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة، وعبر عمليات تواصلية مع المستثمرين في كل من البرازيل والهند والصين.

أما بالنسبة إلى المناطق الصناعية المندمجة المقرر إنجازها في إطار المخطط لإيواء الاستثمارات في المهن الدولية للمغرب، وعددها 15 منطقة على مساحة ألفي هكتار، فأشار الشامي إلى أن تسع مناطق من بينها يجري إنجازها في ظروف عادية وضمن الآجال المحددة، فيما عرفت ثلاث مناطق صناعية في الدار البيضاء وفاس وسطات تأخرا كبيرا، وعرفت مناطق صناعية أخرى في ثلاث مدن، هي منطقة النواصر لصناعة الطائرات، ومنطقة طنجة لصناعة السيارات، ومنطقة مراكش للخدمات المرحلة (الأوفشورينج)، تأخرا طفيفا إلى متوسط في إنجازها. كما تم خلق شركة عقارية متخصصة تحت اسم «إميرجانس»، التي ستستثمر في العقارات الصناعية من أجل وضعها رهن إشارة المستثمرين الصناعيين عن طريق الإيجار.

وفي مجال دعم تنافسية المشاريع الصغيرة والمتوسطة أشار الشامي إلى إطلاق صناديق الدعم الحكومية، وعلى رأسها صندوق «امتياز» الذي يمول 20 في المائة من حجم الاستثمار، وصندوق «مساندة» الذي يسمح بتمويل 60 في المائة من تكلفة دراسات تحسين التنافسية. كما تم إطلاق برنامج «إنماء» الموجه للرفع من إنتاجية الشركات الصناعية.

وأضاف الشامي أن كل التدابير الموجهة لدعم الشركات الصغرى والمتوسطة قد تم وضعها حيز التنفيذ من طرف الحكومة، وقال إن المغرب أصبح يتوافر بفضل ميثاق الإقلاع الصناعي على مناخ واضح وجلي للاستثمار في ظل جو من الثقة والطمأنينة والتعاون بين الدولة والقطاع الخاص، وقال إن «سنة 2011 ستشكل لحظة الحقيقة، ويجب أن نظل مركزين على الفعل ومحافظين على التوجه الذي رسمناه مهما كانت العراقيل، ورغم الظرفية الصعبة».