الأمن وارتفاع التكاليف يعرقلان نمو قطاع الاتصالات العراقي

كان من المفترض أن يكون من بين أكثر القطاعات نموا في البلد

TT

كان من المفترض أن يكون قطاع الاتصالات من بين أكثر الصناعات نموا في العراق لكن شركات التشغيل لم تطرح بعد تكنولوجيا الجيل الثالث في سوق يشوش فيه الجيش على شبكات الهاتف الجوال لمنع المسلحين من تنفيذ هجمات بالقنابل. وبحسب تحقيق لـ«رويترز» يعوق ضعف البنية التحتية وارتفاع تكاليف التشغيل والصراعات بين الجهات المنظمة لعمل قطاع الاتصالات والمشكلات الأمنية نمو هذا القطاع في بلد تتباطأ فيه عمليات الإعمار بعد 8 سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والذي أطاح بالرئيس الراحل صدام حسين. ويتمتع العراق بموقع جغرافي متميز في المنطقة يؤهله لأن يكون جسرا مهما للاتصالات يربط الشرق الأوسط بأوروبا وآسيا. لكن الأمن لا يزال أحد أكبر الشواغل في البلاد فيما يقاتل الجيش والشرطة العراقيان حركة مسلحة ضعفت قواها لكنها لا تزال صلبة بينما تستعد القوات الأميركية للانسحاب بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول). ويعتبر التشويش على ترددات الهاتف الجوال وضعف خدمات البيانات مصدر شكاوى متكررة من جانب العراقيين منذ غزو 2003 الذي أطاح بحكم صدام ومهد الطريق لسوق الهواتف الجوالة ورفع القيود على الإنترنت. وتقول شركات الجوال إن عمليات التشويش التي ينفذها الجيش تكلفها ملايين الدولارات لصيانة وتحديث الترددات. وغالبا ما يتطلب إصلاح البنية التحتية التي تعرضت لأضرار بسبب تفجيرات القنابل وقتا طويلا جراء حظر التجول الذي تفرضه السلطات خشية وقوع هجمات أخرى. وأحيانا تضطر الشركات إلى الانتظار حتى ينتهي المسؤولون الأمنيون من التحقيق في الهجوم. كما تغضب شركات الهاتف الجوال والإنترنت من ارتفاع تكلفة كابلات الألياف البصرية والكهرباء والأمن وتقول إن الخلاف بين هيئة الإعلام والاتصالات و«الشركة العامة للاتصالات والبريد» يعرقل النمو. وقال سامان شالي مدير شبكة «كلمات» للاتصالات «نتنافس في مناخ قاس وصعب للغاية خاصة من الناحية الأمنية وأيضا بسبب المشكلات بين هيئة الإعلام والاتصالات و(الشركة العامة للاتصالات والبريد). نحن محاصرون بين الجانبين». وأضاف «نقص الكهرباء يضع عبئا كبيرا على تكاليف جميع شركات التشغيل ليس فقط (كلمات).. جزء كبير من الإيرادات يضيع على ذلك». ولم تكن هناك سوق للجوال في العراق في عهد صدام لكن الصناعة شهدت طفرة هائلة خلال السنوات الثماني الماضية. وهناك نحو 23 مليون مشترك في خدمات الهاتف الجوال وفقا لبيانات هيئة الإعلام والاتصالات. لكن نمو سوق الهاتف الثابت وخدمات الإنترنت تخلفت كثيرا. ويوجد الآن في العراق نحو 1.2 مليون هاتف ثابت لا يعمل من بينها سوى 800 ألف خط فقط وفقا لوزير الاتصالات محمد علاوي. ويبلغ حجم انتشار الإنترنت 3%. وقال علاوي إن الوزارة تسعى إلى تعزيز انتشار الهاتف الأرضي وخدمات الإنترنت إلى 25% في غضون 5 سنوات من خلال مشروع للتطوير بقيمة 3 مليارات دولار.

وخصصت الوزارة 500 مليون دولار لإنفاقها على صناعة الاتصالات هذا العام. إلا أن عدم اليقين بشأن الدور الذي تضطلع به كل من هيئة الإعلام والاتصالات و«الشركة العامة للاتصالات والبريد» في العراق تسبب في إبطاء وتيرة أعمال التطوير الحيوية ومن بين ذلك تأجيل إصدار الرخصة الرابعة لشركات الجوال وطرح الجيل الثالث في السوق المحلية. وقال قاسم الحساني مدير عام «الشركة العامة للاتصالات والبريد»: «المشكلة في القانون. ليس هناك تعريف محدد لأدوارنا». وتأسست هيئة الإعلام والاتصالات في عام 2004 لتنظيم سياسة الحكومة في قطاع الاتصالات لكنها واصلت الاعتماد على التشريعات التي كانت موجودة قبل عام 2003.

ولا يزال قانون جديد في انتظار موافقة البرلمان. وتسيطر «الشركة العامة للاتصالات والبريد» التي تأسست عام 1919 على شبكة الألياف البصرية وتعمل باعتبارها كيانا حكوميا ومشغلا. ودخلت الشركة في علاقات شراكة مع شركات خاصة للمساعدة في تطوير البنية التحتية لكن الشركات تشكو من احتكارها للألياف وتقول إن الأسعار باهظة. وتقول الشركة إنها بحاجة لرأسمال لدفع رواتب موظفيها وعددهم 22 ألفا. وقال مناف صبيح المدير التنفيذي لشركة «أفق السماء» للاتصالات التي وقعت عقدا لمدة 3 سنوات مع «الشركة العامة للاتصالات والبريد» لتجديد الألياف في 2009 «هنا في العرق عن كل ميغا بايت ندفع 700 دولار وهذا فقط للدوائر المحلية وليس الدولية. لكن ليس أمامنا خيار آخر». وتقول «الشركة العامة للاتصالات والبريد» إنه بالمقارنة يتكلف الميغا بايت في أوروبا أو الولايات المتحدة ما بين 50 و80 دولارا. ويقول أحمد العمري عضو مجلس أمناء هيئة الإعلام والاتصال إن من بين أسباب عدم طرح الجيلين الثالث والرابع في السوق العراقية أن شركات التشغيل لا تملك بنية قوية من الألياف. وتستخدم شركات الجوال العراقية الثلاث - «آسياسيل» و«زين» و«كورك» - التي دفع كل منها في 2007 مبلغ 1.25 مليار دولار مقابل الحصول على رخصة للعمل في العراق وصلات ميكروويف بدلا من الألياف وتوجه إليها انتقادات بسبب ضعف تغطيتها. وألقت «زين» باللوم على تشويش الجيش في مشكلات الاستقبال. وبالمقارنة تقول «آسياسي»ل و«زين» إن العمل في منطقة كردستان شبه المستقلة في شمال العراق أسهل وأكثر فاعلية في النفقات لأن خدمات الكهرباء هناك مستقرة كما أن المنطقة تتمتع بشبكة ألياف جيدة وظروف أمنية أفضل من باقي أنحاء البلاد.